العراق: العبادي يحاول فرض سطوته على البرلمان

العراق: العبادي يحاول فرض سطوته على البرلمان

04 اغسطس 2016
العبادي وجد بالأزمة فرصة لضرب خصومه (كينا بيتانكور/فرانس برس)
+ الخط -
يحاول رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، استغلال الأزمة السياسية التي نشبت بعد استجواب وزير الدفاع، خالد العبيدي، في البرلمان، يوم الإثنين الماضي، وكشفه عن تهم فساد طاولت رئيس البرلمان، سليم الجبوري، ونواباً آخرين، لتعزيز سيطرته على السلطة التشريعية، وفرض وصايته على البرلمان، كما يقول سياسيون عراقيون.
وحرّك الادعاء العام العراقي، أمس الأربعاء، شكوى بالحق العام، ضد كل من ورد اسمه خلال جلسة استجواب العبيدي التي عُقدت الإثنين الماضي. وقال المتحدث باسم السلطة القضائية، عبدالستار البيرقدار، إن "رئيس الادعاء العام حرّك الشكوى استناداً للمادة الثانية من قانون الادعاء العام، بحق المسؤولين الذين وردت أسماؤهم على لسان وزير الدفاع، والذين أسندت بحقهم وقائع تشير إلى عمليات فساد".
كذلك أعلنت السلطة القضائية العراقية، في بيان، أن مجلس القضاء الأعلى شكّل هيئة للتحقيق بالوقائع التي ذكرها العبيدي، خلال جلسة استجوابه، مؤكدة أن "الهيئة المشكلة ستعمل بالتنسيق مع هيئة النزاهة". ويوضح مصدر مطلع في السلطة القضائية، لـ"العربي الجديد"، أن "الشكوى حُرّكت ضد رئيس البرلمان، ونواب ومسؤولين آخرين ذكرهم العبيدي خلال جلسة استجوابه في البرلمان". ويعتبر أن "الإسراع بتحريك الشكوى، تم بضغط من الحكومة، لضمان سريان قرار الحكومة بمنع سفر كل من ورد اسمه في اتهامات العبيدي"، مضيفاً أن هذا القرار "لا يمكن أن يُنفذ من دون وجود شكاوى واتهامات قضائية".
وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول عضو تحالف "القوى العراقية" محمد عبدالله، إن رئيس الوزراء يحاول فرض وصايته على البرلمان، من خلال الإجراءات التي اتخذها ضد الجبوري ونواب آخرين بمنعهم من السفر بشكل مؤقت، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن الدستور العراقي كان واضحاً، ومنح السلطة التشريعية وضعاً مستقلاً، وحصانات تحميها من تدخّلات السلطة التنفيذية.
وكان العبادي قد أمر، يوم الثلاثاء الماضي، بمنع سفر كل النواب والشخصيات التي ورد ذكرها في جلسة استجواب العبيدي، فيما عبّر رئيس البرلمان عن تحفظه على قرار العبادي، مؤكداً أن "هذا الإجراء من حق السلطة القضائية حصراً".
وفي السياق نفسه، يقول عضو في مجلس النواب العراقي، إن الساعات المقبلة حبلى بالمفاجآت، لافتاً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن وزير الدفاع لم يقدّم، حتى الآن، أيّ أدلة حول اتهاماته رئيس وأعضاء البرلمان، وهذا الأمر قد يُعرّضه للمساءلة القانونية. ويضيف النائب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن العبادي "وجد في الأزمة السياسية فرصة لضرب خصومه، والسيطرة على البرلمان"، كاشفاً أن الادعاء العام العراقي المقرب من "التحالف الوطني" الحاكم، تعرض لضغوط كبيرة من الحكومة العراقية، لتحريك شكوى ضد الجبوري وبعض النواب.
ويعتبر أن التحقيق الذي فتحته السلطة القضائية لن يكون نزيهاً، لأنه سيتم بالتنسيق مع هيئة النزاهة التي يترأسها القيادي في "التحالف" الحاكم حسن الياسري، مشيراً إلى أن العبادي نجح بتحويل الأزمة السياسية من مطالبات بتعديلات على حكومته، إلى دعوات لمقاضاة برلمانيين فاسدين. ويعرب البرلماني العراقي عن خشيته من تدخّل مليشيات "الحشد الشعبي" المرتبطة بالعبادي للضغط على القضاء وتسييره بالاتجاه الذي تريد، مبيناً أن نهج الحكومة العراقية لاستمالة المليشيات أصبح واضحاً خلال الفترة الأخيرة.


وكانت مليشيا "العباس"، المنضوية في صفوف مليشيات "الحشد الشعبي"، أعلنت أنها مستعدة لأي طارئ قد يحدث نتيجة تدهور الأوضاع السياسية في البلاد بعد جلسة استجواب العبيدي، الإثنين الماضي، مؤكدة في بيانها أنها لن تسمح بما سمته "استهتار" بعض السياسيين بمصير العراق ودماء أبنائه. وأوضحت أن إجراءاتها ستكون سريعة وحازمة في حال حاولت بعض الجهات فرض إراداتها خارج إطار الدستور، مضيفة: "نحن قريبون من الأحداث، وقواعدنا ستكون جاهزة ومتأهبة".
فيما اعتبر تحالف "القوى العراقية" أن ما جرى في جلسة استجواب وزير الدفاع، مثّل محاولة لسلب المؤسسة التشريعية حقها الدستوري في مراقبة أداء السلطة التنفيذية، رافضاً في بيان عمليات التشهير التي تتعرض لها السلطة التشريعية، وتحويل الاستجواب من ممارسة مهنية إلى استهداف سياسي، تضمّن كيل الاتهامات لرئيس البرلمان وبعض النواب.
محاولة العبادي فرض وصايته على البرلمان، أمر مخالف للدستور العراقي، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسان العيداني، الذي يوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الدستور أكد في مادته الأولى أن النظام السياسي في العراق اتحادي برلماني، يقوم على الفصل التام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مشيراً إلى أن البرلمان أهم من الحكومة في الدستور العراقي لأنه منتخب مباشرة من الشعب. ويلفت إلى أن "مجلس النواب العراقي يمتلك الحق باختيار الحكومة ومساءلتها وإقالتها، واختيار حكومة جديدة بدلاً منها"، مؤكداً أن ما يجري، اليوم، من تدخّل حكومي في عمل البرلمان، يمثل سابقة خطيرة، وسرقة واضحة لصلاحيات السلطة التشريعية.