مصر والانتخابات الأميركية: ترامب مفضَّل بالنسبة إلى السيسي

مصر والانتخابات الأميركية: ترامب مفضَّل بالنسبة إلى السيسي

14 يونيو 2016
"القاهرة ستكون مرتاحة لفوز ترامب على كلينتون"(كازوهيرو نوجي/فرانس برس)
+ الخط -
تطرح تصريحات رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، حول مساندته مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية، دونالد ترامب، تساؤلات عن موقف النظام المصري الحاكم، باعتبار أن ساويرس هو من الأشخاص المؤثرين في السياسة الداخلية المصرية، لا سيما في المجال الاقتصادي، على الرغم من التناحر المستمر بينه وبين الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، بشأن قضايا الحريات والإعلام.

وكان ساويرس قد كرر تصريحاته المساندة لترامب والمنتقدة مرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون مرتين، الأولى في تغريدة له على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، والثانية منذ ثلاثة أيام خلال حضوره ندوة للأقباط الأميركيين من أصل مصري، في أثناء زيارته الحالية الولايات المتحدة.

ولا يعبّر ساويرس بالضرورة عن موقف النظام المصري الرسمي، الذي يختلف معه في ملفات داخلية عديدة، لكن أفكار الطرفين تلتقي في نقاط واضحة، أبرزها مناهضة التيارات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، واتهام إدارة الرئيس، باراك أوباما، بالتعاون مع الإخوان وعدم استعدادها للتعاطي مع السلطة الجديدة في مصر، بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي في انقلاب 3 يوليو/تموز 2013.

وتقول مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد" إن "السيسي يكن مشاعر إيجابية تجاه الحزب الجمهوري أكثر من الحزب الديمقراطي، في الوقت الحالي، نظراً لانزعاجه من الطريقة التي تعاملت بها إدارة أوباما مع الوضع المصري، على مدار السنوات الثلاث الماضية، بالإضافة إلى عدم دعوته رسمياً لزيارة واشنطن، رغم قيامه بخطوات عديدة لرأب الصدع مع الإدارة الأميركية". وتضيف المصادر: "تعددت في الآونة الأخيرة لقاءات السيسي مع وفود الكونغرس الأميركي من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وكانت الوفود يغلب عليها الطابع الجمهوري، وأظهر النواب الجمهوريون تفهماً للأوضاع القائمة في مصر ولسياسات السيسي أكثر من نظرائهم الديمقراطيين، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب، بول رايان، الذي أكد ضرورة استمرار دعم مصر كواحدة من الدول المؤسسية القليلة القائمة في الشرق الأوسط، بغض النظر عن الخلافات حول سياساتها الحقوقية والداخلية".

وبحسب المصادر نفسها فإن "النواب الجمهوريين الذين زاروا مصر في نحو 6 وفود منذ منتصف 2014، أبدوا مرونة في تفهم رؤى السيسي حول ضرورة التصدي للتيارات الإسلامية، بمختلف أطيافها، سواء في مصر أو ليبيا أو سورية، باعتبارها تستقي أفكارها من رافد واحد، وكذلك دعواته إلى دعم الأنظمة الحاكمة في الدول المتماسكة على مستوى المؤسسات، والتي يعتبر أن مصر واحدة منها، وذلك بهدف رفع مستوى شعوب المنطقة اقتصادياً واجتماعياً والقضاء على أسباب تزايد موجات الهجرة الشرعية وغير الشرعية إلى أوروبا وأميركا".

طبعاً، أجرى السيسي لقاءات مع وزير الخارجية الديمقراطي، جون كيري، وكذلك مع المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، وزوجها، الرئيس الأسبق بيل كلينتون، في نيويورك في سبتمبر/أيلول 2014، لكن المصادر تؤكد لـ "العربي الجديد" أن "التوتر كان السمة الغالبة على جميع هذه اللقاءات، بسبب الاختلاف الشاسع في الرؤى بين السيسي وقيادات الحزب الديمقراطي، وإصرارهم على مناقشة سلبيات النظام المصري، وتبنيهم رؤى مختلفة بشأن دمج الإسلام السياسي في المنطقة".

وهناك العديد من مساحات الاتفاق بين أفكار السيسي وأفكار المعسكر المتشدد داخل الحزب الجمهوري، الذي خرج منه ترامب، وهي نفس المساحات، التي تجعل السيسي مرتاحاً في التعامل مع رئيس الوزراء المجري اليميني، فيكتور أوربان، أكثر من تعامله مع قيادات أوروبية وسطية ويسارية، تعير اهتماماً بالملفات الحقوقية وبأوضاع الحريات.

في هذا السياق، تشير المصادر نفسها إلى ما وصفتها بـ"العلاقة الخاصة" بين السيسي وأوربان، الذي يتزعم حزب "فيديش" المجري اليميني، المعروف بمعاداته الأجانب ومناهضته موجات الهجرة وسجله السلبي في ملف الحريات وحقوق الإنسان، وتضييقه على حرية الصحافة والتيارات المعارضة.

في المحصلة، تؤكد المصادر استحالة أن يعلن النظام السياسي المصري دعمه أحد المرشحين الأميركيين، مشيرة إلى أن "وزير الخارجية سامح شكري يحاول دائماً تجنب الإدلاء بتصريحات حول التغيرات السياسية في أية دولة، وبصفة خاصة في الولايات المتحدة". وتستدرك قائلة: "لكن هذا لا يمنع أن القاهرة ستكون مرتاحة لفوز ترامب على كلينتون؛ على الأقل لوقف الضغوط التي مارستها إدارة أوباما أخيراً بشأن أزمتي التمويل الأجنبي لمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، والأوضاع الحقوقية للمعارضين والسجناء".