خروج بريطانيا "الأوروبي" يُنعش مشاريع الانفصال.. واسكتلندا أولها

خروج بريطانيا "الأوروبي" يُنعش مشاريع الانفصال.. واسكتلندا أولها

24 يونيو 2016
معظم الاسكتلنديين صوتوا لصالح البقاء بالاتحاد الأوروبي (فرانس برس)
+ الخط -

قالت رئيسة وزراء اسكتلندا، نيكولا ستورغن، اليوم الجمعة، إنها تعتزم "استكشاف كل الوسائل الممكنة للحفاظ على مكان اسكتلندا في الاتحاد الأوروبي، وإن خيار استفتاء ثان حول استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة بات على الطاولة". 

ولم تنتظر ستورغن كثيراً، بعد الإعلان عن النتائج النهائية للاستفتاء البريطاني، للقول إنها ترى مستقبل اسكتلندا داخل الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن هناك إمكانية لأن تسارع زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي إلى "الاستفتاء الثاني"، مدفوعة بتعبير غالبية الاسكتلنديين عن تأييدهم للبقاء في الاتحاد الأوروبي، خلافا لما قرره المصوتون في إنجلترا وويلز.

من جهته، توقع الزعيم السابق للحزب القومي الاسكتلندي، أليكس سالموند، اليوم، أن يدعو الحزب لاستفتاء جديد على استقلال اسكتلندا عن بريطانيا، عقب تأييد البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء صوت فيه معظم الاسكتلنديين لصالح البقاء.

وقال سالموند، في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز"، إن "الحكمة تقتضي عدم خروج اسكتلندا من الاتحاد الأوروبي أبدا".

ومن المتوقع أن تدعم دول الاتحاد الأوروبي استقلال اسكتلندا، على خلاف الموقف في الاستفتاء السابق. 

ويرى المراقبون أن الاتحاد الأوروبي قد يتخذ هذا الموقف لاعتبارين، أولاً الرغبة في ضم اسكتلندا المستقلة للاتحاد تعويضاً عن خروج بريطانيا، وثانياً من باب الضغط لدفع إنجلترا لإعادة النظر في موقفها والتفكير في العودة للاتحاد. 

ورغم المواقف التي عبرت عنها زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي، اليوم، إلا أنه من المستبعد أن تسارع اسكتلندا إلى استفتاء جديد قبل انتهاء مفاوضات الانفصال بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، من جهة، وقبل ضمان دعم شعبي واضح من أجل الاستقلال، يتجاوز الـ55 في المائة من الشعب الاسكتلندي، كما قالت نيكولا ستورغن، من جهة ثانية. 

وكان الاسكتلنديون قد رفضوا الاستقلال عن بريطانيا في استفتاء عام 2014، بنسبة 55 إلى 44 في المائة. ولا شك أن نتيجة الاستفتاء ستدعم رؤية الحزب القومي الاسكتلندي الذي سيطر في الانتخابات العامة التي أجريت بشهر مايو/ أيار 2015، على 56 من 59 مقعداً لاسكتلندا في مجلس العموم البريطاني.


من جهة ثانية، يخشى سياسيون، أمثال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، جون ميجر، وخليفته توني بلير، من أن يُؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ثم انفصال اسكتلندا، إلى تقسيم المملكة المتحدة، وعودة التوتر والنزعة الانفصالية لأيرلندا الشمالية، حيث الكاثوليك القوميون يسعون لضم الإقليم لجمهورية أيرلندا، في حين يرغب خصومهم من البروتستانت في البقاء ضمن المملكة المتحدة. 

وبالفعل، فقد دعا حزب "الشين فين"، الواجهة السياسية للجيش الجمهوري الأيرلندي، صباح اليوم، إلى استفتاء على أيرلندا موحدة بعد تصويت البريطانيين لمصلحة الخروج من الاتحاد. 

وأكد الحزب أن الاستفتاء على عضوية الاتحاد "له عواقب هائلة على طبيعة الدولة البريطانية"، بعدما صوتت اسكتلندا وأيرلندا الشمالية على بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد.

في المقابل، رفضت رئيسة وزراء أيرلندا الشمالية، أرلين فوستر، اليوم، دعوة من نائبها القومي لإجراء استفتاء على الوحدة الأيرلندية، ووصفتها بأنها "دعوة انتهازية".

وكان نائب رئيسة الوزراء، مارتن مكجينيس، قد قال، في وقت سابق اليوم، إن الحكومة البريطانية عليها "التزام ديمقراطي" بالدعوة للتصويت بشأن خروج أيرلندا الشمالية من المملكة المتحدة، بعدما أيد البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وتابع، وفق "رويترز"، أن "الحكومة البريطانية ليس لديها الآن أي تفويض ديمقراطي بتمثيل وجهات نظر الشمال في أي مفاوضات مستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، وأعتقد أن هناك التزاماً ديمقراطياً بإجراء استفتاء حدودي".

وجاء حدث الاستفتاء البريطاني والخروج من الاتحاد متزامناً مع تواجد المرشح الجمهوري الأبرز للانتخابات الرئاسية الأميركية، دونالد ترامب، في اسكتلندا، ما أوجد له ذريعة مناسبة كي ينثر تصريحاته "اليمينية"، فقال إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أمر "رائع"، وذلك عند وصوله إلى اسكتلندا التي أعلنت أنها ترى مستقبلها "داخل" الاتحاد بعد الاستفتاء البريطاني.


وقال ترامب للصحافيين بعدما حطت مروحيته في تورنبوري على الساحل الغربي الاسكتلندي: "أعتقد أنه أمر عظيم وسيكون استثنائيا. إنه أمر رائع".

غير أن القيادي في حركة "قفوا ضد العنصرية"، كير ماكيشني، قال لوكالة "فرانس برس"، إن "اسكتلندا بلد تقدمي ومتسامح ومتعدد الثقافات. سنكافح الانقسام الديني الذي يمثله دونالد ترامب وليس مرحبا به هنا".

ووصف رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، تصريحات ترامب بأنها "غبية وخاطئة". وقال: "إذا جاء (ترامب) إلى بلدنا فسنقف جميعا متحدين ضده".

هذا وتتخوف أوساط سياسية أوروبية من انتقال العدوى البريطانية، ولاحقا الاسكتلندية، إلى بعض بلدان أوروبا، وخصوصاً التي تواجه تحديات أمنية واقتصادية. وأكثر البلدان المرشحة هي فرنسا التي تستعد لانتخابات تشريعية ورئاسية خلال أشهر، ومن غير المستبعد أن يكون العنوان الرئيسي للحملة هو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، خصوصاً وأن زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، مارين لوبان، دعت إلى استفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي "في فرنسا وفي دول الاتحاد". 

كما طالب النائب اليميني المتطرف، غيرت فيلدرز، هولندا بإجراء استفتاء على إمكانية خروج بلده من الاتحاد. ورحب حزب "البديل من أجل ألمانيا" بقرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي، معتبراً أنه "أسدى خدمة جليلة لأوروبا".