الإسلام كجزء من أوروبا

الإسلام كجزء من أوروبا

06 مايو 2016
الصعود اليميني يهدد صلب التعايش في أوروبا(لوك كلايسن/فرانس برس)
+ الخط -
يتضخم مأزق أوروبا ولا يبدو أن اتحاد القارة قادر في المدى المنظور على مواجهة مشكلاته، التي يمكن تلخيصها في مواجهة الإرهاب، والحد من الخطر الروسي، واحتواء الصعود اليميني، الذي يهدد صلب التعايش في القارة العجوز. فأحزاب مثل "البديل من أجل ألمانيا"، و"الجبهة الوطنية" في فرنسا، استفادت من أزمة اللاجئين لتحقيق شعبية متصاعدة، عبر تبنيها أجندة مضادة لهم، متوازية مع خطاب عنصري ضد الإسلام كدين.
منطقة الـ"شنغن" باتت مهددة، عبر إعادة التفكير في إلغاء الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي، بضغط من تدفق اللاجئين، في الوقت الذي بات النقاش حول الإسلام في أوجّه بين الحكومات الأوروبية، والأحزاب اليمينية، وما بينهما. فالمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، تعلن من ناحيتها أن "الإسلام جزء من أوروبا"، ليردّ حزب "البديل من أجل ألمانيا" بقوله إن "الإسلام لم ولن يكون جزءاً من أوروبا"، فترتفع شعبيته بسبب هذه الأجندة من 3 إلى 13 في المائة.
الاشتباك بين الإسلام والإرهاب لن يُحلّ في المنظور الأوروبي، لأنّ كل التجمعات الإسلامية محلّ شك، بصورة أو بأخرى. والمجتمعات الإسلامية في أوروبا باتت جزءا أصيلاً في القارة، إذ يصعب الاستمرار في تهميشها، أو تجاهلها، كما لا يمكن طردها ببساطة. فالمسلمون الأوروبيون مواطنون، ومن هؤلاء تحديداً، خرجت عناصر منتمية إلى "داعش"، استهدفت بروكسل وباريس وغيرهما، لتصبح مشكلة الإرهاب في القارة العجوز، أوروبية - أوروبية، لا أزمة عابرة جرى تصديرها من مناطق النزاع في العراق أو سورية أو ليبيا.
المواجهة مع الإسلام في أوروبا ستصبغ مستقبل القارة ككل. فأوروبا أمام مفترق طرق بين الاعتراف بالإسلام كجزء من أوروبا، وقبول صعود المسلمين، وتقبل دورهم الاقتصادي والسياسي، أو الدخول في مواجهة معهم، وفق أجندة الأحزاب اليمينية، ما ينذر لا بمواجهة على مستوى أوروبا فحسب، بل بقيادة تحوّل في كل مبادئ أوروبا، التي تجعلها كذلك، ومعناها النكوص عن الديمقراطية الليبرالية، والعودة إلى صياغات قومية رافضة للآخر، وربما صعود نازي أو فاشي آخر، يعيد الذكريات المريرة للنصف الأول من القرن العشرين، أوروبياً.

المساهمون