صفقة سياسية لإغلاق ملف انتهاكات مليشيات "الحشد" في الأنبار

صفقة سياسية لإغلاق ملف انتهاكات مليشيات "الحشد" في الأنبار

31 يوليو 2016
تُتهم المليشيات بقتل وخطف 650 مدنياً(حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -
تكشف مصادر سياسية عراقية لـ"العربي الجديد"، عن توصّل أطراف حكومية وجهات سياسية من محافظة الأنبار، غرب العراق، إلى صفقة سياسية تتضمن إغلاق ملف انتهاكات مليشيات "الحشد الشعبي" في مدينة الفلوجة، مقابل عودة صهيب الراوي محافظاً للأنبار، وذلك في وقت تحاول فيه قيادات عراقية تحسين صورة المليشيات لضمان مشاركتها في المعركة المرتقبة لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل.
ويوضح عضو في مجلس محافظة الأنبار، لـ"العربي الجديد"، أن الصفقة السياسية التي أُبرمت بين أطراف حكومية وقضائية في بغداد، وجهات سياسية مقرّبة من محافظ الأنبار المقال صهيب الراوي، تضمّنت إلغاء قرار إقالة الراوي من منصبه كمحافظ، وتقديم المساعدات اللازمة لإعادة إعمار مدن المحافظة التي خربتها الحرب، مقابل إغلاق ملف خروقات مليشيات "الحشد الشعبي" في مدينة الفلوجة. وكان مجلس محافظة الأنبار قد قرر في 29 يونيو/ حزيران الماضي، إقالة الراوي من منصبه بأغلبية 18 صوتاً من أصل 30، على خلفية تهم بالفساد المالي والإداري، ما دفع الراوي إلى تقديم طعن أمام محكمة القضاء الإداري المركزية في بغداد.
ويوضح عضو مجلس الأنبار، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن محافظ الأنبار ومسؤولين محليين آخرين، وافقوا على بند الصفقة المتعلق بعدم الحديث عن جرائم قتل وخطف نفذتها مليشيات "الحشد الشعبي" بحق نازحين من مدينة الفلوجة، خلال معركة استعادة السيطرة على المدينة التي انطلقت في 23 مايو/ أيار الماضي، مبيناً أن الاتفاق تضمّن عدم الإدلاء بأي تصريحات لوسائل الإعلام بهذا الخصوص. وكان الراوي قد قال الشهر الماضي، إن مليشيات "الحشد" قتلت نحو 50 عراقياً، واختطفت أكثر من 600 آخرين خلال معركة الفلوجة.
وفي السياق، يقول عضو مجلس شيوخ الأنبار باسم الفراجي، إن صمت الحكومة المحلية عن جرائم مليشيات "الحشد الشعبي" التي أدت إلى مقتل واختفاء نحو 650 مدنياً من سكان الفلوجة، مثير للشك والريبة، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة الاتحادية لم تُعِد محافظ الأنبار إلى منصبه من دون مقابل. ويعرب الفراجي عن خشيته من تكرار جرائم المليشيات في منطقة جزيرة الخالدية، شرق مدينة الرمادي، التي تشهد عملية عسكرية لاستعادة السيطرة عليها بمشاركة فصائل من "الحشد"، داعياً إلى إبعاد الصراعات السياسية عن الأمور المتعلقة بحياة السكان المحليين.
ويشدد الزعيم القبلي على ضرورة الإسراع بإنهاء الخلاف القائم بين الراوي ومؤيديه من جهة، ورئيس مجلس المحافظة صباح الكرحوت و17 عضواً بالمجلس من جهة أخرى، لافتاً إلى وجود غايات انتخابية وراء الأزمات التي تشهدها الأنبار، لا سيما مع اقتراب انتخابات مجالس المحافظات.


وكان الكرحوت قد اتهم، في بيان سابق، إدارة محافظة الأنبار بالفساد، مؤكداً تشكيل لجنة للتحري عن ملفات الفساد في المشاريع التي لم تُنجز في المحافظة. وأوضح أن اللجنة التي ترأسها عضو المجلس جاسم الحلبوسي، ستتحرى عن تدقيق مجالات الصرف والإنفاق على المشاريع، ومدى الالتزام بمدة الإنجاز.
من جهته، قال الحلبوسي إن كتلة "الإصلاح" المناوئة لمحافظ الأنبار داخل المجلس، ماضية في إجراءات إقالة الراوي من منصبه، مؤكداً في مؤتمر صحافي، أن المطالبة بالإقالة جاءت بسبب تهم بالفساد. وأضاف أن "محافظ الأنبار المقال طعن بقرار إقالته أمام محكمة القضاء الإداري، وأصدرت المحكمة قراراً بقبول طعنه"، مؤكداً إصرار كتلته على نهج الإصلاح في الانبار. يُذكر أن محكمة القضاء الإداري العراقية كانت قد أصدرت، الأربعاء الماضي، قراراً بردّ قرار إقالة الراوي من منصبه، ومنحه الحق بالعودة لممارسة أعماله كمحافظ.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العيداني، إن الصفقة التي يجري الحديث عنها في الأنبار، تُمثّل محاولة تقوم بها جهات سياسية لتحسين صورة مليشيات "الحشد الشعبي"، التي تحاول الحصول على قبول حكومي للمشاركة في معركة استعادة السيطرة على الموصل. ويؤكد العيداني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المليشيات تخشى من التعرض لحملة إعلامية مشابهة لتلك التي تعرضت لها أثناء معركة الفلوجة. ويبدي استغرابه من قبول الحكومة المحلية في الأنبار بالتزام الصمت بخصوص مقتل واختفاء 650 عراقياً على يد مليشيات "الحشد"، منتقداً "القبول بالمناصب على حساب أرواح العراقيين".