المعارضة تكسب الجولة الأولى من معركة حلب بعد الهدنة

المعارضة تكسب الجولة الأولى من معركة حلب بعد الهدنة

13 مايو 2016
القصف لم يتوقف في حلب (الأناضول)
+ الخط -
دخلت المواجهة العسكرية بين قوات المعارضة وقوات النظام في حلب وريفها منعطفاً جديداً مع اليوم الأول من انقضاء الهدنة الممددة بين قوات الطرفين في مدينة حلب، ويبدو أن قوات المعارضة تمكنت من أن تثبت استمرار علو كعبها في مناطق المواجهة الساخنة في محيط حلب، على الرغم من حيازة قوات النظام والمليشيات المؤازرة لها عنصر "المبادرة" بتدشينها ثلاث هجمات متزامنة، على مناطق سيطرة المعارضة في محيط حلب.

في هذا السياق، باشرت قوات النظام هجوماً برياً وجوياً على مناطق سيطرة المعارضة في حلب، مع نهاية الهدنة بين الطرفين في المدينة منتصف ليل الأربعاء ـ الخميس. وهاجمت قوات النظام والمليشيات الحليفة لها، فجر أمس، منطقة مخيم حندرات قرب مدخل مدينة حلب الشمالي، بعنف، بعد ساعات من فشل هجوم مماثل على منطقة خان طومان، التي سيطرت عليها منذ أيام في جنوب حلب. كما فشل هجوم آخر على منطقة الراشدين غرب حلب، وتزامن كل ذلك مع غارات جوية عنيفة لطيران النظام وروسيا على مناطق سيطرة المعارضة.

في السياق نفسه، قال الناشط، حسن الحلبي، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات المعارضة المتمثلة بفرقة السلطان مراد وفصائل أخرى، تمكنت من التصدّي لجميع محاولات التسلل التي قامت بها مليشيا لواء القدس الموالية للنظام، على منطقة مخيم حندرات، شمال حلب. وكبّدت القوات المتقدمة خسائر بشرية وعسكرية لم يتم إحصاؤها بعد. وذلك على الرغم من استهداف قوات النظام الداعمة لمليشيا لواء القدس المنطقة بأكثر من عشرة صواريخ من نوع غراد، وعدد كبير من قذائف المدفعية، بالإضافة إلى قيام طائرات روسية الصنع من نوع سوخوي، باستهداف مناطق سيطرة المعارضة في كل من مخيم حندرات ومنطقتي الكاستيلو والملاح، بنحو ثماني غارات بقنابل عنقودية".
من جهتها، أعلنت فصائل المعارضة أمس، نجاحها في استعادة جميع النقاط التي تقدمت إليها قوات النظام ومليشيا "لواء القدس" في مخيم حندرات، لتشير إلى فشل عملية قوات النظام والمليشيات الداعمة لها، في الهدف الذي سعت إليه وهو السيطرة على المخيم والمناطق المحيطة به، التي تطلّ على طريق الكاستيلو من الجهة الشمالية. وهو الطريق الذي يشكل خط إمداد المعارضة الوحيد إلى مناطق سيطرتها في حلب.

في سياق متصل، أعلنت مصادر إعلامية مقرّبة من "جيش المجاهدين"، أحد أكبر فصائل المعارضة في ريف حلب الغربي، أن "قوات الجيش تمكنت من التصدّي لمحاولة تسلل قادتها مليشيات أجنبية موالية للنظام على حي الراشدين غرب حلب، لتنجح في إيقاع 15 قتيلاً، من القوات المهاجمة واغتنمت كميات من الذخائر والأسلحة الفردية والمتوسطة. وتزامن هجوم المليشيات الموالية للنظام، مع شنّ طائرات يُعتقد أنها روسية خمس غارات جوية على المنطقة".

بدورها، نجحت قوات المعارضة، ممثلة في "جيش الفتح"، في التصدّي لهجوم شنته قوات النظام والمليشيات الأجنبية الموالية لها، وعلى رأسها "لواء فاطميون"، المكوّن من مقاتلين أفغان، على بلدة خان طومان، قرب طريق حلب دمشق الدولي، جنوب حلب. وتمكنت قوات المعارضة، بحسب مصادر محلية في المنطقة، من تدمير مدفع ثقيل لقوات النظام في المنطقة بعد استهدافه بصاروخ مضاد للدروع.

وترافق هجوم قوات النظام والمليشيات على خان طومان مع خمس غارات جوية شنتها طائرات روسية على مناطق قرب بلدة كفرناها، وعشر غارات أخرى على مناطق في محيط بلدة خان العسل، بالإضافة إلى قصف مدفعي وصاروخي عنيف شنته قوات النظام المتمركزة في تلة البنجيرة وقرية العزيزية جنوب حلب، وقريتي تل ممو والزيارة، التي تسيطر عليها المعارضة في ريف حلب الجنوبي.

إلى ذلك، أفادت مصادر الدفاع المدني في حلب بأن طائرة مروحية تابعة للنظام استهدفت منطقة سكنية في حي الأنصاري جنوب غرب حلب، ببرميل متفجر، أدى انفجاره إلى أضرار مادية كبيرة. ومع خسارة النظام لثلاث مواجهات عسكرية في يوم واحد، في محيط حلب، يبدو أن فرص قواته في إحراز تقدم هام على مناطق سيطرة المعارضة في حلب تبدو ضئيلة، خصوصاً بعد نجاح قوات المعارضة في التصدّي لهجمات قوات النظام المتزامنة وبكفاءة عالية.

ومع هذه التطورات الأخيرة التي تلت انتهاء مدة الهدنة الممددة للمرة الثانية في حلب، تعود إلى الواجهة احتمالات إعادة إعلان هدنة بين قوات المعارضة وقوات النظام في المدينة، لإفساح المجال أمام اتصالات الأطراف المعنية بالملف السوري، لإيجاد أرضية لعقد جولة جديدة من المباحثات بين ممثلي النظام والمعارضة في جنيف.

ويُرجّح أن تشمل الهدنة، في حال تم التوصّل إليها، مدينة حلب فقط، من دون ريفها، بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها القوات الإيرانية الداعمة للنظام في خان طومان، والتي وصلت بحسب المصادر الإعلامية الإيرانية إلى 14 قتيلاً، بينهم ضابط كبير في الحرس الثوري وعدد من الأسرى، الذين تحدثت مصادر المعارضة عن أسرهم قبل أن تؤكد ذلك المصادر الإعلامية الإيرانية.

وسيضع ذلك ضغطاً على طهران ومن ثم على النظام السوري لمحاولة إحراز نصر في خان طومان والمناطق المحيطة بها جنوب حلب، التي ما زالت بيد "جيش الفتح" الذي تمكنت قواته خلال الأيام الخمسة الأخيرة من إفشال أربع هجمات كبيرة لقوات النظام والمليشيات الأجنبية الداعمة لها في المنطقة.

وربما تفكر قوات النظام في شنّ هجوم جديد على مناطق سيطرة المعارضة شمال حلب، بهدف الاقتراب من طريق الكاستيلو ومحاولة قطعه، وبالتالي فرض حصار على مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حلب، إلا أن نجاح قوات النظام بذلك يبدو مستبعداً خلال الأيام القليلة الماضية، مع تمكن قوات المعارضة من إفشال جميع هجمات قوات النظام على أطراف حلب خلال الأيام الماضية.

المساهمون