أغلبية الشعب... لا نوابه

أغلبية الشعب... لا نوابه

28 اغسطس 2016
قد يجد الشاهد نفسه وحيداً في مواجهة التحديات(ياسين الغايدي/الأناضول)
+ الخط -

اختتم التونسيون مسار شهرين من المشاورات والمناكفات الشخصية والمزايدات الحزبية رافقت مبادرة حكومة الوحدة الوطنية، وحصلت هذه الحكومة أخيراً على أغلبية أصوات النواب، 168 من بين 195 نائباً حضروا جلسة الثقة. تُعتبر هذه النسبة من الأصوات، الأعلى من بين الثقة التي نالتها كل الحكومات التي سبقتها، ما أتاح لحكومة يوسف الشاهد وأصحاب المبادرة من الفريق السياسي الداعم، أن يشعروا بكثير من الفخر والزهو، بعد أن ذهب في ظن الجميع قبل يوم من التصويت، أن الحكومة لن تتمكن من الحصول على هذا الدعم المطلق. ولكنّ التونسيين اعتادوا من ساستهم أن يقولوا ما لا يفعلون، فيصفقون ويقيلون، ويعارضون ثم يمنحون الثقة بكل الجهد المتاح، لتتمكن الحكومة من حصد هذا العدد الهائل من الأصوات.
غير أن الشاهد يدرك جيداً أنه سيكون منذ اليوم، الإثنين، في مواجهة الحقيقة، وأن الأصوات التي صوّتت له قد لا تنفعه كثيراً منذ الآن، وسيعود الجميع إلى سير حياته العادية ويجد الشاهد نفسه وحيداً في هذه التجربة الشخصية والسياسية المغامرة. ولعل الشاهد تذكّر ليلة الجمعة، بعد أن عاد إلى بيته، ما حدث لسلفه، الحبيب الصيد، الذي حصل بدوره على أعلى نسبة تأييد في مجلس النواب، ولكنه أُقيل من النواب أنفسهم، وبطريقة تكاد تكون مهينة، على الرغم من أنه تحدى الجميع ولجأ إلى المجلس لينصفه من جور الأحزاب وظلم الأيام، وخرج من الباب نفسه الذي دخل منه خالي الوفاض.
ولكن الصيد غفل عن مسألة مهمة للغاية، وأخطأ العنوان عندما استجار بنواب الشعب، لأن الأصل كان أن يحتمي بالشعب لا نوابه، ويلجأ إليهم لا إلى الأحزاب. غير أن هذا الأمر كان يستوجب منذ اليوم الأول، أن يسعى في خدمتهم وحدهم، ويستقوي بهم لا بغيرهم، ويتقرّب إليهم في تفاصيل حياتهم اليومية، ويتقاسم همومهم وأسئلتهم البسيطة. فهل يحسن الشاب الشاهد ما عجز عنه الشيخ الصيد؟ وهل يحسن قراءة الدرس جيداً، ويتقرّب من شعبه لا من غيره، ولو كانوا من جاء به إلى هذه المنحة المِحنة؟ لأن الأصل هو أغلبية الشعب، لا نواب الشعب.

المساهمون