نتنياهو في السفارة

نتنياهو في السفارة

30 يوليو 2016
ريفلين ونتنياهو خلال احتفال لدولة الاحتلال (توماس كوكس/فرانس برس)
+ الخط -

لا أعتقد بأن عربياً واحداً من الخليج إلى المحيط، تصوّر مرة في حياته أن يأتي يوم يسمع فيه الرئيس الإسرائيلي، رؤبين ريفلين، وهو يفاخر في بيت السفير المصري، في ذكرى ثورة الضباط الأحرار، بأن إسرائيل، نعم إسرائيل ولا أحد غيرها، تساند مصر في حربها ضد الإرهاب... هكذا بكل صلافة وبكل غرور.

ولا أعتقد بأن عربياً واحداً، وهذه المرة من المحيط إلى الخليج، تصوّر أنه سيعيش ليسمع رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، يستغلّ احتفالاً مصرياً في سفارة مصرية في قلب تل أبيب، ليفاخر بأن الشعبين المصري واليهودي، هما شعبان عريقان قدّما الكثير الكثير للحضارة الإنسانية. مع ذلك حدث هذا ويحدث اليوم في سفارة مصر العربية في تل أبيب، وتحت حكم نظام الانقلاب المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي.

لا يمكن طبعاً عزل هذه الصفاقة الإسرائيلية، وهذا الغرور الذي يصل حدّ مساواة مصر العروبة بدولة الاحتلال، عن التحالف الاستراتيجي بين مصر السيسي وبين دولة الاحتلال. فالعلاقة بين الطرفين لم تعد، كما كانت حتى في عهد المخلوع حسني مبارك، مجرد اتفاق سلام اشتكت إسرائيل دائماً بأنه يفتقر إلى الدفء، ولا هو تحالف مفروض تفرضه معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية. إنه تحالف تقدم فيه مصر اليوم، لإسرائيل، أكثر مما تأخذ، وهو تحالف تريده مصر السيسي فقط لغرض تثبيت أقدام الانقلاب وحكمه العسكري، وتثبيت منظومة الانقلابات المضادة، وليذهب تاريخ مصر وحضارتها ومجدها ودورها العربي والقومي إلى الجحيم، ما دام الرئيس الإسرائيلي، رؤبين ريفلين، يقرّ بمعسول كلامه بأن "مصر أم الدنيا". ماذا يبقى من "هذه الدنيا" ومن أمها مصر بعد أن تبيع مصر السيسي ماضيها وحاضرها ومستقبلها وتوظفه في خدمة الدعاية الإسرائيلية.

هذا هو زمن الانقلاب إذا على كل شيء، فعندما تحتفل سفارة مصر بثورة عبد الناصر، الذي قال إنه أدرك وهو يقاتل في فلسطين، أن مشكلته مع النظام الملكي في القاهرة، بحضور بنيامين نتنياهو، فهل يكون لهذا الاحتفال معنى آخر سوى أنه احتفال إسرائيلي بهزيمة ثورة عبد الناصر وخطها القومي والوطني والعروبي؟