المنقلبون على انقلاب السيسي ينضمون لمعارضيه في السجون

المنقلبون على انقلاب السيسي ينضمون لمعارضيه في السجون

03 يوليو 2016
تكتظ السجون المصرية بآلاف المعتقلين (إد جيلز/Getty)
+ الخط -
مضى العام الثالث على الانقلاب العسكري في مصر، في 3 يوليو/تموز 2013، ولا تزال السجون المصرية مفتوحة لاستيعاب كل معارض للنظام، وإن كان في المعسكر الموالي له يوماً ما. وأقدم النظام المصري على بناء تسعة سجون جديدة منذ تولي الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، الرئاسة وحتى اليوم، لتضاف إلى مقار الاحتجاز المختلفة الموجودة في مصر وعددها قرابة 382 مقراً للاحتجاز. وشهد عام 2015 فقط، بناء 5 سجون جديدة شيّدتها وزارة الداخلية المصرية بتكلفة 1.2 مليار جنيه (نحو 135 مليون دولار)، على الرغم من عجز الموازنة الذي وصل إلى 684 مليار جنيه (نحو 77 مليار دولار)، لتضاف تلك السجون إلى قائمة تضم 42 سجناً موزعة على 25 منطقة.
وفي نهاية عام 2014 أصدر مجلس الوزراء قراراً ببناء سجن آخر في مدينة القاهرة، على مساحة 12 ألف متر في منطقة السلام بالقاهرة، وأُطلق عليه اسم "سجن النهضة" يتكون من طابقين. وفي العام نفسه، أصدرت وزارة الداخلية القرار رقم 84 في 16 مارس/آذار، بإنشاء سجنين في محافظة المنيا. وفي أغسطس/آب 2013، بدأت السلطات في بناء "ليمان جمصة شديد الحراسة"، ويقع السجن الذي أنشئ على مساحة 42 ألف متر مربع بجوار مدخل مدينة جمصة في محافظة الدقهلية، وتكلف إنشاؤه نحو 750 مليون جنيه (نحو 84 مليون دولار)، حسبما صرحت وزارة الداخلية حينها. وشهد أواخر سبتمبر/أيلول من العام نفسه، إقرار مجلس الوزراء برئاسة رئيسه الأسبق حازم الببلاوي، مشروع قرار رئيس الجمهورية بتعديل بعض أحكام القرار الجمهوري رقم 165 لسنة 2007 بشأن إخلاء بعض أراضي السجون وإنشاء سجون بديلة، ونص هذا التعديل على: "يختص صندوق مشروع أراضي وزارة الداخلية باستغلال أراضي السجون التي يتم إخلاؤها والمبينة في المادة الأولى من ذلك القرار في تجهيز سجون أخرى بديلة أو في الأغراض التي أنشئ من أجلها الصندوق".

كان النظام المصري منذ البداية يعرف معارضيه كما يعرف مواليه، فدارت عجلة الانتقام وبدأت بالشباب، وعلى رأسهم حركة شباب 6 إبريل، التي أعلنت موقفها صراحة من النظام الجديد منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وهي الحركة التي قالت "بل هو انقلاب". فكان أحمد ماهر، وهو منسق عام حركة شباب 6 إبريل، في صدارة المشهد، إذ أمرت النيابة العامة المصرية، بالقبض عليه مع الناشط السياسي علاء عبدالفتاح بتهمة التحريض على التظاهر، فتوجّه ماهر بنفسه يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، لتسليم نفسه للشرطة المصرية، ليجد نفسه محكوماً عليه بالحبس 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه ومراقبة 3 سنوات بعد انقضاء مدة الحبس.

ماهر، مهندس مدني، شارك في جميع مراحل الثورة المصرية، سواء بشكل فردي أو من خلال الحركة، واعترف بأن تظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، قادت لانقلاب عسكري، وقالها صراحة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": 30 يونيو انقلاب... بس محدش عنده الجرأة يقول كده". في سجنه، كتب ماهر مذكرات 6 إبريل في 5 أجزاء متصلة، تحت عنوان "البداية". سُجن في عهود الرئيس المخلوع، حسني مبارك، على خلفية إضراب 6 إبريل، والرئيس المعزول محمد مرسي، على خلفية تظاهره أمام منزل وزير الداخلية، ويقضي عقوبة السجن في ظل نظام السيسي، على خلفية خرق قانون التظاهر.


ثم جاء دور حركة الاشتراكيين الثوريين التي كانت سبّاقة أيضاً في الاعتراف بأن ما حدث في 3 يوليو/تموز 2013، من الإطاحة بمرسي، وتولي الجيش مسؤولية إدارة شؤون البلاد بمساعد شكلية من السلطات القضائية والأحزاب، كان انقلاباً عسكرياً. ففي نهايات إبريل/نيسان الماضي، ألقت قوات الأمن المصرية، القبض على عضو حركة الاشتراكيين الثوريين، هيثم محمدين من منزله، قبل التظاهرات التي عُرفت بـ"جمعة الأرض" الرافضة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، لصالح السعودية.

وكان قد ألقي القبض على محمدين يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011 من تظاهرة خرجت من حي شبرا في القاهرة، مع مجموعة كبيرة من الشباب، وأفرج عنهم قبل جمعة الغضب في 28 يناير/كانون الثاني من العام نفسه. وهو ابن القيادي العمالي فوزي محمدين، من القيادات العمالية التي شاركت في اعتصام عمال الحديد والصلب عام 1989، وكان له دور ونشاط سياسي وعمالي بارز. ولا تُعد تلك هي المرة الأولى التي تُلقي فيها قوات الأمن المصرية، القبض على محمدين، عقب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، إذ سبق لقوات الجيش المصري، أن ألقت القبض على محمدين، بكمين في السويس في سبتمبر/أيلول عام 2013، أثناء توجهه للتضامن مع إضراب عمال مصنع إسمنت. وتم احتجازه بقسم شرطة عتاقة في السويس، وعرض في اليوم التالي على النيابة بتهمة "التعدي على ضابط جيش أثناء تأدية عمله"، وأفرج عنه بعدها بحوالي 48 ساعة.

وما بين 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين، اجتهد النظام المصري في قمع جميع معارضيه، حتى وصل به الحال لإلقاء القبض على عضو حملة ترشح السيسي للانتخابات الرئاسية، الناشط السياسي عمرو عز، خلال التظاهرات الرافضة للتنازل عن الجزيرتين، وتوجيه اتهامات له بـ"الانتماء لجماعة إرهابية محظورة". 
وتتفاوت أعداد المعتقلين في السجون المصرية، من تقرير لآخر. وقدّرت منظمة العفو الدولية العام الماضي، أعداد المعتقلين في مصر بأكثر من 41 ألف معتقل، اعتُقلوا أو وجهت لهم اتهامات بارتكاب جرائم جنائية أو حكم عليهم في محاكمات غير عادلة. فيما تقدّر وزارة الخارجية الأميركية أعداد المعتقلين في مصر منذ عام 2013، بـ62 ألف سجين. ويُعتقد أن العدد اليوم أكبر بكثير لأن الحكومة دأبت على اعتقال المعارضين في سجون سرية، بحسب تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية في فبراير/شباط الماضي. أما المركز العربي الأفريقي للحريات وحقوق الإنسان، فكشف عن وجود أكثر من 49 ألف معتقل سياسي في سجون الانقلاب العسكري في مصر، يتواجدون في حوالي 131 سجناً ومقر احتجاز شرطي وعسكري، بحسب تقرير للمركز في إبريل/نيسان الماضي.

المساهمون