النظام السوري يتآكل: أمراء حرب يعتلون عرش دولة متهالكة

النظام السوري يتآكل: أمراء حرب يعتلون عرش دولة متهالكة

01 سبتمبر 2016
النظام جنّد لصوصه (أمير المهيباني/فرانس برس)
+ الخط -
في مقالته المطوّلة في مجلّة "وور اون ذا روكس"؛ يستهل الكاتب، توبياس شنايدر، مداخلته بمقابلة أجراها دافيد ميلر حديثاً لمجلة "فورين بوليسي" مع روبرت مالي، وهو أحد أكثر المستشارين موثوقيّة لدى الرئيس الأميركي. خلال المقابلة، عدّد الأخير "الأولويات المتنافسة" لسياسة الولايات المتحدة تجاه القضية السورية، وهي: تحقيق التوازن بين الضرورات الإنسانية والحفاظ على مؤسسات الدولة، وتجنّب حدوث فراغ في السلطة قد يفضي إلى فوضى عارمة.

يقول الكاتب إنّه خلال السنوات الثلاث الماضية، على وجه التحديد، لم تكن تلك الحجة، المحسوبة بعناية، الدعامة الأساسية لسياسة الولايات المتّحدة تجاه سورية فحسب؛ بل كانت تمثّل أيضاً رواية للكثير من المعلّقين والمحلّلين السياسيين. السؤال المركزيّ الذي يحاول شنادير الإجابة عليه، ضمن هذا النقاش، هو: ما الذي تبقّى حقّاً من "الدولة المركزية السورية"؟

حالة إنكار

بعد الانهيار السريع لقوّاته في إدلب العام الماضي، ألقى الرئيس، بشار الأسد، خطاباً حمل نبرة مجاهرة أكبر، معترفاً أن قوّات النظام المسلّحة كانت تعاني من نقصٍ هائل في القوى البشريّة (المجنّدين)، وسيكون عليها الانسحاب من بعض الجبهات. الصحف أيضاً، كما يقول الكاتب، كانت تنشر تقارير مشابهة، منذ أشهر خلت، عن جهود التجنيد اليائسة في جميع أنحاء البلاد.

ومع نهاية شهر تموز/يوليو، بدا الأسد وكأنّه ينهار تحت وطأة سنوات متراكمة من الاستنزاف والانشقاقات التي ضربت هياكل نظامه الحيوية، حتّى تدخّل الروس والإيرانيون، معاً، سعياً منهما إلى استعادة مقدّرات النظام. وبحلول شباط/فبراير من هذا العام كانا قد نجحا في ذلك، إلى حد كبير، بإقرار محلّلين من داخل وخارج مؤسّسة النظام.

لكن بقدر ما تذهب محاولات تقدير قوّة النظام بعيداً تقف تلك التقديرات أمام أوجه قصور تحليليّة كثيرة، فثمّة مغالاة كبيرة في تقدير أهمّية العدد الحقيقي للجنود في الميدان، وكذلك في قياس مساحة الأرض الخاضعة لسيطرة كلّ طرف من أطراف القتال.

المعادلة بالنسبة لمثل هذا النّمط من التحليلات تسير وفق النّسق التالي: مع انهيار النّظام، تبدأ القوّات العاملة بالانهيار. لكن إذا كانت تجارب بناء الدولة في العراق وأفغانستان قد علّمتنا شيئاً؛ فهو، كما يرى الكاتب، عدم الانخداع بالمظاهر الرسميّة لمؤسسات دولة ضعيفة البنية، فالحرب الأهلية، في جوهرها، هي نزاع حول مبادئ أساسية في حياة المجتمع والمؤسسات التي تشكّله، وعلى هذا النحو؛ فإن الديناميات الداخلية، في قلب مؤسسة الحكم، لا تقلّ أهمّية عن النجاحات العسكرية على الأرض. وبالنظر إلى أنّ سورية لن تخلو من الرجال في سنّ القتال، ولا من الأسلحة الخفيفة، ولا من شاحنات الـ"بيك أب"، كما يجادل شنايدر؛ فمن الحريّ بنا الالتفات إلى الديناميّات الهيكلية التي يقوم عليها الصراع المحتدم منذ خمس سنوات.

في الواقع، بعد خمس سنوات من القتال يمكن القول إن بنية النظام العسكرية اليوم لا تختلف تماماً عن بنية معارضتها المسلّحة، ففي الوقت الذي تحظى فيه بدعمٍ أقوى من هيكل الجيش السوري اللوجستي، والذي لا يزال قائماً؛ إلّا أنّ قوات الحكومة المقاتلة تتكون من مليشيات مذهلة من المقاتلين المحلّيين (شديدي الانتماء)، تسير إلى جانب فصائل مختلفة، ورعاة من الداخل والخارج، وأمراء حرب محلّيين.

لعلّ نظرة واحدة إلى قائمة المليشيات المقاتلة إلى جانب النظام في سورية قد توفّر لنا فكرة عن مرجعيّاتهم المتباينة. ضمن تلك المجموعات؛ ثمّة حفنة صغيرةٌ منها قادرة على القيام بما يمكن أن نطلق عليه "عملاً هجوميّاً". طبيعة هذا التشرذم، في الواقع، تتجاوز بكثير الحدود الطائفية والديموغرافية، فهي نتيجة مباشرة للتفاعل بين الاقتصاد القومي والمحلّي وبين ضغوطات الإدارة. إذن، في حين بدأت شموليّة "الدولة المركزية في سورية" (كما كانت في السابق) بالانكماش فإن الأجزاء المكوّنة لها (سواءً أكانت طائفيّة، أم ريعيّة، أم حتّى "غير متمدّنة")، أخذت تكتسب درجة مذهلة من الاستقلال السياسي والاقتصادي عن دمشق.

في هذا السياق، يجادل الكاتب أنّ نظام الأسد، على عكس ما يدّعيه بعضهم، لم يحقّق نوعاً من "الصفقة الكبيرة" مع قسم كبير من السنّة ساكني المدن في سورية، بل، بدلاً من ذلك؛ عمد إلى ترقية أكثر عناصره وحشيّة إلى السلطة في البلاد، وضاعف بذلك النزعات الطائفية والقبلية، وحتّى عقليّة "قطع الطرق"، في بلد ينهشه الصّراع.

اليوم، وإذ تظهر الخرائط على وسائل الإعلام سيطرة النظام، ظاهريّاً، على معظم المحافظات الغربية فإنّها لا تميّز في الحقيقة أن ثمّة العشرات، أو لربّما المئات، من الإقطاعيات الصغيرة تظلّ موالية اسميّاً للأسد. وفي الواقع، فإن قوّات الأمن الموالية، في معظم أنحاء البلاد، تعمل الآن كمشروع ابتزاز كبير؛ فهي تعدّ، في الوقت نفسه، سبباً ونتيجة لانهيار الدولة على المستوى المحلّي.

النمور وصقور الصحراء

لتفسير ما سبق، يتحدّث الكاتب عن فصيلين يحملان على عاتقيهما أحمال النظام الثقيلة خلال هذه الفترة من الحرب، وهما "صقور الصحراء"، و"النمور"، ويعملان حاليّاً في حلب واللاذقية بشكل رئيسي، وهما، كما المعارضة تماماً، يجمعان تشكيلة غريبة من أمراء الحرب المحلّيين، وفلول النظام، وجماعات دعم خارجيّة في تحالفاتٍ وغرف عمليّات مؤقّتة.

ويقول الكاتب إنّه عند الحديث عن "قوات النمر"، لا بدّ من الإشارة إلى قائدها، سهيل حسّان، الجنديّ المفضل للأسد. حسّان هو ضابط في إدارة المخابرات الجويّة سيّئة السمعة. وإلى جانب ذلك، يقود ما تُعرف على أنّها "القوّة الأكثر نخبويّة" لدى النظام، يُعتقد أيضاً أنّه واحد من مهندسي سياسة "الأرض المحروقة" التي تجسّدها براميل النظام المتفجّرة، وهو يتمتّع بشعبيّة جارفة لدى مؤيّدي النظام.

غير أنّ القصة الحقيقة لقوات النمر أقلّ سحراً من ذلك بكثير، فخلال الأيّام الأولى من الثّورة ضد نظام الأسد نسّق حسّان حملات قمع المتظاهرين في حماة، معتمداً على مجموعات من "البلطجية"، وضباط القوات الجوية، وزعماء قبليين. قوّته كانت تكمن في قدرته على حشد الدعم المحلي بدلاً من الاتكاء على مؤسسات الدولة المتهاوية بالفعل، وقد اكتسبت مجموعاته، مع مرور الوقت، اسم "قوّات النمر".

وفي حين شكّلت تلك الوحدة، في حينها، نواةً أكثر استقراراً من الجنود شبه الدائمين، فإن الموالين لـ"النمر" لا يزالون، اليوم، ينحدرون من مجموعة واسعة من المليشيات والمجرمين والمهربين. عدد كبير من أتباع حسّان باتوا معروفين عبر البلاد بلصوصيّتهم، ونشاطهم التهريبي، وجرائمهم المخالفة للقانون بشكل عام.

علي شلة، على سبيل المثال، هو أحد اللصوص الأقوياء في بلدة تل سحلب، ويتبع مباشرة لقيادة حسّان، وقد وصلت انتهاكاته حدّاً دفع النظام لإلقاء القبض عليه وزجّه في السجن مؤخّراً، لكن ذلك لم يمكث لأيام، وبعدها أطلق سراح شلة وعاد إلى الجبهة.

هذه الحوادث لا ينبغي النظر إليها على أنّها مجرّد اقتتال داخلي على قضايا الفساد فحسب؛ فوفقاً لمقابلات أجراها الكاتب، بات معروفاً، على نطاق واسع، أنّ أتباع حسّان مسؤولون عن عمليات تهريب أسلحة، وبشر، ونفط، لمناطق "داعش"، ومناطق المعارضة كذلك، وهم يقوّضون، بشكل مباشر، المجهود الحربي للنظام، غير أنّ الحكومة لا تملك خياراً إزاء ذلك.

ولعلّ ما يؤكّد هذا الاستنتاج، وفقاً لتقرير حصل عليه الكاتب من "مجلس الأمن الإقليمي للجيش العربي السوري" مؤخّراً، هو أنّه قد تمّ، بالفعل، إلقاء القبض على عصابة شلة وبحوزتها حمولة من الأسلحة المهرّبة مخبّأةً تحت أكياس القمح، وعلى إثر ذلك، انخرطت العصابة في معركة مسلّحة طويلة مع النظام السوري، ولم تتعرّض لأيّ عقوبات. الإجابة على كلّ ذلك واضحة: لا توجد قوّة موالية اليوم لدمشق قويّة بما فيه الكفاية لتضع حدّاً لقطاع الطرق هؤلاء.


تجارة النفط

إلى جانب البقيّة الباقية من قطاع الزراعة، أصبح الاتجار في الوقود، والبنادق، وحتّى البشر، النّمط السائد من النشاط الاقتصادي في معظم أنحاء سورية. هذه التجارة، كما يقول الكاتب، باتت، أيضاً، عملاً مجدياً للمليشيات الموالية، فالجماعات المسلّحة، التي تنضوي تحت راية الأسد ظاهريّاً، قد تعلّمت بسرعة استغلال اختناق الاقتصاد المحلّي لتحرير نفسها من وصاية دمشق، وخاصّة عندما يتعلّق الأمر بواحدة من أكثر السلع قابليّة للاتجار: الوقود.

أحد الأمثلة التي يوردها المقال لتبيان ذلك، هو الحادث الذي وقع في حماة هذا الصيف، فقد عثرت القوات العسكرية السورية على عدّة شاحنات من النفط المهرب وهي في طريقها إلى مناطق "الدولة الإسلامية" (داعش). وخوفاً من انتقام طلال دكاك (التاجر المسؤول عن الشحنة غالباً)، سلّم الضباط السوريون شحنة الوقود بسرعة لإدارة المخابرات الجويّة المحلّية، بدلاً من مصادرتها، وعند هذه المرحلة، كما يقول مصدر مطّلع في حماة لكاتب المقال، اختفت الشحنة مرّة أخرى.


ولكونها لم تكن دولةً نفطيّة قطّ؛ فإنّ مبيعات النفط كانت تشكّل أكثر من 25% من عائدات الحكومة قبل الحرب الأهليّة، وكانت مسؤولةً عن جزء كبير من احتياطات النقد الأجنبي في البلاد. لكن بعد سنوات من الحرب فإن قطاعات الاقتصاد القياديّة في البلاد، لا سيما قطاع الكربوهيدرات، قد انهارت بالمجمل، وفي هذا الصيف، فجّر مسلّحو "داعش" آخر منشآت الغاز الرئيسية التي كانت عاملةً في البلاد، ما أدّى إلى تفاقم الوضع المتدهور أصلاً.

الانهيار المالي والاقتصادي المتسارع في سورية لم يقضِ على المدّخرات، ويقلّص الأجور، ويترك الملايين بين براثن الفقر فحسب؛ بل أيضاً قاد إلى انهيار دراماتيكي في العملة، كما أنّ تأثير التضخم على التجنيد العسكري كان بالغاً.

انخفاض العملة استتبع آثاراً ثانويّة أخرى، كما يورد المقال، فقد أصبحت واردات السلع، بالمعدّلات الحالية، باهظةَ التكاليف، وفي ظلّ هذه الظروف، فإن الضوابط التي وضعتها الحكومة على الأسعار، فضلاً عن احتكارات المنتجين، قد دفعا المنتجين المحلّيين إلى الكسل، الأمر الذي وفّر حافزاً إضافياً للمهرّبين لتكثيف عملياتهم العابرة للحدود.

في المحصّلة، أفرز ارتفاع الأسعار، ونقص السّلع، والتقشّف الشديد، آثاراً منهكةً جدّاً على السكّان عبر أنحاء البلاد، في الوقت الذي جعل فيه بعض الرجال، الذين يمتلكون "العضلات"، ويعرفون طرق الرّبح السّانحة في مثل هذه الظّروف، أكثرَ غنىً بشكل هائل.

في هذا السياق، يقول الكاتب إنّ أبرز ما يجسّد صعود المهرّبين إلى السلطة هي مليشيا "صقور الصحراء"، ثاني أهم المجموعات الهجوميّة الموالية للنظام. هذه المجموعة تأسست على يد الأخوين محمد وأيمن جابر. كلاهما شكّل نواة ثروته الطائلة كسائر المجرمين الذين نشطوا في عمليّات تهريب "النفط مقابل الغذاء" إلى العراق في أواخر التسعينيات، ثمّ استثمرا ثروتهم الوليدة، بحكمة شديدة، في الاحتكارات الممنوحة من الدولة السورية على الساحل خلال موجة الخصخصة الأولى التي قادها بشار الأسد.

لكن في عام 2013، وتحت ضغط العقوبات الخارجيّة، وتقدّم الفصائل المعارضة، وقّع الأسد مرسوماً يسمح لرجال الأعمال الخاصة بإقامة مليشيات خاصة بهم للدفاع عن ممتلكاتهم الشخصية. هكذا، بجرّة قلم، جنّد النظام لصوصه.

الحصار الاقتصادي

بدلاً من محاولة احتكار الموارد؛ أقدمت المجموعات المسلحة على تحقيق الأرباح من خلال تعذيب الجماهير بشكل مباشر. يورد الكاتب مثالاً على ذلك قرية التل، والتي تقع في شمال دمشق، والتي، نتجية الهدنة الموقعة بينها وبين النظام، اضطر مئات الآلاف من أهلها إلى النزوح وترك منازلهم. وعلى الرغم من الضمانات التي قدمتها الحكومة؛ فإن المليشيات المحلية الموالية، والتي تسيطر على نقاط التفتيش في المنطقة، بدأت بفرض ضرائب تصل قيمتها لـ 100 ليرة سورية على الكيلوغرام الواحد لجميع أنواع الأطعمة، وهو ما يحقق لها عائدات بملايين الدولارات، وموارد كافية لإطعام الآلاف من المقاتلين الذين يطوقون المنطقة وعائلاتهم.

ومع وصول أعداد النازحين المحاصرين من قبل قوات النظام إلى 850 ألفاً في مختلف أنحاء سورية، وفي ظل عدم قدرة نظام دمشق على تمويل وإطعام عائلات مليشياته؛ فإن الضرائب المفروضة على النازحين، عبر عمليات التطويق هذه، باتت حاجة اقتصادية أساسية للنظام كي يؤمن لقواته الأكثر أهمية على جبهات القتال المؤنة ويبقيهم سعداء.

ويقول كاتب المقال إنّ الهدف من ذكر هذا الأمر ليس الإشارة إلى الشر الذي يكمن في هذا النظام، وإنما الإشارة إلى نقطة شديدة الأهمية: مع وجود أجور لا تكاد تكفي لإطعام النظام نفسه؛ فإن الجزء الأكبر من المقاتلين الموالين للنظام لم يعودوا يعتمدون على النظام لتمويلهم وتسليحهم، أو حتى تجنيدهم.

وفي ظل انهيار المؤسسات الاقتصادية والحكومية في البلاد، يضيف الكاتب، فإن هؤلاء "الشبيحة" عادوا ليطاردوا أولئك الذين يملكون السلطة. وبغض النظر عن أماكن السيطرة التي تشير إليها الخريطة المرمّزة والملونة، فإن ما يملكه بشار الأسد هو سلطة ضئيلة على المساحة الواسعة التي يقول إنه يسيطر عليها. ومع تقدم الحرب؛ فإن خلافاً حول المصالح سوف يندلع، لا محالة، بين المقاتلين المحليين والنظام، كما بين دمشق وحلفائها الأجانب.

النظام القلق

الحادث الذي وقع في فبراير/شباط هذا العام يمكن أن يقدّم كمثال على ما هو متوقع؛ فخلال الاشتباكات العنيفة مع قوات المعارضة بالقرب من قرية حربنفسه، بريف حماة، طلب قائد المليشيا، أحمد إسماعيل، من أمراء الحرب أتباعه في قرية بعرين تعزيزات بحاجة ماسة إليها. غير أنّ زعيم مجموعة رجال بعرين، فادي قرابيش، رفض بشكل فظ الأوامر. في اليوم التالي، وبعدما شعر بأنه تعرض للخيانة في ظل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفذ، حوّل إسماعيل سلاحه نحو قرابيش.

يشير الموقع إلى أن فصائل تابعة لمخابرات القوات الجوية في حماة، كانت قد انضمت إلى إسماعيل، في محاولة لدعم عميلها المفضل. غير أن قرابيش نجح في وقف الهجوم، وأنشأ نقاط تفتيش خاصة به، تباعاً، على طول الطرقات في المنطقة، ليقطع بذلك ممرات التهريب التابعة لإسماعيل، والواصلة إلى جيوب المتمردين. وبحسب الكاتب، فإن النظام لم يتجرأ بعدها على إزعاج بعرين.


عوضاً عن ذلك، اجتهد نظام الأسد كي يربط مرؤوسيه بدمشق بوسائل سياسية، وكانت انتخابات إبريل البرلمانية مؤشراً إضافياً لتحديد التحول الأساسي في شكل النظام، من السلطة المركزية، إلى ما وصفه الكاتب بـ"خليط فضفاض من أمراء الحرب": عدد من البيروقراطيين الذين خدموا نظام البعث لفترة طويلة.

ويقول المقال إن أقرباء الأسد، الأخوة مخلوف، بنوا شبكة مليشيا خاصة بهم من خلال مؤسسة "بستان" التابعة لهم، وهي مؤسسة خاصة أنشئت قبل اندلاع الثورة لتمويل المساعدات الإنسانية، إضافة إلى المجموعات المسلحة. وأشار إلى أن هذا الأمر يعزز من سيطرة النظام الميدانية، وهو يعمل خارج سيطرة الحكومة.

من جهة ثانية، يذكر الكاتب أن رعاة الأسد الأجانب لم يكونوا مساعدين بدورهم، فإيران تبدو متوافقة تماماً مع الوضع المشوش على الأرض، بعدما وضعت الكثير من الموارد الهائلة لتطوير شبكتها الخاصة عبر البلاد. أما روسيا، والتي تظهر بأنها أكثر قلقاً على استقرار النظام، فبدت غافلة عن الوضع برمته؛ إذ إن جنودها وضباطها يلتقطون الصور بشكل منتظم وهم يقاتلون إلى جانب المليشيات القبلية والطائفية.

في هذا السياق، يشير الكاتب، تحديداً، إلى الصور التي نشرها جنود روس وهم يقاتلون إلى جانب مليشيا "أبطال الجبل"، وهي مجموعة علوية صغيرة ذاع صيتها أول مرة حين أعلنت عن "فرقة انتحارية" للموالين للأسد.