محاولة إسرائيلية لتغيير معادلات المواجهة مع "حماس"

محاولة إسرائيلية لتغيير معادلات المواجهة مع "حماس"

23 اغسطس 2016
الغارة طاولت مواقع مهمة واستراتيجية لـ"حماس"(سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -

تشير الغارات الإسرائيلية على غزة، الأحد، رداً على إطلاق صاروخ باتجاه أسدود الإسرائيلية، إلى سعي الاحتلال لتغيير منظومة وطبيعة معادلات الرد على عمليات القصف من القطاع، حتى مع إدراك إسرائيل واعترافها بأن منفذي العملية لا علاقة لهم بحركة "حماس"، وإنما ينتمون لإحدى التنظيمات "السلفية" الصغيرة المناهضة للحركة.

وتبدو العملية الإسرائيلية، باعتراف مراقبين إسرائيليين، بمثابة سعي  لتغيير نمط التعامل والردود الإسرائيلية، متأثرة، دون شك، بالتغيير في تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وتولي أفيغدور ليبرمان حقيبة الأمن. لكن ذلك، ليس معزولاً عن المخططات والردود الجاهزة لدى جيش الاحتلال، رداً على سيناريوهات مختلفة متوقعة، مع المحافظة، قدر الإمكان في الظروف الحالية على الأقل، على عدم الانزلاق من "حدث أو رد فعل تكتيكي، إلى حدث استراتيجي يقود إلى مواجهة عسكرية".

و
لم تتوقف التقديرات الإسرائيلية وتحليلات الخبراء التي تحذر من مواجهة عسكرية، وآخر هؤلاء كان رئيس أركان جيش الاحتلال، غادي أيزنكوط، خلال استعراضه للتحديات الأمنية التي تواجه إسرائيل للعامين 2015-2016 أمام مؤتمر مركز أبحاث الأمن القومي، وفي المقالة التي أعيد نشرها مؤخراً في مجلة الجيش والاستراتيجية الصادرة عن المركز.


ومع ذلك، فإن الغارة الإسرائيلية جاءت لتطاول بشكلٍ خاص، مواقع مهمة ووازنة واستراتيجية لـ"حماس"، بما يدل على أن الجانب الإسرائيلي استغلّ واقعة سقوط الصاروخ في سدروت لتنفيذ غارة على مجموعة أهداف، تدخل ضمن ما يُسمّى بـ"بنك الأهداف" الإسرائيلية، بما يشي برسالة من الاحتلال للحركة في توقيت حساس، خاصة وأنها في أوج استعداداتها لمعركة الانتخابات للبلديات في الضفة الغربية المحتلة وفي قطاع غزة.

وفي هذا السياق، علّق المراسل العسكري لموقع "واي نيت"، يوآب زيتون الحصوة، في تقرير له عن التطورات الأخيرة بتأكيده أن إسرائيل استغلت عملياً إطلاق الصواريخ، لتنفيذ غارة عسكرية تشمل أهدافا مهمة و"ثمينة" بالنسبة لـ"حماس"، بينها مقر الأمن الوطني في القطاع. 

ومع أن زيتون ومحللين آخرين، كما في موقع "معاريف"، أشاروا إلى أن الغارة الأخيرة تأتي لتغيير معادلات الرد الإسرائيلية على عمليات القصف، وكجزء من حسابات داخلية (لدى ليبرمان على الأقل)، فإن التقديرات الإسرائيلية توقعت رداً فلسطينياً محدود الحجم. وهو ما كان وراء نقل الأجهزة العسكرية تحذيرات بهذا الخصوص لرؤساء البلديات والمجالس المحلية الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة، مع قراءة تقول إن الغارة لن تؤدي حالياً إلى نقلة في طبيعة المواجهة مع "حماس"، أو إلى "تهور عسكري شامل بين الطرفين"، بحسب ما قاله ضابط رفيع المستوى لموقع "معاريف".


ولفت الموقع ذاته إلى أن الغارة الإسرائيلية الأخيرة تأتي هذه المرة، "على إثر نشاط عسكري واسع، هو الأكبر منذ نهاية الحملة الأخيرة في صيف 2014، وأنه خلافاً للغارات السابقة فقد استمرت الغارة الأخيرة لساعتين، تم خلالها استهداف عشرات الأهداف من الجو".

وبحسب مواقع إسرائيلية مختلفة، فإن الغارة الإسرائيلية على عشرات الأهداف تأتي لتحمل رسالة جديدة من إسرائيل لـ"حماس" بأن أي عملية أو إطلاق صاروخ أو قذيفة من القطاع، أي كانت هوية الجهة التي ألقتها، ستقابل برد إسرائيلي كثيف كماً ونوعاً من حيث حجم الرد ونوعية الأهداف التي سيتم ضربها.

ويشير هذا الأمر أيضاً، ربما إلى محاولة الاحتلال، استغلال عمليات كهذه لزيادة الضغط على الحركة، واستغلال انشغالها بالمعركة الانتخابية للبلديات، سواء في قطاع غزة، أم في الضفة الغربية، بموازاة المضي قدماً في خطة ليبرمان الأخيرة، التي تتحدث عن تخفيف قبضة الاحتلال في بلدات فلسطينية لا تخرج منها عمليات ضد إسرائيل، ونقل صلاحيات تنظيم وبناء للسلطة الفلسطينية. وذلك، سعياً لدعم سلطة محمود عباس، خوفاً من الانتصار المرتقب لـ"حماس" في الانتخابات البلدية في الضفة الغربية المحتلة المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وكانت تقارير صحافية إسرائيلية قد أشارت قبل أسبوعين، إلى أن خطة ليبرمان كانت تهدف بالأساس إلى "الاستعداد لليوم الذي بعد أبو مازن"، لكن قرار "حماس" خوض الانتخابات البلدية في الضفة الغربية أيضاً، قلب أهداف الخطة رأساً على عقب، لمحاولة منع الحركة تحقيق فوز لها في الضفة.

وتتوقع سلطات الاحتلال، بالاعتماد على أجهزة الرصد التابعة لها، أن تحقق "حماس" انتصاراً ملموساً في محافظة الخليل، وفي نابلس وطولكرم، وحتى في بعض بلدات محافظة جنين.