مصر: تعديلات قانون "قلم السوابق" لإنهاء "حق التظاهر"

مصر: تعديلات قانون "قلم السوابق" لإنهاء "حق التظاهر"

10 اغسطس 2016
النظام المصري يواصل التضييق على الحريات الأساسية(خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
استنكر عدد من الخبراء والمراقبين مشروع القانون الذي تعده وزارة العدل المصرية، بشأن إدراج أحكام جنح التظاهر والتجمهر السلمي لصحيفة الحالة الجنائية (الفيش الجنائي).

وفي السياق، قال رئيس "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، الحقوقي والمحامي المصري جمال عيد، إن "اقتراح إضافة أحكام جنح التظاهر والتجمهر السلمي لصحيفة الحالة الجنائية "الفيش الجنائي" يُعبر عن عقلية مَن وضعه، لأن التظاهر ليس جريمة مخلة بالشرف لكي يتم إدراجه في صحيفة الحالة الجنائية".

وأضاف عيد، في تصريحات صحافية، اليوم الأربعاء، أنه "ليس من المعقول أن يُدرج في صحيفة الحالة الجنائية لشاعر مثل عمر حاذق حكمٌ حصل عليه بسبب التعبير عن رأيه، في حين أن شخصا مثل حبيب العادلي وأحمد نظيف تكون صحيفتهما الجنائية خالية".

واعتبر الحقوقي أن "المقترح يدفع مصر نحو مزيد من التردّي لحقوق الإنسان، والتعدي على الحريات"، مضيفا: "التظاهر عندنا وفي الدول الاستبدادية جريمة، بس هو في الحقيقة شرف".

من جهته، صرح الناشط الحقوقي عماد شحاتة، لـ"العربي الجديد"، بأن "التعديلات تعمّق القمع والكبت وتضييق هامش الحريات في البلاد، لما تحمله من مخاطر كبت الآراء وعدم التعبير عن أي رأي يخالف رأي الدولة والحكومة، خشية تدمير المستقبل الوظيفي والحياتي"، مرجحا أن "تحرم التعديلات الطلاب من دخول بعض الكليات، ومن السكن الجامعي، والتعيين بالوظائف الحكومية، والخدمة بالجيش، والسفر للعمل بالخارج، وغيرها من مظاهر الحياة الأساسية، إلى جانب ما تمثله من إقصاء للمعارضين من المشاركة في الحياة العامة، رغم عدم ارتكابهم جرائم تمس الشرف".

كما اعتبر رئيس "مؤسسة شركاء من أجل الشفافية"، ولاء جاد الكريم، أن اقتراح إضافة أحكام جنح التظاهر والتجمهر السلمي للصحيفة الجنائية "تشويه للتظاهر السلمي"، مضيفا، في تصريحات صحافية: "الناس دي اتحبست علشان اعترضت واحتجت، مينفعش نساويهم باللي قتل أو سرق"، مشيرا إلى أن "الجرائم التي تدرج في صحيفة الحالة الجنائية هي فقط الجرائم المخلة بالشرف، ولا يمكن إضافة أحكام التظاهر ضمنها".

وتابع الكريم: "الاقتراح بالونة اختبار للشارع المصري، ورسالة سلبية بأن مفيش تظاهر تاني، لشيطنة لعملية الاحتجاج السلمي".

وذكر الخبير السياسي محمد سيف أن "التعديلات بمثابة ورقة محروقة من قبل نظام السيسي لإخافة الشعب، والذي بات غاضبا ورافضا لأسلوبه في إدارة البلاد، وجراء تفاقم المشكلات الاقتصادية والمعيشية"، مشيرا، في تصريحات خاصة، إلى أن "أجهزة مخابراتية قدمت للسيسي مؤخرا تقارير، تشير إلى غضب شعبي يتصاعد، إثر تفاقم المشكلات الاقتصادية وتزايد الفقر والبطالة".

واعتبر سيف أن التعديلات هدفها "إخافة المواطنين العاديين غير المسيسين، لإثنائهم عن التظاهر، خاصة أن النشطاء والمعارضين للسيسي والمدانين بالتظاهر تجاوزوا حاجز التخويف السلطوي، وأن المعادلة السياسية بينهم وبين السيسي صفرية، إذ إنهم لا يرغبون في توظيف حكومي أو مناصب قيادية في ظل حكم السيسي أساسا".


التعديلات

وأعدت وزارة العدل مشروعا لتعديل بعض أحكام قرار وزير العدل بشأن "قلم السوابق"، من شأنه إثبات وإظهار الأحكام القضائية الصادرة في الجنح الخاصة بـ"التجمهر والتظاهر والإرهاب والإضرار بالحكومة من الداخل والمفرقعات"، في صحف الحالة الجنائية (الفيش الجنائي) للمواطنين الذين عوقبوا بأية عقوبة في تلك الجنح.

ووفقًا للمشروع الذي أعدته الوزارة بإشراف الوزير حسام عبد الرحيم، في يوليو/تموز الماضي، سيتم تعديل المادة الأولى من القرار بإضافة أربعة أنواع من الجنح التي ترسل النيابة العامة أحكام الإدانة الصادرة فيها إلى "قلم السوابق" بإدارة "تحقيق الشخصية"، لقيدها في صحيفة الحالة الجنائية الخاصة بالمواطن المعاقب.

وهذه الأنواع الأربعة من الجنح هي الجرائم المنصوص عليها بالأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً من قانون العقوبات (الإضرار بالحكومة من الداخل والمفرقعات)، والجرائم المنصوص عليها في قانون التجمهر 10 لسنة 1915، والجرائم المنصوص عليها في قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية المعروف بقانون التظاهر 107 لسنة 2013، والجرائم المنصوص عليها بقانون مكافحة الإرهاب 94 لسنة 2015.

وبناء على هذا المشروع، ستثبت في صحيفة الحالة الجنائية أي أحكام إدانة في هذه الجنح، سواء بالحبس أكثر أو أقل من سنة أو بالغرامة.

وستضاف هذه البنود (مرقمة من 19 إلى 22) إلى 18 بندا سابقا ساريا في قرار قلم السوابق، تمثل قضايا الجنح التي يجب على النيابة العامة أن ترسل إلى "قلم السوابق" بـ"إدارة تحقيق الشخصية" صحفاً وفيشات عن أحكام الإدانة بأية عقوبة فيها.

كما يتضمن المشروع الجديد تعديل الفقرة الثانية من المادة 14 من القرار، والخاصة بإثبات الأحكام في صحيفة الحالة الجنائية. وتنص الفقرة الجديدة على أن "تثبت جميع الأحكام في صحف الحالة الجنائية التي يطلبها راغبو الترشيح لعضوية مجلس الشعب والتنظيمات الشعبية ومجالس وحدات الإدارة المحلية، لتقديمها إلى إحدى جهات الحكومة أو القطاع العام، أو صحف الحالة الجنائية التي تقدم للبنوك الخاصة أو الأندية والهيئات الرياضية أو شركات حراسة المنشآت ونقل الأموال أو المؤسسات الاجتماعية ذات النفع العام".

وكانت هذه الفقرة تنص في السابق على "إثبات جميع الأحكام في صحف الحالة الجنائية التي يطلبها راغبو الترشيح لعضوية مجلس الشعب والتنظيمات الشعبية ومجالس وحدات الإدارة المحلية أو لتقديمها إلى إحدى جهات الحكومة أو القطاع العام" فقط دون الأندية والبنوك والجمعيات.

ووفقا للقانون المعمول به، ترسل النيابة العامة إلى "قلم السوابق" الفيشات الخاصة بجميع أحكام الإدانة الصادرة في الجنايات، وأحكام الجنح بالحبس لمدة سنة فأكثر.

يذكر أن قرار "قلم السوابق"، والذي صدر عام 1911، ينص على إثبات أحكام الجنايات والجنح التي تنظرها المحاكم الجزئية، بالإضافة لأحكام السرقات والتشرد فقط في صحيفة الحالة الجنائية، ثم أدخلت عليه العديد من التعديلات على مدى 100 عام لإضافة أنواع جديدة من الجنح لإثبات أحكامها الصادرة بالغرامة أو الحبس.

وكان آخر تعديل أدخل على هذا القرار في عهد وزير العدل الأسبق أحمد مكي، عام 2012، لضبط بعض البنود الخاصة بجنح التحريض على "الفسق والفجور وجنح البناء والتشرد وغش الأغذية والبضائع والنقد"، وذلك بتوضيح القوانين المؤثّمة لهذه الجنح.



المساهمون