قانون الاستثمار الجديد في مصر: مخاطر ضمنية

قانون الاستثمار الجديد في مصر: مخاطر ضمنية

18 يناير 2017
الوضع الاقتصادي المصري غير سليم حالياً (كريس ماكغراث/Getty)
+ الخط -

حذّر برلمانيون مصريون من خطورة تمرير قانون الاستثمار الجديد في صورته الحالية، وفق الامتيازات الواسعة التي منحتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمستثمرين بالمسودة الأخيرة للقانون، الذي يُراجع حالياً بقسم التشريع في مجلس الدولة (جهة قضائية)، تمهيداً لإرساله إلى مجلس النواب لإقراره، خلال مدة لن تتجاوز شهرين على الأكثر.

في هذا السياق، تضمّن مشروع القانون 115 مادة، منحت الحكومة في ثناياها المستثمرين المصريين والأجانب، الكثير من الحوافز والمزايا، بدعوى تحسين مناخ الاستثمار، بما ينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي المتردي. كما حمّل القانون، الدولة المصرية، العديد من الأعباء الإضافية على موازنتها، التي تُعاني في الأساس من عجز غير مسبوق بتاريخ البلاد.

وخصصت اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب ثلاثة اجتماعات متتالية، اليوم الإثنين وغداً الثلاثاء وبعد غد الأربعاء، لمناقشة مواد القانون في حضور ممثلي الحكومة، من دون الانتظار لانتهاء مجلس الدولة من مراجعة مواده، وإرساله بشكل رسمي إلى البرلمان.

في هذا الصدد، أشار وكيل اللجنة، البرلماني عمرو الجوهري، إلى خطورة تقنين تملّك الأجانب للأراضي المصرية في المناطق الاقتصادية الجديدة بقناة السويس وسيناء، بما يسمح بدخول "جنسيات غير مرغوبة" للاستثمار بتلك المناطق الاستراتيجية، دون الاعتبار لما تُشكله من خطورة على الأمن القومي للبلاد.

ونوّه الجوهري، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "القانون يُثقل موازنة الدولة بأعباء مالية ضخمة، في إطار دعم المستثمرين، من جراء تحمّلها كلفة توصيل المرافق إلى المشروعات، وتدريب الأيدي العاملة، وتخصيص أراض بالمجان للصناعات الاستراتيجية، من دون تحديد ماهية تلك الصناعات، ما يفتح باباً خلفياً للفساد، والتربح من وراء القرارات الصادرة في هذا الشأن".

وشدّد على "ضرورة الحد من الصلاحيات الواسعة لرئيس الوزراء في منح المزايا الاقتصادية للمستثمرين، وعدم فتح باب التمييز بين المستثمرين في شأن تسوية المنازعات، إذ ينص القانون على إنشاء لجنة وزارية بقرار من رئيس الحكومة، لتسوية منازعات عقود الاستثمار، واعتماد قراراتها من مجلس الوزراء"، مع العلم بأن حكومة السيسي وضعت الصناعات الخشبية والأثاث على رأس المشروعات التي ستشملها الحوافز الإضافية، الأمر الذي عقب عليه الجوهري بقوله إنه "سيؤثر بالسلب على الصناعة المحلية المزدهرة، ويُخالف توجه الدولة بدعم تلك الصناعات بإنشاء مدينة الأثاث بدمياط الجديدة، المقرر افتتاحها منتصف العام الحالي".



كما انتقد وكيل اللجنة الاقتصادية، منح القانون الحق للمستثمر في استقدام عاملين أجانب بنسبة 20 في المائة من إجمالي عدد العاملين بالمشروع، بما يُحجم العمالة المحلية، ويُزيد من معدلات البطالة، فضلاً عن إلغاء المناطق الحرة الخاصة، وتسريح الآلاف من العاملين المصريين بها، عوضاً عن إحكام الدولة لرقابتها على تلك المناطق، ومنع تهريب البضائع إلى السوق المحلية.

ونصّت المادة (19) من القانون على "حق المستثمر في إنشاء وإقامة وتوسيع المشروع الاستثماري، وتمويله، وتملكه، وإدارته، واستخدامه، والتصرف فيه، وجني أرباحه، وتحويلها إلى الخارج، وتصفية المشروع، وتحويل كل أو بعض ناتج هذه التصفية، دون الإخلال بحقوق الغير". كما نصّت المادة (36) من القانون على أنه يجوز، بقرار من مجلس الوزراء، منح حوافز إضافية لعدد من المشروعات، تتضمن تحمل الدولة قيمة توصيل المرافق إلى الأرض المخصصة للمشروع الاستثماري، وجزءاً من تكلفة التدريب الفني للعاملين، ورد نصف قيمة الأرض المخصصة للمشروعات الصناعية في حالة بدء الإنتاج خلال عامين من تاريخ تسليمها، وتخصيص أراض بالمجان لبعض الصناعات الاستراتيجية (من دون تسميتها).

من جهته، كشف عضو اللجنة، البرلماني حسن علي، في حديثٍ مع"العربي الجديد"، عن أن "إلغاء المناطق الحرة في القانون سيتسبب في إغلاق 223 منطقة صناعية، يعمل بها نحو 73 ألف عامل مصري، تبلغ تكاليف مشروعاتها الاستثمارية نحو عشرة مليارات دولار، مشدداً على ضرورة ربط الحوافز الاستثمارية بدعم الصناعة الوطنية، ورفع معدلات التصدير.

وأضاف أن "اللجنة البرلمانية ستطالب ممثلي الحكومة باستيضاح استبدال نظام الشباك الواحد بالنافذة الواحدة في نص القانون، ومدى التزام الهيئة العامة للاستثمار من عدمه بشأن إنجاز تراخيص مشروعات المستثمرين، والفصل في مشكلاتهم، في ظل النظام الجديد، خصوصاً أن (الشباك الواحد) كان يهدف إلى عدم ذهاب المستثمر لأكثر من جهة لإنهاء التراخيص".

ونوّه علي إلى أن "القانون غير كافٍ لتحسين بيئة الاستثمار، ولكن يلزمه إنجاز عدد من التشريعات المُكملة، في مقدمتها: تأسيس شركات الشخص الواحد، والتخارج من السوق، والإفلاس والتصفية، وعدم فرض تشريعات ضريبية جديدة على المدى القصير، لإحداث حالة من الاستقرار داخل السوق المصرية".

بدوره، لفت أمين سر اللجنة، أحمد فرغل، إلى خطورة نص المادة (53) من القانون، التي تمنح المستثمر "الحق في الحصول على العقارات اللازمة لمباشرة نشاطه، أو التوسع فيه، أياً كانت جنسية الشركاء أو المساهمين أو محل إقامتهم أو نسبة مشاركتهم أو مساهمتهم في رأس المال، وفقاً لأحكام التصرف في العقارات المنصوص عليها في القانون".

وقال فرغل في حديث مع "العربي الجديد"، إن "المادة السابقة تمنح المستثمرين الأجانب حق التملك للعقارات والمباني، دون النظر إلى جنسياتهم، أو نسبة مساهمتهم في رأس المال، ما يفتح الباب لتملّك جنسيات إسرائيلية أو إيرانية أو تركية، واستقدامها نسبة من العمالة من بلدانها، للعمل على داخل مصر، وتقاضي رواتبها بالعملة الصعبة".