معركة الدعاية الانتخابية تسبق أوانها في فلسطين

معركة الدعاية الانتخابية تسبق أوانها في فلسطين

09 اغسطس 2016
من تحضيرات الانتخابات البلدية الفلسطينية (أشرف عمرة/الأناضول)
+ الخط -
مبكراً بدأت الدعاية الانتخابية غير الرسمية للانتخابات البلدية في الأراضي الفلسطينية، المقررة في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، رغم أنّ الفصائل التي تعتزم المشاركة فيها، لم تعلن برامجها ولا مرشحيها، ولم تطلق لجنة الانتخابات شرارة الدعاية الانتخابية.


وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، صار الحديث منذ أيام متعلقاً بالانتخابات و"الإنجازات" التي حققتها الأطراف المختلفة. لكنّ البارز في هذه النقاشات صوت طرفي "الانقسام"، حركتي "حماس" و"فتح"، وأعضائهما ومناصريهما، الذين بدؤوا "حرب" الدعاية الانتخابية مبكراً جداً.

ناشطون من "حماس"، أسندوا منشوراتهم الداعية لانتخاب حركتهم بشعارات المقاومة، و"إنجازات" لبلديات القطاع التي تديرها الحركة، مع صور لشوارع القطاع قبل الانقسام وبعده، وأقحموا التنسيق الأمني و"الخيانة" ومواقف الرئيس محمود عباس الرافضة للمقاومة المسلحة في الأمر.

لكنّ ذلك لم يعجب مناصري وأعضاء حركة "فتح"، وآخرين، اعتبروا الاستناد إلى المقاومة ولصقها بالانتخابات المحلية "خداع"، فيما قالوا إنّ الشوارع التي تغيرت معالمها جاءت نتيجة دعم دولي وليس محليا، وأنّ كل الدعم لغزة يمر عبر السلطة الفلسطينية في رام الله.

وبين نموذجي "حماس" و"فتح"، لم يبرز نموذج ثالث حتى الآن يحارب توجهات الطرفين، خصوصاً أنّ هناك إجماعا على أنّ العمل البلدي هو خدمي وليس سياسيا. في المقابل، يغيب صوت الشباب الفاعل، رغم وجود دعوات واضحة لتشكيل مجموعات شبابية قادرة على خوض الانتخابات البلدية واقحام الشباب في هذا المعترك.

ومع هذا الصراع الإعلامي المحموم قبيل الانتخابات، تشير بعض الأطراف إلى إمكانية تأجيل الاستحقاق الانتخابي الأول الذي سيجري بعد 11 عاماً من الانتخابات الأخيرة، رغم تأكيد طرفَي المعادلة الأساسيين إجراء الانتخابات في موعدها.

ويرى مدير مركز "أبحاث المستقبل" في غزة، إبراهيم المدهون، أنّ هناك خطابا شديدا من قبل أطراف الانقسام الفلسطيني المتمثل في حركتي "فتح" و"حماس" ومحاولة التأثير على الشارع الفلسطيني، عبر حملات مختلفة، الهدف منها كسب الجماهير في الانتخابات البلدية.





ويوضح المدهون لـ"العربي الجديد"، أن "حركة فتح تقوم بحملات لتشويه حركة حماس وتحميلها مسؤولية الدمار والحصار، وأنها السبب الرئيس في ذلك وليس الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي تقوم به الأخيرة بتصوير القطاع بمشهد وردي مبالغ فيه".

ويلفت المدهون إلى أنّ "الحملات الشديدة هي صفة أساسية في الانتخابات، في الوقت الذي يتمتع به الشارع الفلسطيني بالوعي الكافي، إلا أن الفلسطينيين منقسمون إلى فئات عدة، فئة لن تنتخب إلا حركة حماس وأخرى ستنتخب حركة فتح، وقاعدة كبيرة ستتأثر بالمستوى الوطني والخدماتي الذي سيعرضه المشاركون بالانتخابات".

وينوه إلى أنّ "الانتخابات البلدية رغم كونها تحمل بعداً خدماتياً إلا أنها ستعطي مدلولات سياسية حول طبيعة المرحلة المقبلة، والتي ستلي إجراء الانتخابات، والتي سيترتب عليها تحوّلات في المشهد السياسي الفلسطيني ككل".

ويستبعد المدهون إمكانية إقدام أي طرف من الأطراف على اتخاذ خطوات من شأنها تأجيل إجراء الانتخابات البلدية، كونها "مطلباً شعبياً سيتحمل الطرف المعطل لإجرائها المسؤولية أمام الشارع الفلسطيني، عن تعطيل المسار الديمقراطي والاستحقاق الغائب منذ 11 عاماً".

غير أنّ الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، يرى أنّ "الانتخابات قد لا تتم بفعل عدم جاهزية حركة فتح الحقيقية للدخول فيها، في الوقت الذي تحولت الانتخابات لصراع فصائلي وحزبي وعدم قدرة الحركة على الدخول والمنافسة في الوقت الحالي، ما قد يتسبب في إعلان تأجيلها إلى موعد آخر".

ويشير عوكل في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "مشاركة فتح كفصيل له استحقاقات كبيرة، لكن الحركة غير جاهزة لخوض سباق الانتخابات البلدية في ظل المناخ السياسي الحالي، الذي يوحي بصعوبة إقامة الانتخابات في موعدها المقرر بأكتوبر المقبل".

ويقول عوكل إنه "يتوجب على الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية أن تدرك حجم الإحباط الذي أصيب به المجتمع الفلسطيني من خلال التجارب الماضية، وحالة فقدان الثقة القائمة بسبب الوضع القائم حالياً وضرورة تغيّر الخطاب الإعلامي".

ويؤكد عوكل على أهمية أن "يكون الخطاب الإعلامي الموجه للشارع الفلسطيني متوافقا مع الطموحات والآمال، وأن يتوافق الخطاب مع السلوك قبل الانتخابات وبعدها، وأن تبذل الفصائل ووسائل الإعلام الفلسطينية جهداً كبيراً لوضع أفق للخطاب الموجه".

ويُنبّه إلى "ضرورة أن تكون خطوة إجراء الانتخابات خطوة تصالحية تعزز من المصالحة الفلسطينية، وألا تعمل على تعزيز الانقسام الفلسطيني المتواصل للعام التاسع على التوالي، وتكريسه بشكل أكبر مما هو عليه، في الوقت الذي تعززت حالة انعدام الثقة بالقيادات السياسية الفلسطينية".

ويدعو عوكل الفصائل الفلسطينية إلى "ضرورة أن تقوم بتغيير خطابها وتنفيذ خطوات حقيقة على الأرض وليس مجرد أقوال لا تجري ترجمتها لأفعال، وأن تبدي الفصائل حرصاً شديداً على تجديد شرعيات البلديات حتى تخترق العزلة وتستطيع تنفيذ مشاريع خدماتية".