"داعش" يعزّز دفاعاته حول الموصل لعرقلة تقدم القوات العراقية

"داعش" يعزّز دفاعاته حول الموصل لعرقلة تقدم القوات العراقية

07 مايو 2016
دفاعات "داعش" تؤخر تحرير الموصل (الأناضول)
+ الخط -
في الوقت الذي تحاول القوات العراقية المشتركة، بمساندة قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة، إحراز تقدّم على حساب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الموصل، شمال العراق، يتخذ التنظيم، من جانبه، وسائل مختلفة لتأمين المدينة من الداخل وفي محيطها، ما يزيد من صعوبة تحرير المدينة قريباً. 

وظهرت شدّة التحصينات التي أقامها "داعش" على أسوار المدينة عند توقفت القوات العراقية عن التقدم نحوها، وذلك منذ بدأت معركة استعادة الموصل، والتي أطلقتها القوات العراقية في 23 مارس/آذار الماضي تحت اسم "عملية الفتح"، ثم أعقبتها في 5 إبريل/نيسان الماضي "عملية الفتح الثانية"، لكنها لم تحقق أي تقدم بارز بعد، باستثناء تحرير أربع قرى صغيرة تبعد عن مدينة الموصل نحو 55 كيلومتراً، استعاد تنظيم "الدولة الإسلامية" اثنتين منها.

وتحشد قوات مشتركة من الجيش العراقي والبشمركة والحشد الوطني (مقاتلون من عشائر الموصل) على أطراف الموصل، خصوصاً في قضاء مخمور، التابع لمحافظة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، سعياً لتحرير مدينة الموصل التي يسيطر عليها "داعش" منذ يونيو/حزيران 2014. 

وقد تأكد، بحسب مصادر عسكرية تحدثت لـ"العربي الجديد، أن التحصينات الدفاعية التي اتخذها التنظيم تجعل مهمة التقدم أكثر نحو السيطرة على مساحات أخرى عملية صعبة. 

واعتمد "داعش" على وسيلة دفاع جديدة، بحسب مختصين، تمثلت بشن هجمات "مؤثرة" على مواقع للقوات العراقية وقوات البشمركة، وقوات دولية أخرى، للإيحاء بتمتعه بالقوة، وهو ما أكده اجتماع الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، بعد يوم من مقتل جندي أميركي، بوزراء دفاع 11 دولة، لإجراء محادثات تتناول سبل تكثيف الحملة على "التنظيم".


وقال وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، لنظرائه، إنه "رغم المكاسب التي تحققت في الآونة الأخيرة، فإن نهاية هذا القتال لا تزال بعيدة جداً"، في إشارة إلى صعوبة تحرير المدينة قريبا، وهو ما أكده، في وقت سابق، متخصصون عسكريون، بينهم أميركيون.

وأضاف كارتر، في مستهل محادثات أمس، في مقر القيادة الأوروبية التابعة للجيش الأميركي في مدينة شتوتغارت الألمانية، أنه "اتضحت هذه النقطة تماماً بهجوم الثلاثاء على قوات البشمركة في شمال العراق، ما أودى بحياة جندي أميركي".

وهذا هو ثالث أميركي يلقى حتفه في عمل قتالي مباشر منذ أن بدأ التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، حملة في 2014 لتدمير تنظيم "داعش". 

وأعلنت الولايات المتحدة، في منتصف إبريل/نيسان، إرسال 200 جندي إضافي للعراق، ونشرهم على مقربة من جبهات القتال لتقديم النصح للقوات العراقية في الحرب على التنظيم.

وبحسب العميد المتقاعد سليمان الجبوري، فإن آخر هجوم شنه "داعش" على مدينة تل سقف، شمال الموصل، يشير إلى صعوبة التغلب على التنظيم بالطرق التقليدية، إذ لم يمض سوى يوم واحد على فقدانه لها، ليعود ويسيطر على المدينة، وإن فقد سيطرته عليها في اليوم الثاني، لكن من الناحية العسكرية والمعنوية حقق تقدماً ما، بحسب قوله. 

وأضاف الجبوري، لـ"العربي الجديد"، أنه "بحسب المعلومات التي وصلتني، فقد شن داعش هجومه كالمعتاد مستعيناً بالسيارات الملغّمة وعمليات قصف مركزة ومشددة ومقاتلين انتحاريين، لكنه تمكّن من الاستيلاء على أعتدة وسيارات عسكرية في انسحابه باليوم الثاني بعد هجوم لقوات البشمركة الكردية".  


وكانت وزارة الدفاع في إقليم كردستان العراق (البشمركة)، قد أعلنت، أول أمس الأربعاء، عن استعادتها مجدداً بلدة تل سقف، شمال الموصل، بعد يوم واحد من سقوطها بيد "داعش". 

من جهته، شكر رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، في بيان أصدره، قوات التحالف الدولي على مساندتهم قوات البشمركة في استرداد البلدة، فيما لم تعلن قيادة البشمركة عن خسائرها في هجماتها، واكتفت بنشر صور وأسماء لعدد من عناصر البشمركة قيل إنهم سقطوا في المعارك على مواقع التواصل الاجتماعي. 

في المقابل، يحاول "داعش" جاهداً التعتيم على الخسائر التي يمنى بها، ويسعى لمنع وصول أي خبر لسكان المدينة يتعلق بالتحشيدات العسكرية ضده، إذ صار يواجه الحرب الإعلامية الموجهة ضده بمنع وصول بث وسائل الإعلام الخارجية إلى المدينة، وقطع اتصال السكان بالعالم الخارجي، لضمان عدم تأثرهم بالحملات الدعائية ضده. 

ووفقاً لما ذكره سكان من الموصل، تمكنوا من التواصل مع "العربي الجديد"، فإنّ "داعش" شنّ حملة واسعة لمنع تواصل السكان مع العالم الخارجي.

ولفت كل من: أبو محمد، والحيال والحمداني، وهم من سكان المدينة، طالبين عدم التصريح عن أسمائهم بالكامل، خوفاً من بطش التنظيم، إلى أن "التقاط القنوات الفضائية صار ممنوعاً"، إذ فرض "داعش" على السكان عدم مشاهدتها، لأنها "تثير الفتن وتحاول بث الضعف والتفرقة وتشويه الحقيقة"، وفقاً لما نقلوه عن أنصار "داعش".  

وأضافوا: "لم يعد هناك طبق استقبال يشاهد على سطوح البيوت، وكثيرون صاروا يخبئون طبق الساتلايت بطرق مختلفة"، موضحين أن "مشاهدة الفضائيات صارت الطريقة الوحيدة التي تربطنا مع خارج مدينتنا، حتى الإنترنت تم قطعه عنا. في حالات قليلة جداً نتمكن من الحصول على شبكة ونتصل بأقاربنا خارج الموصل". 

يشار إلى أن طيران قوات التحالف يُسقط باستمرار منشورات على أهالي الموصل، تطالبهم بالابتعاد عن مواقع "داعش"، وتشجعهم على مواجهتهم والوقوف مع القوات العراقية.

المساهمون