الشرطة الإسرائيلية تشجّع التنكيل بالفلسطينيين... بالأرقام والمعطيات

الشرطة الإسرائيلية تشجّع التنكيل بالفلسطينيين... بالأرقام والمعطيات

13 يونيو 2016
من النادر إدانة مستوطن اعتدى على فلسطيني(أحمد مغاربي/فرانس برس)
+ الخط -
تنتهج شرطة الاحتلال الإسرائيلي، سياسة عنصرية واضحة تتمثل بتشجيع عناصر الجماعات اليهودية المتطرفة على التنكيل والمس بالفلسطينيين وممتلكاتهم، إلى جانب غضّ نظرها عن الممارسات الإجرامية والجنائية التي يذهب ضحيتها الفلسطينيون في مجمعاتهم السكنية. ومن أصل 1045 شكوى قدمها الفلسطينيون حول اعتداءات نفذها بحقهم يهود خلال السنوات العشر الماضية، لم تقدم الشرطة الإسرائيلية سوى لوائح اتهام في 72 شكوى منها، وقامت بإغلاق ملفات الشكاوى الأخرى، بحجة عدم وجود أدلة كافية.

وبحسب تقرير صدر أخيراً عن مركز "يوجد قانون" الإسرائيلي، واقتبسته صحيفة "هآرتس"، تتعامل الشرطة والسلطات القضائية مع هذا النوع من القضايا بثلاثة أشكال مختلفة: أولاً، إن ثلث لوائح الاتهام التي تقدمها الشرطة تنتهي بإصدار أحكام بحق اليهود المسؤولين عن تنفيذ الاعتداءات وعمليات التنكيل؛ ثانياً، تتوقف الإجراءات القانونية المتعلقة بربع لوائح الاتهام قبل وصولها للمحكمة؛ ثالثاً، تقرر المحكمة عدم إدانة أي متهم بعد مناقشتها ربع لوائح الاتهام الأخرى، على الرغم من اعترافها بأن الأشخاص الذين قررت عدم إدانتهم قد نفذوا الجرائم المذكورة في لوائح الاتهام.

في هذا الإطار، يستنتج التقرير أن فرصة أن تفضي شكوى يقدمها فلسطيني ضد مستوطن يهودي إلى إدانة الأخير لا تتجاوز 1.9 بالمائة فقط. ويوضح التقرير أن الشكاوى التي يقدمها الفلسطينيون تتعلق بعمليات تنكيل نفذها بشكل خاص يهود يقطنون في مستوطنات الضفة الغربية والقدس المحتلة، حيث شملت الجرائم أيضاً عمليات إحراق وتعدٍّ على الممتلكات الفلسطينية الخاصة والعامة. ويشير إلى أنه يستشف من الكثير من الشكاوى أن اعتداءات المستوطنين أثّرت بشكل واضح على طابع نمط حياة الفلسطينيين. ويصنف التقرير الجرائم التي يرتكبها المستوطنون اليهود ضد الفلسطينيين باعتبارها "جرائم ذات خلفية أيديولوجية".

وتؤكد صحيفة "هآرتس" أن المعطيات التي تضمنها التقرير تطابق ما ورد في التقارير التي صدرت أخيراً عن كل من "مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية"(أوتشا)، والتقارير الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية. ولفتت "هارتس" إلى أن شرطة الاحتلال لا تحرك ساكناً لمواجهة الاستفزازات التي يقوم بها المستوطنون اليهود، والتي تهدف إلى المس بالمشاعر الدينية والقومية للفلسطينيين. كما ذكرت الصحيفة أن الآلاف من عناصر الشرطة الإسرائيلية الذين قاموا بحماية "مسيرة الأعلام" التي نظمها، مطلع الأسبوع الجاري، عناصر التنظيمات الدينية اليهودية المتشددة في قلب البلدة القديمة من القدس المحتلة، تجاهلوا الهتافات والشعارات العنصرية التي أطلقها المشاركون في المسيرة، والتي شملت: "محمد مات" و"الموت للعرب" و"سنحرق قراكم وبلداتكم".

في هذا الصدد، يعتبر الكاتب الإسرائيلي، عوزي بنزيمان، في مقال نشرته "هآرتس" قبل أيام، تعقيباً على تقرير مركز "يوجد قانون"، أن الاستخفاف الذي تتعامل به الشرطة الإسرائيلية مع الفلسطينيين "يحظى بدعم من المجتمع الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن تجاهل مؤسسات حفظ القانون الأخرى، لا سيما النيابة العامة والمحاكم، لمعاناة الفلسطينيين على أيدي اليهود يعبّر عن "توجه مجتمعي عام". ويرى بنزيمان أن المعطيات التي وردت في التقرير تضفي شرعية على اتهام إسرائيل بممارسات سبق لألمانيا النازية أن ارتكبتها ضد اليهود وغيرهم عشية وخلال الحرب العالمية الثانية.

وفي سياق متصل، يتهم الناشط السياسي والاجتماعي الإسرائيلي، أوري عجنون، الشرطة الإسرائيلية بالتقصير المتعمد في مواجهة الأنشطة الإجرامية والجنائية داخل القدس المحتلة وضواحيها. وفي تقرير آخر نشرته صحيفة "هآرتس" قبل أيام، يلاحظ عجنون أنه في الوقت الذي تظهر فيه الشرطة "بربرية" في تنفيذ الاعتقالات التي تستهدف فلسطينيين في القدس المحتلة وضمنهم أطفال بزعم مشاركتهم في إلقاء الحجارة على المستوطنين اليهود، فهي لا تحرك ساكناً لمواجهة جرائم القتل التي تتم على خلفية جنائية في المناطق الفلسطينية من القدس، وعلى الرغم من أنها، من الناحية القانونية، مسؤولة عن ضبط الأمن في هذه المناطق. ويعطي عجنون مثالاً بقتل الناشط الاجتماعي الفلسطيني، بهاء نبابته، في مخيم شعفاط قبل أسبوعين، الذي يقع تحت مسؤولية الشرطة، مشيراً إلى أنه لم يتم توقيف أي متهم، على الرغم من أن النار قد أطلقت على رأس نبابته في وضح النهار وفي ظل وجود العشرات من الناس.

ويلفت عجنون الأنظار إلى أن كلمة "الشرطة" تكتب فقط بالعبرية والإنجليزية على سيارات الشرطة الإسرائيلية ولا تظهر الكلمة بالعربية "وذلك لأن الشرطة الإسرائيلية غير معنية بتقديم خدمات الأمن المختلفة للفلسطينيين". ويضيف: "الشرطة الإسرائيلية التي تعمل في القدس لا تضع في حسابها حماية المواطنين الفلسطينيين بل فقط تحرص على فرض مظاهر السيادة الإسرائيلية عليهم".


المساهمون