"الرئيس المسامح"

"الرئيس المسامح"

01 يناير 2017
يحاول نظام الأسد التنصل من جرائمه بحق السوريين (Getty)
+ الخط -
بعد قتله نحو نصف مليون سوري وتشريد أكثر من ثلثي سكان البلد داخل وخارج سورية، وفرض اتفاقات تهجير بحق مدن ومناطق بهدف تغيير ديمغرافي في بعض المناطق، ظهر رئيس النظام السوري بشار الأسد أخيراً على إحدى قنوات التلفزة الإيطالية ليتحدث عن التسامح بين أبناء الشعب السوري وكأنه ليس من قام بكل هذا الإجرام. إلا أن "الرئيس المسامح"، عاد في نفس اللقاء ليناقض نفسه ويتحدث عن "وجوب القضاء على الإرهاب والإرهابيين" الذين هم غالبية الشعب السوري بحسب تصنيفه. ووفقاً للخطاب الرسمي للنظام ليس فقط من اعترض على النظام أو قام بالثورة ضده هو إرهابي بل حتى الحواضن الشعبية لمن ثار على النظام هي إرهابية، وذلك بحسب تصريح للأسد نفسه.
جاء حديث الأسد عن المسامحة بين أبناء الشعب السوري في الوقت الذي لا تزال كل وسائل إعلامه تصف المعارضة المسلحة بالإرهابيين، وتختصر سورية بشخص بشار الأسد، وفي الوقت الذي لا تزال شبيحته تكتب على سياراتها التي تجوب مناطق سيطرته الأسد أو نحرق البلد، وفي الوقت الذي لا يزال عسكريوه وحتى الإعلاميون الذين يغطون من مناطق سيطرته يظهرون ضمن القطع العسكرية ويتوعدون المناطق المعارضة بالإبادة، في الوقت الذي تشن قواته، بتعاون مع مليشيات حقد طائفية، حرب إبادة على جزء من الشعب السوري الذي يطلب منه المسامحة.
يتحدث الأسد عن المسامحة من دون اعتذار عما ارتكبه من مجازر وكأنه يعيش خارج التاريخ وخارج الأحداث، مسامحة بين أفراد شعب لا يزال يجيّش طائفياً فيما بينه، فيما كان في حديث سابق قد تحدث عن فشل أخلاقي في المجتمع الذي تحول من وجهة نظره إلى مجتمع إرهابي.
إن الشعب السوري شعب متسامح، والتسامح بين أفراد الشعب السوري هو النتيجة التي تسعى الثورة السورية لتحقيقها، لكن التسامح بين أفراد الشعب السوري الذي تسبب الأسد في تقسيمه إلى فئات متقاتلة، يحتاج إلى عدالة تأخذ للضحايا حقوقهم من كل من أجرم بحقهم كي يشعر من ارتكبت بحقه جريمة أنه وصل لجزء من حقه. وبالتالي ليس من حق المجرمين طلب التسامح بين الآخرين، وإنما عليهم أن يخضعوا للعدالة والقصاص على ما ارتكبوه من جرائم بحق الآخرين.