"داعش" يستهدف جبلة وطرطوس: 7 تفجيرات متزامنة تدمي الساحل

"داعش" يستهدف جبلة وطرطوس: 7 تفجيرات متزامنة تدمي الساحل

24 مايو 2016
سبعة تفجيرات متزامنة ضربت المدينتين (فرانس برس)
+ الخط -
اهتزت مدينتا جبلة وطرطوس السوريتان صباح أمس، الإثنين، على وقع انفجارات غير مسبوقة في المدينتين، اللتين بقيتا بعيدتين نسبياً عن مسلسل الإرهاب، الذي يضرب سورية، ليسقط في يوم واحد حوالى 150 قتيلاً وعشرات الجرحى، في التفجيرات التي تبنّاها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
فقد ضربت سبعة تفجيرات متزامنة، هي الأعنف في هذه المنطقة الساحلية منذ الثمانينيات، مدينة جبلة في جنوب اللاذقية ومدينة طرطوس، مركز محافظة طرطوس، مما أدى إلى سقوط 148 قتيلاً وعشرات الجرحى على الأقل، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إن "ثلاثة تفجيرات في طرطوس أسفرت عن مقتل 48 شخصاً، إضافة إلى سقوط 100 قتيل في أربعة تفجيرات استهدفت جبلة"، فضلاً عن إصابة العشرات بجروح. ووصف عبد الرحمن التفجيرات بـ"غير المسبوقة" في كل من جبلة وطرطوس "حتى أن المدينتين لم تشهدا انفجارات بهذا الشكل منذ الثمانينيات".
وأوضح الناشط، أبو ملهم الجبلاوي، لـ"العربي الجديد"، أن أربعة تفجيرات وقعت في مدينة جبلة، اثنان داخل محطة النقل (الكراج الجديد) عند مدخل المدينة، وتفجير ثالث عند مؤسسة الكهرباء، ثم رابع في قسم الإسعاف داخل المستشفى الوطني، مشيراً إلى أن أحدها وقع في حاجز لقوات النظام. وأضاف أن انفجارات مماثلة وقعت في مدينة طرطوس، استهدفت خصوصاً الكراج الجديد، تم أحدها بسيارة مفخخة، والبقية بأحزمة ناسفة خارج الكراج، بين نهر الغمقة وضاحية الأسد، قرب مستشفى الباسل، وقرب مركز البريد.
وتضاربت روايات النظام عن التفجيرات، إذ تحدثت وكالة "سانا" عن سقوط ثلاث قذائف صاروخية على أحياء في مدينة جبلة، فيما فجر انتحاريان نفسيهما في الكراجات الجديدة في مدينة طرطوس، وفجر انتحاري آخر نفسه في الضاحية السكنية مقابل الكراجات الجديدة من الجهة الغربية لمدينة طرطوس. وفيما صدرت نداءات لجميع النقاط الطبية في المدينة للتبرع بالدم، وفتحت مراكز تخزين الأدوية أبوابها، سارعت بعض وسائل إعلام النظام إلى اتهام حركة "أحرار الشام" بالمسؤولية عن التفجيرات، على الرغم من إعلان وكالة "أعماق" التابعة لتنظيم "داعش" مسؤولية التنظيم عنها. ونشرت صفحة "طرطوس اليوم" الموالية للنظام فيديو يظهر شخصاً في حافلة مدمى الوجه، وقالت إنه أحد منفذي تفجير جبلة.


وتأتي تفجيرات الساحل السوري بالتزامن مع تحرك عسكري ضد التنظيم في الفلوجة والموصل في العراق، وفي مدينة سرت الليبية، حيث بدأت القوات التي تقاتل التنظيم في تلك المناطق تحرز تقدّماً غير مسبوق، في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن التحضير لمعركة كبرى باتجاه مدينة الرقة أهم مدن التنظيم في سورية، مما يرجح أن يكون التنظيم قد قام بهذه العملية كرد فعل استباقي على العملية العسكرية التي تُحضر ضده في سورية.
ومما يعزز فرضية قيام "داعش" بالتفجيرات، هو توافقها مع استراتيجيته التي تقوم على ثلاثة عناصر، وهي إما التوجّه إلى الجبهات والخاصرات الرخوة للخصم، أو محاولة السيطرة على مصادر الطاقة، أو القيام بعمليات انتحارية نوعية تضرب عمق مناطق الخصم، وهذه العمليات يقوم بها التنظيم عادة في الأوقات التي يحاول فيها خلخلة موازين القوى لتثبيت مناطق نفوذ جديدة، أو في الأوقات التي يتعرض فيها لتهديد كبير يتهدد وجوده، كالتهديد الحاصل حالياً. كما أن "داعش" سبق أن نفذ عمليات مماثلة في مناطق تابعة للنظام كالعمليات الانتحارية في مدينة حمص، والعمليات التي استهدف بها مناطق المعارضة في ريفي إدلب وحلب.
وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول عضو الأمانة المركزية في المجلس الوطني السوري، عبد الرحمن الحاج، إن "تبني داعش لتفجيرات الساحل في جبلة وطرطوس كان سريعاً، كما أنه بخلاف تفجيرات سابقة تبناها لم يعلن حتى الآن عن أسماء المنفذين، وهذا يلقي بظلال الشك على حقيقة الأمر".
من جهته، يقول الناشط، أبو ملهم الجبلاوي، وهو من مدينة جبلة، إن اجراءات أمنية شديدة تُفرض على المدينة، موضحاً أن هناك عشرات الحواجز منتشرة على مداخل المدينة، وأربعة حواجز على أطراف الكراج الجديد الذي وقعت فيه بعض التفجيرات. ويوضح في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هذه التفجيرات هي الأولى من نوعها في مدينة جبلة، منذ بداية الثورة، وإن كانت قد سقطت قبل حوالى عامين عدة صواريخ في المناطق المحيطة بجبلة، حين كانت فصائل المعارضة على مقربة نسبياً من المدينة، قبل أن تتمكن قوات النظام من إبعادها خلال المعارك الأخيرة بعد الدخول الروسي إلى سورية.
أما الناشطة، ياسمينة، الموجودة في مدينة اللاذقية، فتقول لـ"العربي الجديد" إن شعوراً شديداً بالخوف يسيطر على السكان النازحين في المدينة، خشية أن يتم الانتقام منهم، مشيرة إلى أنهم غير مسلحين خلافاً لأنصار النظام. وأضافت أن العديد من الاشخاص، ومنهم والدها، يعملون خارج المدينة، لكنهم لا يجرؤون على العودة خشية التنكيل بهم على حواجز النظام، مع بروز أصوات تتهم النازحين في المدينة بالضلوع في التفجيرات أو على الأقل التعاطف مع منفذيها.
من جهته، يستبعد الناشط الإعلامي، هاشم حاج بكري، أن تكون التفجيرات ناجمة عن قصف مدفعي أو صاروخي لقوات المعارضة، بسبب عدم امتلاك هذه الفصائل من مواقعها الحالية، صواريخ تصل إلى قلب مناطق سيطرة النظام، بعد إبعادها أخيراً من معظم جبلي الأكراد والتركمان، لافتاً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن قوات النظام استطاعت تأمين المناطق الموالية من القصف، الذي كان يستهدفها من قبل قوات المعارضة، خصوصاً تلك التي كانت تتمركز في قريتي الدغمشلية والخضراء، وكانتا أقرب نقاط تسيطر عليها قوات المعارضة لمناطق سيطرة قوات النظام في الساحل.
وكان محافظ طرطوس، صفوان أبو سعدى، قد طالب في تصريحات لوسائل إعلام محلية، الأهالي بعدم التعرض لـ"الإخوة الضيوف الوافدين من المحافظات، لأن الإرهابين ليسوا من الأهالي المقيمين في المحافظة". ورأى أن هدف التفجيرات هو "خلق شرخ بين الأهالي وزرع الفتنة بين السوريين، وخلق بلبلة وإحداث خرق أمني هو الأول من نوعه وسيكون الأخير في طرطوس"، كما قال.

المساهمون