"النصرة" وتوريط الفصائل

"النصرة" وتوريط الفصائل

30 يوليو 2016
لم تتخلَ "النصرة" عن شيء من ايديولوجيتها (عن الانترنت)
+ الخط -
الطريقة التي أعلنت فيها "جبهة النصرة" انفصالها عن تنظيم "القاعدة" وظهور زعيمها أبو محمد الجولاني بوجهه الحقيقي، كانت بمثابة النكتة غير المضحكة، خصوصاً أن هذه الخطوة جاءت من دون تخلي "النصرة" عن شيء من أيديولوجيتها، وضمن أسوأ ظرف تمر به الثورة السورية منذ انطلاقتها، وكأن مشكلة "النصرة" مع المجتمع الدولي ومع السوريين هي في عدم معرفتهم بالشخصية الحقيقية للجولاني، وفي لون راية التنظيم واسمه.
ففي الوقت الذي كانت فيه المعارضة في أوج قوتها، حين التقت مصالح الدول الإقليمية المؤيدة للثورة على دعم فصائل المعارضة، كان الشارع السوري المعارض يطالب "النصرة" بفك ارتباطها بـ"القاعدة"، وكانت معظم الفصائل تتمنى على "النصرة" فعل ذلك وتتحوّل إلى فصيل سوري كجزء من فصائل المعارضة، ولكنها حينها رفضت رفضاً قاطعاً تلك النداءات، وقمعت التظاهرات التي خرجت ضدها، لدرجة أن بعض قيادات النصرة خوّنت من يتحدث عن موضوع فك الارتباط بـ"القاعدة".
كما أن طريقة فك الارتباط تمت بطريقة أخذ الرضا والتأييد من "القاعدة" كحل إجرائي والتفافي وبطريقة علنية على الاتفاق بين الروس والأميركيين على محاربة الجبهة، فجاء القرار أشبه ما يكون بالنكتة وكأن "النصرة" تقول للروس والأميركيين: "سنضحك عليكم كي لا تحاربونا"، ليأتي الرد الأميركي أولاً على هذا القرار بأن تغيير اسم الجبهة لا ينفي عنها صفة الإرهاب.
توقيت وظرف وطريقة فك ارتباط "النصرة" بـ"القاعدة" كإجراء بشرط التنسيق مع فصائل المعارضة، خلق حالة إرباك بين فصائل المعارضة ومواقف متباينة من هذا القرار، كما أنه سيورط فصائل المعارضة التي ستتعامل معها، ويتسبب بمزيد من الاستهداف للمدنيين في مناطق تواجدها ويعطي الذريعة للمجتمع الدولي لوسم كل المعارضة بالتطرف.
ضمن الظرف الحالي كان يمكن لـ"النصرة" أن تعلن، بدل فك الارتباط عن "القاعدة" وتشكيل "جبهة فتح الشام"، أن تعلن عن حل نفسها وتترك عناصرها السوريين ينضمون لفصائل المعارضة الأخرى التي تعمل على تحقيق أهداف الثورة بالدرجة الأولى، فضلاً عن أنها غير مصنفة على لائحة الإرهاب، حينها فقط تكون "النصرة" قد سحبت الذريعة من الروس والأميركيين لضرب مناطق المعارضة بحجة الإرهاب.

المساهمون