تحركات الجزائر والقاهرة بشأن ليبيا.. اتفاق أم اختلاف؟

تحركات الجزائر والقاهرة بشأن ليبيا.. اتفاق أم اختلاف؟

01 يناير 2017
تحركات حفتر الخارجية تثير شكوكاً (فاسيلي ماكسيموف/فرانس برس)
+ الخط -

مساعٍ حثيثة وحراك نشط على أعلى مستوياته الدبلوماسية تقودها العاصمتان القاهرة والجزائر، لإخراج الوضع السياسي في ليبيا من حالة الجمود التي يعيشها منذ قرابة العام، من خلال لقاءات واتصالات مع قادة الأطراف لتقريب وجهات النظر. لكن أسئلة تبرز في الأفق حول أسباب تحرك العاصمتين المحموم، في الآونة الأخيرة، ومدى القدرة على إقناع الأطراف بالوصول إلى تفاهمات قد تُفضي إلى حلحلة الأزمة.

العديد من المراقبين يرون أن مسار الدولتين على خط الأزمة الليبية يكاد يكون متصادماً تماماً، فبينما تعمل الجزائر على المسار الأمني، معتبرة أن المشكلة في ليبيا أمنية بالدرجة الأولى قبل أن تكون سياسية، تعمل القاهرة على الإيحاء للرأي العام بأن عمق المشكلة سياسي.

من جانب آخر، حرصت الجزائر على عدم إشراك ضباط وقادة مؤسستها العسكرية في جهودها في ليبيا، لكن مساعي القاهرة كشفت- منذ الوهلة الأولى- أنها تسير في اتجاه دعم الخيار العسكري، من خلال دعم حليفها، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بل اختارت رئيس أركانها، محمود حجازي، مسؤولاً عن الملف الليبي.

وبحسب مصادر مقربة من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فإن الجزائر تستعد لاستضافة لقاء يجمع بين رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، وحفتر، بغية مناقشة مبادرة جزائرية تتعلق بجمع الكلمة العسكرية في البلاد.

وقالت المصادر، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن اللقاء الذي سيجري، خلال الأسبوع القادم، في العاصمة الجزائر، لن تكون نتائجه معلنة بكل تأكيد. كما أن الجزائر سلّمت نسخاً من مبادرتها للسراج وحفتر أثناء زيارتيهما لها في الآونة الأخيرة.

وقالت المصادر إن المبادرة قد تنص على "قبول معارضي حفتر بشغله حقيبة الدفاع في حكومة الوفاق، مقابل أن يقبل حفتر بتولي شخصية عسكرية من معارضيه رئاسة أركان الجيش، مما يعني توازن الطرفين دخل المؤسسة العسكرية".

وفي المقابل، يبدو أن القاهرة بدت تشعر بتراجع تأثيرها في ليبيا، فكثفت من مساعيها للقاء ممثلي عدد من الأطراف الليبية، من أبرزهم السراج، الذي زار القاهرة أكثر من مرة. لكن اللافت في حراكها الجديد سعيها إلى الاقتراب من مسؤولي النظام السابق، الذين يقيم عدد كبير منهم في حمايتها، إذ نظمت، الأسبوع قبل الماضي، لقاءً جمع 40 شخصية ليبية، من بينها شخصيات بارزة محسوبة على النظام السابق.



هذا الحراك المحموم واكبه تصريح روسي كشفت من خلاله موسكو عن دعمها لأول مرة لحفتر، شريكها العسكري في ليبيا. فقد دعا نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، الثلاثاء الماضي، إلى ضرورة إشراك حفتر في قيادة البلاد، بعد ساعات من إعلان الدول الغربية الخمس الفاعلة في ليبيا عن تجديد دعمها للمجلس الرئاسي.

وبعيداً عن رغبات ومصالح المجتمع الدولي في ليبيا، اعتبر متابعو الشأن الليبي أن أسباب تحرك الجزائر المفاجئ تتمثل في تحرك "معسكر حفتر" باتجاه الجنوب واقترابه من الحدود الجزائرية.

وأعلن عدد من مسؤولي الجزائر، في وقت سابق، عن رفضهم الحل العسكري، معبّرين عن دعمهم لوصول فرقاء البلاد إلى أي تسوية سياسية من شأنها إنهاء الانقسام والانفلات الأمني.

وبحسب متابعي الشأن الليبي، فإن إبداء الجزائر رغبتها في فتح معبر ايسين على الحدود الليبية الجزائرية، القريب من منطقة غات، أقصى الجنوب الليبي، أثناء زيارة السراج الأخيرة للجزائر، وقيام الأخير بزيارة غات بعد ساعات من وصوله عائدا للجزائر، مؤشر كبير على نية الحد من طموح حفتر، ومن ورائه القاهرة بالطبع، في الوصول اليها.

وغني عن البيان أن الجزائر تدعم الضابط الليبي المنشق، علي كنه، المنحدر من أصول طوارقية جزائرية، الذي أعلن، في مايو/أيار الماضي، عن تكوين غرفة تأمين الجنوب الليبي بمشاركة عدد من ضابط المنطقة وبمباركة عدد من القبائل.

ويبدو أن الجنوب الليبي متجه إلى مزيد من التصعيد العسكري بعد نجاح قوات موالية لحفتر في السيطرة على مواقع عسكرية، من بينها قاعدة براك القريبة من سبها، وشنها عددا من الغارات الجوية على قاعدة الجفرة التي تتخذها كتائب مقربة من وزير دفاع حكومة الوفاق، المهدي البرغثي، ومعارضة لحفتر، مقراً لها.

ويعتبر عدد من مراقبي الشأن الليبي أن حفتر، الذي حوّل طموحه السابق في السيطرة على العاصمة طرابلس إلى الجنوب الليبي، يسعى إلى خلط الأوراق وتأزيم الملف الليبي بشكل أكبر.

وبحسب المراقبين، فإن حفتر يعوّل على إدخال منطقة الجنوب في حالة من الصراع المسلح الذي لن يمكّن أي طرف أو جهة إقليمية أو دولية من الوصول إلى اتفاق معها، بسبب كثرة المجموعات المسلحة فيها واختلاف انتماءاتها.

ومع نهاية عام كامل من الجمود السياسي واستمرار حالة الانقسام التي رافقها مؤخرا بروز مساعٍ حثيثة في الجزائر والقاهرة، يتساءل مراقبون عن دوافعهما الحقيقية وراء دخولهما على خط الأزمة في البلاد. وهل تتفق رؤيتهما لطبيعة الأزمة أم تختلفان؟ وبالتالي يصل الأمر إلى الصدام والتأثير على الأطراف الموالية لهما؟