فشل الانقلاب التركي مصرياً: تحذير للجيش ودفعة للحراك الثوري

فشل الانقلاب التركي مصرياً: تحذير للجيش ودفعة للحراك الثوري

26 يوليو 2016
تظاهرات ضد انتهاكات النظام المصري الحالي(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
يتفق مراقبون وخبراء سياسيون مصريون على أنّ فشل الانقلاب العسكري في تركيا له تأثير كبير باتجاهين؛ أولهما إيجابي يتعلق بالشعوب والتمرد على سطوة المؤسسة العسكرية في بلدان المنطقة، والثاني سلبي تجاه النظرة لهذه المؤسسات. وأصيب النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، بخيبة أمل كبيرة، جراء فشل الانقلاب العسكري في تركيا، وهو ما ظهر جليّاً في اعتراض مصر على نص مشروع بيان من مجلس الأمن لإدانة ما حدث، والتي طالبت كل الأطراف باحترام الحكومة الشرعية المنتخبة. واقترحت القاهرة بدلاً من هذه العبارة، "احترام المبادئ الديمقراطية والدستورية وحكم القانون".

وأطلق النظام المصري أذرعه الإعلامية للترويج للانقلاب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باعتباره حاكماً مستبداً، بحسب رؤيتهم، إذ يعتبر السيسي نظيره أردوغان خصمه الرئيسي في أزمته مع جماعة "الإخوان المسلمين"، بسبب عدم اعتراف أنقرة بالنظام المصري الحالي، باعتباره جاء بعد انقلاب عسكري على الرئيس المعزول محمد مرسي.

وتحوّلت نبرة خطاب الإعلام الموالي للنظام المصري من التشفّي في أردوغان إلى رفضها التام لإهانة أفراد المؤسسة العسكرية، خوفاً من تكرار أي من تفاصيل تلك التجربة في مصر، بحسب مراقبين. وتقول مصادر مقربة من دوائر صنع القرار، إن السيسي والأجهزة السيادية كانت تتابع عن كثب تطورات الموقف في تركيا وتداعياته المحتملة. وتضيف أن مصر ما كانت لتصدر أي موقف من الانقلاب، لأمرين؛ الأول، إذا أُصدر موقف مؤيد وفشل تحرك مجموعة الجيش فسيكون الموقف سيئاً للغاية على العلاقات مع تركيا في حال استمرار أردوغان بالحكم. ثانياً، إذا اتخذ النظام المصري موقفاً مؤيداً فسيضع نفسه في حرج دولي وإقليمي باعتباره يدعم الانقلابات في المنطقة.

وتشدد هذه المصادر على أنه في حالة إسقاط أردوغان، فهذا يعني إمكانية تسليم قادة "الإخوان المسلمين" المقيمين في تركيا، وبالتالي خفض حدة التحركات الدولية ضد السيسي، لأن أغلب القادة سيكونون في السجون المصرية، ولن يتبقى أحد بالخارج، وهو ما ظهر مع الدعوات في الإعلام لضرورة تسليم القيادات الهاربة في تركيا.

وحول تأثيرات مواجهة الشعب والشرطة ورجال المخابرات للجنود المنفذين للانقلاب وتأثيرها، يؤكد خبير عسكري أن هناك دلالات كبيرة في عملية مواجهة الانقلاب. ويقول الخبير العسكري لـ"العربي الجديد"، إن ما حدث في تركيا يعتبر نموذجاً ملهماً لدول المنطقة ورسالة تحذير للجيوش التي تسيطر على الأوضاع في بلادها، مع إمكانية تكرار الأمر مجدداً في مواجهة أي قوات عسكرية، ليس في مجال مواجهة انقلاب مثلاً، لكن بصفة عامة لمواجهة أي سيطرة وسطوة.







ويضيف أن المؤسسات العسكرية، خصوصاً المصرية، التي عادة ما تكون طرفاً في أي اضطرابات في محاولة للسيطرة عليها يمكن أن تضيع هيبتها التي شكلتها على مدار سنوات طويلة في ساعات قليلة. ويشدد على أن "نجاح الأتراك في التصدي للانقلاب نموذج ملهم أيضاً لكن للشعوب التي تنظر لما يحدث في تركيا مع إمكانية تنفيذه، ليس بالضرورة الآن، لكن يبقى راسخاً في العقل الجماعي للمجتمع، يتم استدعاؤه كلما كانت هناك حاجة لذلك".

وبحسب الخبير ذاته، فإن تأثيرات فشل الانقلاب على الجيوش سلباً وإيجاباً على الشعوب، استدعى هجوماً شديداً وعنيفاً، وبث رسائل للمواطنين بفداحة خطأ التهجم على المؤسسة العسكرية بأي حال وحتى ما أقدمت عليه.

من جانب آخر، أعطى فشل الانقلاب العسكري في تركيا دفعة إيجابية قوية للحراك الثوري ضد الانقلاب في مصر خلال الفترة المقبلة، بحسب مراقبين. ويقول قيادي بارز بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، الموالي للرئيس المعزول محمد مرسي، إن أحد أهم أهداف تكتل القوى الإسلامية وراء مرسي، عدم إتاحة الفرصة لقيام أي جيش في المنطقة بانقلاب عسكري. ويضيف القيادي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه لولا موقف القوى الإسلامية من رفض الانقلاب لنجح التحرك العسكري الأخير في تركيا، أو أي انقلاب آخر في المنطقة.

ويشير إلى أن نتائج رفض الانقلاب في مصر ظهرت في تركيا من خلال إعطاء مثل في التصدي للسيسي، أي تخوف الأتراك من مصير مصر، وبالتالي هم من هزموا الانقلابيين. ويشدد في المقابل على أن فشل الانقلاب في تركيا يعطي دفعة قوية للحراك الثوري في مصر، وهو ما سيظهر خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد إصابة السيسي بخيبة أمل.

ويعتبر الخبير السياسي محمد عز أن فشل الانقلاب بتركيا يعطي دفعة معنوية إيجابية للقوى الثورية والشعب المصري، بإمكانية إحداث تغيير فعلي خلال الفترة المقبلة. ويقول عز لـ"العربي الجديد"، إن الانقلابات العسكرية بعد الوضع في تركيا باتت مهددة بالفشل، وستعطي دفعة للشعب المصري بإحداث تغيير وعودة الثقة لنفسه مرة أخرى بعد 3 يوليو/تموز 2013.

ويشير إلى أن الشعب المصري شاهد على الهواء مباشرة كيف تصدى الأتراك للانقلاب على أردوغان، وبالتالي يرسخ في العقل الجماعي إمكانية مواجهة الدبابات والمدرعات بصدور عارية مثلما حدث في أحداث الثورة على مدار خمسة أعوام. ويشدد على أن النظام المصري كان يهمه نجاح الانقلاب في تركيا، حتى لا يكون وحده قائد انقلاب في المنطقة، ما يخفف من الضغوط عليه.