معارك تستبق عودة مفاوضات جنيف... والمعارضة تبحث عن دعم

معارك تستبق عودة مفاوضات جنيف... والمعارضة تبحث عن دعم

13 مايو 2016
عاد النظام إلى قصف مدينة حلب (إبراهيم أبو ليث/الأناضول)
+ الخط -

بينما تتواصل التحركات الدولية من أجل الإعداد لجولة جديدة من المفاوضات في جنيف بين النظام السوري والمعارضة، يسعى الطرفان مع حلفائهما، إلى محاولة كسر الموازين على الأرض، وتحقيق اختراقات على الجبهات، بهدف دفع الطرف الآخر إلى القبول بشروطه، أو على الأقل خفض سقف مطالبه.
وفي هذا الإطار، جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، التي قال فيها إن الأسلحة التي تم تزويد المعارضة السورية بها أخيراً كانت "أكثر فتكاً وقوة" من تلك التي تم تزويدها بها من قبل، مؤكداً أن عملية تسليحها "تتصاعد في الطريق الصحيح". وجدد الجبير القول إن الخيار عائد إلى "بشار الأسد لتحديد كيف تتم إزاحته، إما بالحل العسكري أو السياسي، لكنه سيرحل في كل الحالات". لكن الجبير كان حذراً بشأن إمكانية أن ترسل بلاده قوات برية إلى سورية، رابطاً ذلك، وعلى غرار الموقف التركي، بأن تبادر الولايات المتحدة إلى إرسال قواتها أولاً.
إلا أن مصادر في المعارضة السورية المسلحة نفت تلقيها أية أسلحة نوعية من السعودية أو سواها في الفترة الأخيرة. وقال العميد هاني الجاعور، قائد الفرقة الثانية مشاة العاملة في منطقة القلمون بريف دمشق، إنه حتى الآن لا جديد بشأن الأسلحة والذخائر التي تُقدّم للمعارضة، وربما قصد الوزير السعودي زيادة في الكمية فقط. وأضاف الجاعور، في تصريح لـ"العربي الجديد": "ننتظر من الإخوة في السعودية رفد المعارضة بسلاح مضاد للطائرات، ومدفعية طويلة المدى، للرد على النظام والمليشيات الإيرانية والروسية".
وعن تقدّم المعارضة في ريفي حلب وحمص، قال الجاعور إن ذلك التقدّم مرتبط بعدم تدخّل الطيران الروسي في المعارك الأخيرة، مشيراً إلى أن هذا الطيران عندما يشارك في المعارك فإنه يقدّم دعماً كبيراً لقوات النظام، بسبب اعتماده على سياسة الأرض المحروقة. ورأى الجاعور أن الحديث عن الخطة "ب" ما زال في إطار الاستهلاك الإعلامي، وربما هو مرتبط بمفاوضات جنيف، لكن ليس له أي معالم جدية على أرض الواقع حتى الآن.
من جهته، دعا المنسّق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، الدول الداعمة للمعارضة إلى تقديم "أفعال وليس أقوالا"، مطالباً بأسلحة مضادة للطيران للتصدي للغارات، وبتدابير ضد النظام الذي يحظى، على حد قوله، بـ"ضوء أخضر للمضي في تجاوزاته".
وأسف حجاب، في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، لعدم اتخاذ تدابير ملموسة ضد نظام دمشق الذي اتُهم بارتكاب "أكثر من 2300 انتهاك للهدنة" منذ دخولها حيز التنفيذ في 27 فبراير/شباط. وقال: "في أبريل/نيسان وحده، وقعت 27 مجزرة وعمليات قصف على أسواق ومدارس ومستشفيات ارتكبها النظام. لقد رأينا ما حصل في حلب أخيراً"، متهماً النظام وحليفته موسكو بارتكاب "جرائم حرب". وشدد على وجوب أن تتخذ المجموعة الدولية لدعم سورية، التدابير الضرورية لإرغام النظام على الالتزام بطلبات الأسرة الدولية على الصعيد الإنساني.
من جهة أخرى، رأى حجاب أن الهدنة التي تسعى موسكو وواشنطن إلى إحيائها "ليست هدفاً بحد ذاتها. الحل لسورية هو في انتقال سياسي فعلي". وأضاف: "نريد العودة إلى جنيف. نحن في طريق مسدود اليوم، لأن النظام لا يريد البحث في عملية انتقالية"، مؤكداً مرة جديدة أن لا حل ممكناً مع الأسد، قائلاً: "من غير الواقعي إطلاقاً تصوّر بقائه في السلطة".

وكانت قوات المعارضة تمكنت، في الآونة الأخيرة، من تحقيق تقدّم على عدة جبهات في ريف حلب، خصوصاً في بلدة خان طومان التي تكبّدت فيها القوات الإيرانية خسائر فادحة، إذ اعترفت إيران بسقوط 13 عسكرياً (مستشاراً بحسب التوصيف الإيراني)، بينما تحدثت مصادر إيرانية عن سقوط ما بين 20 و50 قتيلاً، إضافة إلى وقوع آخرين في الأسر، في حين تقول مصادر المعارضة السورية إن نحو مائة قتيل وجريح وأسير إيراني سقطوا في تلك المعركة التي ما تزال تداعياتها تتفاعل في إيران.
وفيما حمّلت وكالة "تسنيم" الإيرانية، شبه الرسمية، تركيا مسؤولية الخسائر الإيرانية في خان طومان بسبب إشرافها على تشكيل غرفة عمليات مشتركة لفصائل المعارضة، و"فتح معبر سري بطول 2 كيلومتر، بدل معبر باب السلامة، تم عبره نقل أسلحة ثقيلة كالدبابات والمجنزرات ويمتد من الأراضي التركية إلى قرية حوار كلس شمال شرق مدينة أعزاز بمسافة 17 كيلومتراً"، عمدت أوساط إيرانية أخرى إلى تحميل روسيا المسؤولية، مشيرة إلى أن هجوم فصائل المعارضة على خان طومان استند على معلومات قد يكون مصدرها أجهزة استخبارات إقليمية أو دولية، ملمّحة إلى أن الهجوم جاء في إطار تفاهمات روسية أميركية لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، بدليل أن الطيران الروسي لم يشارك في المعركة.
ووصفت صحف إيرانية المعركة بـ"الغارة الأميركية" على الهدنة، بينما اتهم أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي، الجيشين السعودي والتركي بدعم قوات المعارضة في هذه المعركة. وتسعى إيران، كما يبدو، إلى الرد على الصفعة التي تلقتها في خان طومان عبر إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة إلى محيط البلدة وإلى حي الراشدين، حيث شنت المزيد من الهجمات هناك، لكن مقاتلي المعارضة تمكنوا حتى الآن من صدها، وتكبيد المهاجمين خسائر جديدة.
وحاولت قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها فتح جبهة جديدة في مخيم حندرات شمالي حلب، وحققت بعض التقدّم في إطار سعيها للسيطرة على المخيم، والوصول إلى طريق الكاستيلو الذي يربط مدينة حلب بريفها، قبل أن تتمكن قوات المعارضة من استعادة السيطرة على النقاط التي خسرتها، فيما عمد الطيران الحربي الروسي إلى قصف المخيم الذي تسيطر عليه قوات المعارضة.
وفي السياق أيضاً، سيطر مقاتلو المعارضة السورية على قرية الزارة في ريف حمص الشمالي، وعلى عدة حواجز للنظام في المنطقة، وذلك عقب محاولة من النظام السوري ومليشياته اقتحام بلدة حربنفسه، في ريف حماة، وفصل منطقة الحولة عن ريف حماة الجنوبي.
كما امتدت إنجازات المعارضة العسكرية إلى الغوطة في ريف دمشق، حيث تمكنت من استعادة جميع النقاط التي سيطرت عليها قوات النظام والمليشيات المساندة لها الأسبوع الماضي مستفيدة من الخلافات والمعارك بين فصائل المعارضة لتحتل عددا من المناطق والنقاط الاستراتيجية التي تهدد بفصل نحو 10 بلدات في القطاع الجنوبي للغوطة عن قطاعها الشمالي.
وكان رئيس الوفد السوري المفاوض، أسعد الزعبي، قال إن الروس والإيرانيين يحضرون لهجوم ثالث على حلب بعد فشل هجماتهم السابقة، وإن هناك قوات برية روسية بدأت بالدخول إلى مطار حميميم وحماة ابتداء من الأربعاء الماضي، متوقعاً أن تستمر في الوصول حتى يوم غد السبت. وتحدث الزعبي، في تصريحات صحافية، عن خطة لاقتحام حلب والغوطة الشرقية، مشيراً إلى حشد أكثر من 3000 جندي إيراني و1500 جندي من قوات النظام قرب الغوطة الشرقية، في حين تتوجه حشود روسية من قاعدة حميميم العسكرية إلى حلب، مع وجود خمس كتائب مدفعية ثقيلة لروسيا تحيط بحلب.

المساهمون