سماء حلب تزدحم بالطائرات الروسية: نابالم وقنابل فوسفورية

سماء حلب تزدحم بالطائرات الروسية: نابالم وقنابل فوسفورية

رامي سويد

avata
رامي سويد
22 يونيو 2016
+ الخط -
عاودت روسيا تقديم الدعم الجوي الكثيف لقوات النظام السوري في حلب ومحيطها، خلال اليومين الأخيرين، بعد أيام قليلة من زيارة وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إلى القاعدة الروسية في مطار حميميم العسكري، قرب مدينة اللاذقية على الساحل السوري. وجاءت هذه التطورات لتحيي آمال النظام السوري ببدء هجوم كبير على حلب بدعم روسي، بعد تأخر هذا الهجوم نحو أربعة أشهر، يُرجّح أن تكون روسيا قد رفضت، خلال هذا الوقت، إعطاء غطاء لمثل هذا الهجوم، بهدف إفساح المجال لإحراز تقدم ملموس على مستوى مباحثات جنيف بين النظام والمعارضة السورية.

ويبدو أن تعثُّر مباحثات جنيف وعدم وضوح مصيرها بعد عدول المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، عن الدعوة إلى جولة مباحثات جديدة، كما كان منتظراً في منتصف يونيو/حزيران الحالي، أنقذ جهود النظام السوري الرامية لإقناع الروس بضرورة شن عملية عسكرية كبيرة في حلب بهدف تحقيق نصر عسكري يُجبر المعارضة التوقيع على أوراق استلامها لاحقاً في جنيف.

واللافت، أنّ الأيام الأخيرة التي سبقت زيارة الوزير الروسي إلى القاعدة الروسية في حميميم، للإشراف على سير العمليات العسكرية، والتي تخلّلها زيارة رئيس النظام، بشار الأسد، للقاعدة ولقاء الوزير هناك، شهدت خسائر كبيرة، وغير مسبوقة، لقوات النظام والمليشيات العراقية والإيرانية وحزب الله اللبناني المقاتلة إلى جانبها على الجبهات في ريف حلب الجنوبي.

وتمكّنت فصائل المعارضة السورية، متمثلة بـ"جيش الفتح"، من توسيع رقعة سيطرتها على مناطق جنوب حلب، وأهمها خان طومان وما يحيط بها، فضلاً عن مناطق أخرى سيطرت عليها، الأسبوع الماضي، وأهمها بلدات خلصة، وبرنة، وزيتان. ورافق تقدم المعارضة مزيد من الخسائر في صفوف المليشيات الأجنبية الداعمة للنظام جنوب حلب، وفي مقدمتها حزب الله الذي تكبدت قواته خسائر بشرية فادحة، وغير مسبوقة، منذ معركة القصير بريف حمص، قبل نحو ثلاث سنوات.

وجرى كل ذلك، بطبيعة الحال، من دون حصول المليشيات وقوات النظام على أي غطاء جوي من الروس، الأمر الذي جعلها لقمة سائغة، نسبياً، للمعارضة السورية التي اكتسبت، خلال السنوات الأربع الأخيرة، خبرة ميدانية كبيرة في حرب العصابات بالمدن، وحرب القوات الخفيفة، والأراضي المفتوحة في المناطق ذات التضاريس الوعرة، كما هو الحال في ريف حلب الجنوبي. ومكّن كل ذلك، المعارضة السورية، من التفوق ميدانياً على المليشيات المساندة للنظام السوري، والتي كبّدتها خسائر كبيرة في القتلى، وأسر العشرات من عناصرها، واغتنام أسلحة متنوعة.

وإذا كان التوغّل في ريف حلب الجنوبي بهدف الوصول إلى الفوعة وكفريا المواليتَين للنظام وطهران، والمحاصرتَين من المعارضة شمال إدلب، يُعدّ أولوية قصوى بالنسبة للمليشيات، فهو ليس أولوية الروس الذين يفكرون، منذ أشهر، في إمكانية إسقاط مدينة حلب من يد المعارضة، عبر فرض حصار عليها، واتباعه بهجوم بري مدعوم جوياً من محاور عدة يدفع المعارضة إلى الانهيار، ويمكّن قوات النظام من قضم أراضي المدينة، وبالتالي التضييق عليها لتستسلم أخيراً.

ويترجم القصف العنيف، وغير المسبوق، الذي شنّته موسكو، خلال يومَي الاثنين والثلاثاء، على ضواحي حلب الشمالية القريبة من أوتوستراد الكاستلو، الذي يشكل خط إمداد المعارضة الأخير إلى مناطق سيطرتها في حلب، أهدافها في المدينة. وشنّت طائرات تابعة لسلاح الجو الروسي، بحسب المصادر الميدانية شمال حلب، غارات جوية كثيفة وعنيفة بالقنابل الفوسفورية والعنقودية على بلدات في ريف حلب الشمالي، أول من أمس الإثنين.





ونشر ناشطون تسجيلاً مُصوّراً، أظهر لحظة سقوط القنابل التي ترافقت مع ألسنة من اللهب، وأعمدة كالشهب، وارتطامها بالأرض لتحدث انفجارات وحرائق كبيرة. ويقول الناشط الإعلامي، محمد الحلبي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "نحو سبع طائرات روسية تناوبت على قصف مدن وبلدات عندان، وحريتان، ومعارة الأرتيق، وكفر حمرة، وياقد العدس، وبابيص، والملّاح، شمال وغرب مدينة حلب، بأكثر من خمسين غارة بقنابل النابالم والفوسفور المحرمة دولياً"، مشيراً إلى أنّ "القصف أحدث انفجارات وحرائق هائلة". 
كما شنّت هذه الطائرات غارات على مناطق البني زيد، والليرمون في أطراف حلب الشمالية، ظهر أمس الثلاثاء، وغارات جديدة على بلدات كفرحمرة وعندان، ما أدى لمقتل ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين.

ويُرجّح في ظل المعطيات الحالية أن يتصاعد القصف الروسي ويستمر في حلب وريفها، خصوصاً في مناطق ضواحي حلب الشمالية التي يُنتظر أن تشهد معركة قد تكون فاصلة في الأيام المقبلة، بعد نجاح المعارضة في التصدي لجميع هجمات قوات النظام في مناطق الملاح وحندرات، خلال الأسبوعين الأخيرين.

ويرى مراقبون أنّ هذا التصعيد الميداني يشير إلى ارتفاع احتمالات وجود دعم روسي كبير لقوات النظام ومليشياته، استعداداً لعمل عسكري كبير في حلب، ما يعني تصاعد الصراع العسكري بشكل كبير، ونهاية الحديث عن الهدن المتقطعة قصيرة الأمد في حلب وريفها. وهو ما يعني، وفقاً للمراقبين، انهيار الخطة الأميركية ـ الروسية التي تمثّلت باتفاقات فيينا، وقرار مجلس الأمن 2254، والتي تهدف بمجملها، إلى الدفع بالنظام السوري والمعارضة إلى عملية تفاوضية تفضي إلى انتقال سياسي حقيقي.

وانهيار هذه الخطة يعني من جانب آخر، بحسب المراقبين أنفسهم، أن الولايات المتحدة قد تعيد النظر بسياستها في سورية، وهو الأمر الذي بات في واجهة المشهد الدبلوماسي الأميركي بعد نشر 51 من الدبلوماسيين الأميركيين، الأسبوع الماضي، رسالة تدعو إلى توجيه ضربات عسكرية أميركية مباشرة لإجبار الأسد على التفاوض للتوصل إلى سلام، وإعلان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري أنه اطلع على الرسالة، ويعتقد أنها "جيدة جداً".

ويتوقع مصدر من الائتلاف السوري المعارض في حديث لـ"العربي الجديد" أن "تسفر عمليات شد الحبال المستمرة بين الأميركيين والروس إلى تصاعد خطير في العنف بسورية، وهو أمر سيدفع ثمنه الشعب السوري غالياً، وستؤدي إلى حرف الصراع عن طبيعته من أجل إسقاط النظام وإقامة نظام ديمقراطي".

ويضيف المصدر المعارض أن هذه التجاذبات المستمرة بين الطرفين تعني أن الدول الكبرى لم تحسم موقفها بعد. "والمعادلة هنا، لا غالب ولا مغلوب، لا منتصر ولا مهزوم، لا النظام ولا المعارضة، بانتظار أن تحسم الولايات المتحدة مواقفها في سورية، وتتوصل إلى حلّ يرضي الطرفَين، أو تقرر الدخول في مواجهة غير مباشرة على صعيد أكبر"، على حدّ تعبيره. ويلفت إلى أنّ الصراع على سورية بات يغلب الصراع في سورية، إذ إنّ الولايات المتحدة تعمل على استنزاف وإرهاق كل من روسيا، وإيران، وتركيا، والسعودية، وضمان أمن إسرائيل، ولو على حساب السوريين".



ذات صلة

الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.
الصورة
تظاهرة ضد هيئة تحرير الشام-العربي الجديد

سياسة

تظاهر آلاف السوريين، اليوم الجمعة، مناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، ومطالبة بإسقاط قائدها أبو محمد الجولاني.
الصورة
تظاهرات في ذكرى الثورة السورية (العربي الجديد)

سياسة

خرجت تظاهرات في مدن وبلدات شمال غربي سورية اليوم الجمعة، إحياءً للذكرى الـ13 لانطلاقة الثورة السورية.
الصورة

منوعات

دفعت الحالة المعيشية المتردية وسوء الأوضاع في سورية أصحاب التحف والمقتنيات النادرة إلى بيعها، رغم ما تحمله من معانٍ اجتماعية ومعنوية وعائلية بالنسبة إليهم.