تقرير طبي إسرائيلي لتبرئة قاتل الشهيد عبد الفتاح الشريف

تقرير طبي إسرائيلي لتبرئة قاتل الشهيد عبد الفتاح الشريف

31 اغسطس 2016
استنجد طاقم الدفاع بشهادات مستوطنين متطرّفين (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت القناة الإسرائيلية الأولى، مساء اليوم الأربعاء، النقاب عن أن طاقم الدفاع عن الجندي أليئور أزاريا، والذي أعدم الشهيد عبد الفتاح الشريف ميدانياً في مارس/آذار الماضي في مدينة الخليل، سيعرض على المحكمة الإسرائيلية، الأسبوع القادم، تقريراً طبيّاً "عدلياً" أعدّه البروفيسور الإسرائيلي، يهودا هيس، والذي شغل منصب مدير معهد الطب العدلي في إسرائيل لعشرات السنين.

ويدّعي هيس، في تقريره، أن الشهيد عبد الفتاح الشريف كان قد قضى نحبه بفعل أول رصاصتين أطلقهما عليه الجنود، قبل أن يقدِم الجندي القاتل، ازاريا، على إطلاق الرصاص على رأسه وهو ملقى على الأرض.

وبحسب التقرير المعلن عنه، فإن الشهيد الشريف قتل جراء إصابته بأزمة تنفس بعد أن أطلق عليه الجنود رصاصتين بحجة محاولة تنفيذ عملية طعن ضد حنود الاحتلال.

وسيُعرض التقرير الجديد كاملاً على المحكمة العسكرية الإسرائيلية التي تحاكم الجندي القاتل بتهمة "القتل غير المتعمد عبر تجاوز الصلاحيات"، على الرغم من وجود شريط مصور قام بتصويره ناشط فلسطيني من الخليل، يدعى عماد أبو شمسيه، ويتطوع في مركز "بتسيلم" لحقوق الإنسان، يبين الجندي القاتل وهو يقترب من الشريف، الملقى على الأرض، ويطلق النار عليه بدم بارد.

وكانت النيابة العسكرية الإسرائيلية قد أعلنت، مع نشر شريط الفيديو، أنها ستحاكم الجندي القاتل بتهمة القتل المتعمد، لكنها تراجعت عن ذلك بفعل الضغوط الشعبية من اليمين في إسرائيل، وتحت ضغط قضاة المحكمة العسكرية، واكتفت بتقديم لائحة اتهام مخففة تحمل بند القتل غير المتعمد عبر تجاوز الصلاحيات.

وعلى الرغم من ذلك إلا أن أوساط اليمين الإسرائيلي ومعها عدد من وزراء الحكومة الإسرائيلية، انتقدوا مجرّد تقديم الجندي للمحاكمة، ونظم اليمين عدداً من الاجتماعات الشعبية مناصرة للجندي القاتل، كما شارك وزير الأمن الحالي، أفيغدور ليبرمان، والذي كان في المعارضة عند بدء المحاكمة، معلناً أنه لا تجب محاكمة الجندي القاتل.

وعاد ليبرمان، أمس، وأعلن مجدداً، على إثر جريمة قتل الشهيد إياد حامد من سلواد، الأسبوع الماضي، بدم بارد، أنه لا يمكن أن يقوم الجنود بعملهم وهم يخشون من المحاكمات، أو أن "يصطحبوا معهم محاميا أثناء تأديتهم الخدمة العسكرية"، مدعيا أن "المحكمة العسكرية وحدها التي تقرر ما حدث، وما لم تدن المحكمة الجنود فإنهم يبقون أبرياء".

إلى ذلك استنجد طاقم الدفاع عن الجندي القاتل منذ مطلع الأسبوع بشهادات عدد من المستوطنين المتطرفين في مدينة الخليل، وعدد من الجنود، للادعاء بأن الشريف كان يشكل خطراً على حياة الجنود والمستوطنين في موقع الحادث، وأنه لم يتم التأكد من أنه لا يحمل حزاماً ناسفاً.

وبرز في هذا السياق الاستنجاد بما يسمى "ضابط الأمن" للمستوطنين في الخليل، إلياهو ليبمان، لتقديم شهادته أمام المحكمة العسكرية، وقد ادعى أن القادة الميدانيين الذين أجروا التحقيق الأولي مع الجندي القاتل، دانوه وشهدوا ضده بفعل مواقفهم السياسية اليسارية، على حد زعمه.

لكن تبين أن ليبمان نفسه هو نجل الحاخام المتطرف، مناحيم ليبمان، والذي كان قد شارك، رفقة الحاخام القاتل، موشيع ليفنجر، في أواخر السبعينيات، في تأسيس مستوطنة كريات أربع جنوبي الخليل، وهو من قادة تنظيم غوش إيمونيم، وقد سبق أن شارك مع ليفنجر في مظاهرات داخل الخليل طالب فيها جنود الجيش بعدم الانصياع لأوامر قادتهم العسكريين.

من جهته، اعترف المدّعي العسكري الإسرائيلي، شارون أفيك، أن ما قام به الجندي القاتل أضر بصورة جيش الاحتلال.

وكان الجندي القاتل اليئور أزاريا قد ادّعى، بعد إطلاقه النار على الشهيد الشريف، أنه خاف أن يكون الشريف يحمل حزاماً ناسفاً، فيما أكد شهود في الموقع، إضافة إلى الشريط المصور المذكور أعلاه، أنه بعد أن أطلق النار قال: "كان يجب أن يموت لقد جرح رفيقي".  


وحاولت حكومة الاحتلال، في بداية الأمر، إعلان استنكارها للعملية، وتوعد الجندي القاتل بمحاكمته، وذلك لامتصاص الغضب الفلسطيني، وتحسباً من ردود الفعل العالمية.

إلى ذلك، يحاول الاحتلال من خلال المحكمة الحالية، وعلى الرغم من تسفيه التهمة الموجهة للجندي القاتل، وهي "القتل غير المتعمد"، الادّعاء بأن عملية إعدام الشريف كانت "حادثة شاذة"، وذلك للتستر على سياسة الإعدامات الميدانية التي يقوم بها جيش الاحتلال، كما في حالة إعدام الشهيد إياد حامد عند حاجز يبرود–سلواد، حينما ادّعى بداية أنه حاول مهاجمة الجنود عند الحاجز، لكن سرعان ما تبين أن الشهيد كان أعزل، وأن الرصاص أصابه من الخلف، عندما كان يفر من الجنود، خاصة أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة.

واكتفى جيش الاحتلال بإجراء تحقيق سريع مع الجندي الذي أطلق النار على الشهيد حامد، ومن ثمّ أعاده إلى القاعدة العسكرية من دون أي قيود، مع الإعلان عن عزمه تقديم لائحة اتهام ضد الجندي القاتل بتهمة "القتل عبر الإهمال"، وهي تهمة عادة ما تنتهي، بحسب ملفات سابقة، بتغريم الجندي، أو الحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ.