هجوم حزب الله على الزبداني يهدّد بإشعال الشمال السوري

هجوم حزب الله على الزبداني يهدّد بإشعال الشمال السوري

13 يونيو 2016
خروقات مستمرة للهدنة في ريف دمشق (عامر المهيباني/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت قوات حزب الله اللبناني المتمركزة على أطراف مدينة الزبداني في ريف دمشق، هجوماً جديداً على المنطقة التي لا تزال تسيطر عليها المعارضة السورية، في خطوة تعيد إلى الواجهة مساعي حزب الله للسيطرة الكاملة على تلك المنطقة في الجانب السوري والمحاذية للحدود اللبنانية التي تعتبر منطقة نفوذ حزب الله في البقاع، بعد حصار مستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات. وينذر الهجوم بانهيار حالة الهدنة غير المستقرة أصلاً ويزيد من احتمال اندلاع مواجهة عسكرية كبيرة في الشمال السوري في حال نجح الحزب في اقتحام الزبداني.

وتؤكد مصادر المعارضة السورية لـ"العربي الجديد" أمس الإثنين، بدء قوات حزب الله المتمركزة في حاجز المحطة وحاجز الأتاسي وقلعة الزهراء، قصفاً عنيفاً بالصواريخ وقذائف المدفعية لمناطق سيطرة المعارضة، وأتى هذا التصعيد بعد ورود تقارير إعلامية، أول من أمس الأحد، عن إمكانية انسحاب قوات المعارضة من الزبداني خلال عشرة أيام وتسليمها بالكامل لحزب الله.

لكن هذه الأنباء تبدو عديمة المصداقية مع استمرار صمود قوات المعارضة في الزبداني لأشهر طويلة في ظروف الحصار والقصف المستمر، واستمرار حيازة المعارضة في الشمال السوري لورقة الضغط الحاسمة، المتمثلة بحصارها لبلدتي الفوعة وكفريا الواقعتين بريف إدلب والمواليتين للنظام السوري، واللتين تحظيان بأهمية عالية لدى إيران وحزب الله لجهة أن سكان البلدتين ينتمون إلى الطائفة الجعفرية ويقاتل عدد كبير من أبنائهما في صفوف مليشيات محلية تابعة تنظيمياً لحزب الله اللبناني.

ويدل هجوم حزب الله على الزبداني، الذي جاء بعد يوم واحد من ارتكاب طائرات حربية تابعة للنظام السوري مجزرتين في مدينتي إدلب ومعرة النعمان، على أن أي حديث عن تمديد الهدنة المتفق عليها سابقاً لتمتد خلال شهر رمضان هو كلام غير واقعي. وتشمل الهدنة التي تم الاتفاق عليها مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي المناطق التي تحاصرها قوات النظام وحزب الله بريف دمشق الغربي وهي الزبداني ومضايا وبقين وسرغايا ومنطقتا الفوعة وكفريا المحاصرتين من قبل "جيش الفتح" والمناطق المحيطة بها وهي بنش وتفتناز وطعوم ومعرة مصرين ومدينة إدلب ورام حمدان وزردنا وشلخ.

وتفيد مصادر طبية في مدينة إدلب بأن حصيلة القصف الجوي الذي استهدف سوقاً للخضار وسط مدينة إدلب ظهر أول من أمس الأحد، ارتفعت إلى 36 قتيلاً وأكثر من 70 جريحاً. ويذكر الناشط الإعلامي في إدلب، مصطفى الحاج علي النيرب، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الطيران الحربي استهدف يوم الأحد أكثر الأماكن المكتظة بالناس، حيث يتواجد سوق الخضار والفرن الآلي، ما تسبب بدمار كبير في المنطقة".


ولم يصدر بعد عن "جيش الفتح" أو أحد الفصائل المنضوية في صفوفه بيان رسمي يوضح فيه موقفه من الهدنة التي يتواصل خرقها من طرف قوات النظام وحزب الله، إلا أن هذه الخروقات هددت بلا شك حالة الهدوء النسبي التي تشهدها جبهات القتال في محيط بلدتي الفوعة وكفريا بريف إدلب.

ويبدو أن التريث وعدم التصعيد إزاء انتهاكات قوات النظام وحزب الله المستمرة للهدنة، يعكسان رغبة المعارضة السورية بإفساح المجال للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لإدخال مساعدات غذائية إلى المناطق التي يحاصرها النظام السوري بريف دمشق، حيث نجحت الأمم المتحدة أخيراً بإدخال قافلة مساعدات لأول مرة إلى مدينة داريا المحاصرة منذ أكثر من ثلاث سنوات من قبل النظام، كما نجحت في الأيام الأخيرة بإدخال قوافل مساعدات إلى مدن دوما ومضايا وحرستا المحاصرة أيضاً في ريف دمشق، إلا أنها لم تنجح بعد بإدخال أي مساعدات إلى مدينة الزبداني وحي الوعر الذي تحاصره قوات النظام غرب مدينة حمص.

وكان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أعلن يوم الخميس الماضي، أن الأمم المتحدة حصلت على الموافقة اللازمة لإدخال المساعدات الغذائية إلى تسع عشرة منطقة محاصرة في سورية. إلا أن المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف، ينس لايركي، قال يوم الجمعة إن "هناك منطقتين لم نحصل على موافقة خطية بشأنهما من الحكومة، هما حي الوعر في حمص ومنطقة الزبداني في ريف دمشق".

ولا يبدو أن سياسات الإخضاع التي يتخذها النظام السوري وحلفاؤه إزاء الزبداني لجهة الإصرار على مواصلة قصفها ورفض إدخال أي مساعدات إليها ستجدي نفعاً، لا سيما أن المعارضة السورية تمتلك ورقة حصار الفوعة وكفريا التي تمكّنها من إجبار قوات الحرس الثوري الإيراني والمليشيات العراقية والأفغانية وقوات حزب الله على التراجع من مناطق هامة في ريف حلب الجنوبي. ويمكن لهذا الوضع أن يدفع النظام السوري وحلفاءه إلى التفكير ملياً والتريث قبل اتخاذ قرار اقتحام الزبداني والقضاء على قوات المعارضة المتبقية فيها، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى ردة فعل عنيفة من قبل قوات المعارضة التي تتمتع بنفوذ كبير في شمال سورية.

المساهمون