مصر: تحريات سرّية في الداخلية لكشف المتعاونين مع "داعش"

مصر: تحريات سرّية في الداخلية لكشف المتعاونين مع "داعش"

28 يونيو 2016
مخاوف من خرق أمني داخل الوزارة (محمود خالد/فرانس برس)
+ الخط -
تسيطر حالة من القلق والارتباك على وزارة الداخلية المصرية في أعقاب الهجمات المتكررة على أفراد الشرطة في مختلف المحافظات خلال ما يزيد عن شهر، وتزامناً مع الحديث عن وجود متعاونين من داخل الجهاز الأمني مع المجموعات المسلحة.

ويعاني الوضع الأمني في مصر من خلل كبير لناحية نشاط وتنفيذ المجموعات المسلحة عمليات ضد قوات الشرطة في محافظات عدة، في ظل الفشل في كشف وتفكيك هذه المجموعات، على الرغم من بيانات الداخلية حول تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية.
وتنشط على الساحة المصرية بخلاف المواجهات المسلحة في سيناء، مجموعة أو أكثر تعمل لصالح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).



وأعلن تنظيم "داعش" عن استهداف رئيس مباحث محافظة الدقهلية العميد هشام سليم، في 6 يونيو/حزيران الجاري. كما تم استهداف دورية أمنية في اليوم نفسه أصيب خلالها نائب مدير أمن دمياط. كذلك، فإن اعتداء حلوان الذي أدى إلى مقتل 8 من أفراد الشرطة بعد الهجوم على حافلة كانت تقلهم في 8 مايو/أيار الماضي، زاد إلى حد كبير الشكوك التي كانت لدى قيادات وزارة الداخلية حول وجود متعاونين من داخل جهاز الشرطة مع عناصر "داعش"، بحسب مصدر أمني.

ويقول المصدر الأمني نفسه لـ"العربي الجديد"، إن اعتداء حلوان يجزم بوجود عناصر من داخل جهاز الشرطة سربت معلومات بشكل ما أو بآخر وصلت للعناصر الإرهابية، مما أسهم في تنفيذ الهجوم بدقة بناء على معلومات مسبوقة بعدد الأفراد ونوعية تسليحهم. ويلفت المصدر إلى أنه تم التحقيق مع عدد من الضباط وأفراد في نفس دائرة الواقعة للوقوف على مدى تورط أحدهم في المشاركة بالهجوم على زملائهم.
كذلك يشير المصدر نفسه إلى لجوء وزارة الداخلية عبر قطاع الأمن الوطني إلى إجراء مراجعة أمنية وتحريات عن الضباط وأفراد الشرطة في مختلف المحافظات، وتحديداً تلك التي شهدت أحداثاً إرهابية في فترات سابقة حتى لو منذ فترة طويلة. ويشدد المصدر على أن هذه الإجراءات تتم بشكل سري وبدقة شديدة وقد تأخذ المزيد من الوقت نظراً لوجود عدد كبير من الضباط وأفراد الشرطة، موضحاً أنهم ليسوا متهمين في شيء، لكن هناك حاجة لتنقية العاملين في الوزارة.
ويؤكد المصدر على ضرورة مراجعة العاملين المدنيين في الوزارة ويكون لديهم معلومات بحكم تعاملاتهم اليومية، لافتاً إلى أنهم يجب أن يخضعوا إلى التحري والكشف الأمني، وإن كانوا ليسوا مؤثرين للغاية.
ويشير إلى أن التحريات الأمنية تتعلق بعلاقة أي من أفراد الشرطة بأحد العناصر الإرهابية، أو يوجد صلة قرابة حتى ولو من درجة بعيدة، وإجراء عملية بحث ومراقبة للوقوف على مدى تورط أي من هؤلاء الأفراد في عمليات إرهابية. ويؤكد أنه سيتم الاعتماد على أي تحولات أو اختلاف في سلوكيات أو آراء أفراد أو ضباط الشرطة لناحية التشدد الديني أو اتخاذ مواقف متساهلة مع الإرهابيين، باعتبارهم الأكثر ميلاً إلى تلك الجماعات أو يسهل استقطابهم.
ويعتبر المصدر أن عملية التحريات التي يتم تنفيذها حالياً دقيقة وصعبة نظراً لكثرة العدد، وبالتالي نتائجها لن تكون سريعة، فضلاً عن أن الهدف منها هو معرفة الضباط والأفراد الذين قد يتحولون فكرياً إلى تلك الجماعات والأفكار المتشددة للتعامل مع الموقف قبل تطوره وانخراطهم بالفعل في تلك المجموعات. ويلفت إلى أن "الإيقاف عن العمل والتحويل للمحاكمات والعزل النهائي من الخدمة سيكون مصير أي فرد من كبار الضباط لصغار المجندين، يثبت تورطه أو علاقته بأي صورة بمجموعات دينية أو مسلحة".

من جهته، يرى الخبير الأمني، العميد حسين حمودة، أن وزارة الداخلية لديها قصور كبير في مواجهة الإرهاب، لأنها لا تزال تتعامل بنفس الطريقة والأسلوب القديم في القرن المنصرم.
ويقول حمودة لـ"العربي الجديد" إن "مواجهة الإرهاب ليست بالنيات والأسلحة الحديثة فقط، لكن بالعمل والبحث والتحري واستخدام الأساليب الحديثة والتقنيات". ويلفت إلى أن "الإرهاب الذي يشهده العالم الآن متطور عما ظهر قبل سنوات، وتستخدم الجماعات المسلحة التكنولوجيا للاختباء، ولا بد من التعامل معها بنفس الأسلوب". ويشدد على أن "تحرك الأمن المصري في مواجهة الإرهاب داخلياً بطيء للغاية، ولا بد من تحسينه بشكل كبير"، مطالباً بضرورة الطلب من دول كبرى الاستفادة من خبراتها في مجال مكافحة الإرهاب.
كما يشير إلى أن "مواجهة الإرهاب في كل العالم، ولا سيما الدول الكبرى التي شهدت عمليات عنيفة قوية، بات علماً وفنّاً وليس مجرد أعمال روتينية لرجال الشرطة"، على حد قوله.