تفريغ الزبداني من أهلها يدخل مرحلته الأخيرة

تفريغ الزبداني من أهلها يدخل مرحلته الأخيرة

02 يوليو 2016
أهالي الزبداني سينقلون إلى إدلب (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

علمت "العربي الجديد" أن عملية إخلاء من تبقى في مدينة الزبداني المحاصرة في ريف العاصمة السورية دمشق، من مقاتلين ومدنيين أصبحت في مراحلها الأخيرة، إذ ستصبح المدينة بالكامل بيد "حزب الله" اللبناني، الذي يعتبر اليوم القوة العسكرية الأساسية في منطقة القلمون الغربي.

وأفادت مصادر مطلعة من الزبداني لـ"العربي الجديد" بأن "اتفاقاً تم بين حركة أحرار الشام وإيران بداية شهر رمضان الجاري، ينص على أن يتم تنفيذ البند الخاص بإخراج جميع المسلحين المتواجدين في الزبداني مع من يرغب من عائلاتهم إلى إدلب حصراً، وذلك ضمن ما يعرف باتفاق المدن الأربع: كفريا والفوعة والزبداني ومضايا، والذي أنجز في سبتمبر/أيلول من العام الماضي". وتلفت المصادر إلى أن "عدم اكتمال التحضيرات اللوجستية ساهم بتأخير عملية تنفيذ الاتفاق في وقت سابق".
وأضافت المصادر أن "العدد المقرر خروجه من الزبداني يبلغ 140 شخصاً بين مدني وعسكري، إضافة إلى عدد من العائلات المتواجدة في مضايا" المحاصرة، والتي سبق أن "جمع بها نحو ألفي عائلة بقرار اتخذه حزب الله وتم تنفيذه بالتعاون مع قوات النظام السوري".
ووفقاً للمصادر، فقد تم انتقاء هؤلاء "لأنه قد يشك بعدم ولائهم للنظام، في حين بقي جزء آخر في سهل الزبداني على طرف مدينتهم يسكنون المزارع، حيث لا يطبق بحقهم حصار غذائي أو طبي، ذلك أن بين هؤلاء مَن انتسب إلى المليشيات الموالية أو القوات النظامية، لتجنب أن يطاول عائلاتهم أي أذى، إلا أن الحزب والقوات النظامية تمنعهم من مغادرة مناطقهم".

ورأت المصادر أن "خروج من تبقى من أهل الزبداني لن يترك أثراً سلبياً على اتفاق المدن الأربع حيث إن الوزن البشري هو في مضايا وبقين التي يحاصر الحزب فيها نحو 45 ألف مدني، رحل معظمهم قسراً من مناطق إقامتهم في ريف دمشق إلى مضايا، في وقت سيفرض الحزب سيطرته على المدينة، ما سيمكنه من الترويج لما سيحصل كانتصار عقب سلسلة من الخسائر ليتغنى به أمام جمهوره".

وكانت مصادر أهلية من الزبداني قالت لـ"العربي الجديد" إن "الحزب رمم جامع الهدى في مدخل مدينة الزبداني، حيث يعتقد أن قيادات بارزة من الحزب ستأتي لتصلي فيه عقب تسلّم المدينة"، علماً بأن أي تأكيد في هذا الشأن لم يصدر عن مصادر موثوقة.

وقالت المصادر إن "الحزب ارتكب جرائم كثيرة في الزبداني، ولكن نعتقد أن أكبرها يتمثل بقطع أشجار سهل الزبداني لمساحة تصل إلى 900 هكتار، أي ما يعادل 80 بالمائة من مساحة السهل، والعملية مستمرة". وعلى الرغم من التوجيهات الصادرة من وزارة الزراعة السورية والأوامر للقوات النظامية، إلا أن هناك "ضباطا يتعاملون مع الحزب وينفذون سياسته"، بحسب المصادر.


في هذا السياق، أوضحت المصادر أن "من أبرز ضباط النظام المتعاملين مع الحزب والإيرانيين، قائد الفيلق الثاني، اللواء جمال سليمان، والعقيد محمد ديوب من قيادة الفيلق الثاني، وهما من المسؤولين عن حصار مضايا وموت العشرات داخلها جوعاً، فضلاً عن مسؤوليتهما عن التهجير القسري وقطع الاشجار، والتعامل الطائفي مع الأهالي".

في المقابل، أشارت المصادر إلى أن "العلاقة بين الحزب ومن خلفهم الإيرانيين مع القوات النظامية ليست كما تصور، فهناك صراع يومي بين الحزب والفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد (شقيق الرئيس السوري بشار الأسد) على إدارة ملف المنطقة العسكري. كما يبدو أن العلاقة متدهورة بين الحزب ومكتب الأمن الوطني الذي يترأسه علي مملوك، حيث إن الأخير يرسل عبر قنوات متعددة إلى أهالي الزبداني أن يثيروا مسألة تفريغ الزبداني من أهلها وتسليمها ليد الحزب، في وقت يعتقد فيه أنه ذات الجهة التي سربت الاتفاق وعطلت تنفيذه وتسببت بتأجيله من شهر مارس/آذار الماضي إلى اليوم".

في غضون ذلك، اعتبرت مصادر عسكرية مقربة من النظام في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مسألة كفريا والفوعة ومضايا والزبداني، هي قضية إعلامية حيث يستفيد منها كل طرف في صورته العامة أمام جمهوره، فالإيرانيون يقدمون أنفسهم أنهم حماة الشيعة في كفريا والفوعة، وأحرار الشام يقدمون أنفسهم على أنهم قوة قادرة على التفاوض مع الإيرانيين وحماية أهلها وإخراج الجرحى وإدخال المساعدات، علماً أن المدن الأربع ساقطة عسكرياً، ويمكن للجهتين اقتحامها والسيطرة عليها خلال ساعات". وأضافت المصادر نفسها أن "ما أعاد العمل على تطبيق الاتفاق هو عدم التزام الروس بالتعهدات الإيرانية واستئناف قصف إدلب، الأمر الذي دفع الإيرانيين إلى الاستعجال لتطبيق الاتفاق قبل أن تنهار الهدنة، التي غيبت القصف عن إدلب لنحو 10 أشهر متواصلة".

ويبدي ناشطون وسياسيون معارضون مخاوفهم من أن تتم عملية تهجير واسعة في مضايا والزبداني ومحيطها، ما يغير من التركيبة الديمغرافية للمنطقة، لصالح حزب الله، مذكرين بما حدث في مدينة القصير الحمصية، حيث منع الحزب عودة أهلها إليها على الرغم من مضي زمن طويل على سيطرته عليها.

المساهمون