جمهورية "نصّ الكأس"

جمهورية "نصّ الكأس"

25 يوليو 2016
يصرّ التونسيون على النضال السلمي (ياسين القائدي/الأناضول)
+ الخط -
يحتفل التونسيون، اليوم الإثنين، بذكرى عيد الجمهورية، والتي ولدت على أيادي دستور الثورة الجديد، ويجددون محاولة تقييم مسيرتهم كما اعتادوا في كل مناسبة.
وينقسم التونسيون، كما غيرهم، وهو أمر طبيعي، في تقييم هذه الإنجازات والإخفاقات، بين منتشٍ بنسائم الحرية، واحترام الدستور والقانون، وبين متعبٍ من وضع اقتصادي صعب، ومستعدٍ في لحظات يأس أن يقايض الحرية بالخبز.
ولكن هذا الاختلاف في التقييم طاول حتى زعماءهم وقيادييهم، وآخرهم رئيس الحكومة الحبيب الصيد، والذي بدأ مسلسل دفاعه عن حصيلة حكومته، داعياً إلى النظر إلى "نصف الكأس المليء"، بعد أن نجحت تونس، للمرة الأولى منذ سنوات، في تمرير شهر رمضان من دون شهداء، ولا اعتداءات إرهابية تجدد مخاوفهم في كل مرة.
غير أن نصف الكأس الآخر الذي أغفله الصيد، النصف الفارغ، لم يتعلق بالإخفاقات وغياب الإنجازات الاجتماعية وتراكم الديون والعجز، بل ملأته الشائعات وتدنّي الخطاب السياسي في أعلى هرم السلطة، وتحوّل المشهد السياسي التونسي في الأيام الأخيرة إلى سلسلة من تبادل الاتهامات والشتائم، بين مؤيدي الصيد وفريق الرئيس الباجي قائد السبسي. وذلك بعد أن خرج الأول عن صمته كاشفاً، في توقيت اختاره بعناية، أن أحد المقرّبين من السبسي هدده بالإهانة إذا رفض الاستقالة.
وتحوّلت صفحات المسؤولين، المتهِمين والمتهَمين، على موقع "فيسبوك"، إلى منصات لتبادل الرسائل الفجة والمباشرة، والتي لا تقيم أي اعتبار لقرائها من الشعب. وأصبحنا نقرأ عبارات من نوع "العفن" و"الكذاب" و"كبش النطيح" أي الخروف ذي القرنين، و"المسخرة" وغيرها، في صورة لا تحترم التونسيين والتونسيات، ثم يخرج علينا المسؤولون أنفسهم في مناسبات أخرى ليطالبوا الشباب والأطفال برفعة الذوق، واحترام المؤسسات، والاستغراب من تدني الأخلاق في شوارعنا، ومن نفاد ثقة التونسيين في أغلب الكوادر والنخب السياسية والأحزاب، وحتى مؤسسات الدولة.
وعلى الرغم من ذلك، يبقى في التونسيين أنفاس تدافع عن المنجزات، وترى في الوضع الحالي مجرّد مرحلة موقتة، وأن ما يحصل مجرد أخطاء، ستمحوها طاحونة التطور، والتي لم يعد بإمكان أحد أن يعيدها إلى الوراء.

المساهمون