استهداف المناطق النائية والأقارب...أبرز ملامح عمليات "داعش" في السعودية

استهداف المناطق النائية والأقارب...أبرز ملامح عمليات "داعش" في السعودية

06 ابريل 2016
"داعش" يوظف جل إمكانياته وخططه لضرب السعودية (فرانس برس)
+ الخط -
تدفع نوعية العمليات التي نفذها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في المملكة العربية السعودية أخيراً، إلى قراءتها من خلال ثلاثة ملامح. أولها يرتكز على استراتيجية "الذئاب المنفردة"، والتي استخدمت من قبل التنظيم في مناطق مختلفة، منها السعودية.

والملمح الثاني، استثمار الروابط العائلية للقيام بعمليات اغتيال لرجال أمن، من قبل عناصر "داعش"، أو المتعاطفين مع التنظيم، وهذا خاص بالسعودية بشكل أكبر. أما الملمح الأخير، وهو الأحدث نسبياً، فيتعلق باستهداف المحافظات والمدن والبلدات الصغيرة، أو ما يمكن اعتباره استهدافا "للأطراف" البعيدة عن المدن السعودية الرئيسية، الأمر الذي بدأ بالتزايد في الآونة الأخيرة.

استراتيجية "الذئاب المنفردة"

تعتبر هذه الاستراتيجية الأشهر والأكثر انتشاراً في تحليل عمليات تنظيم "داعش" حول العالم منذ سنوات، وتتلخص في قيام فرد، أو مجموعة صغيرة من الأفراد، لا تتجاوز ثلاثة أشخاص عادة، بالقيام بعملية تخدم أهداف التنظيمات الإرهابية، من دون أن تكون لهم صلة مباشرة بالتنظيم. فلم يتم تجنيدهم أو مشاركتهم التخطيط للعملية، أو توجيههم، بل تصرفوا من تلقاء أنفسهم لخدمة أهدافه، بدون علاقة مباشرة.

حدث هذا في مناطق مختلفة من العالم، وبينما لا تشمل "استراتيجية الذئاب المنفردة" عمليات معدة باحترافية، كتلك التي ضربت في بروكسل وباريس، والتي وقف وراءها أشخاص على صلة بـ"داعش"، بعضهم قاتل مع التنظيم في العراق وسورية، إلا أن وصف "الذئاب المنفردة" ينطبق على هجمات كتلك التي قام بها الزوجان سيد فاروق وتاشفين مالك، واللذان وُصفا بأنهما "مناصران" لتنظيم "الدولة الإسلامية"، لا أعضاء فيه، بعد قيامهما بهجمات كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية؛ إذ لا توجد صلة "تنظيمية" مباشرة بينهما وبين "داعش"، كما أظهرت التحقيقات.

يمكن اعتبار "استراتيجية الذئاب المنفردة" تنطبق بشكل مباشر على عمليات اغتيال رجال أمن في السعودية أخيراً، والتي نُفذت بصورة عشوائية من متعاطفين ومناصرين للتنظيم، قاموا بتصوير عملياتهم، وإعلان "مبايعتهم" زعيم "داعش"، أبوبكر البغدادي، وولائهم للتنظيم.

كما يمكن أن تنطبق – ولو بشكل أقل – على عمليات استهداف المساجد في السعودية والكويت، والتي قامت بها خلايا محدودة العدد، يُشك في أن لها صلات مباشرة بتنظيم "داعش"، في الوقت الذي لا يمكن لمثل هذا النوع من العمليات أن يكون عشوائياً وارتجالياً، على الأقل بسبب تعقيد عملية صناعة الأحزمة الناسفة المستخدمة.

صلة القرابة لتنفيذ المخططات

أما استغلال الصلات العائلية للقيام بعمليات اغتيال، فهو أكثر استراتيجيات التنظيم إثارة للرعب أخيراً في السعودية.

الهجمات التي يقوم "داعش" بتبنيها، والثناء على مرتكبيها، بدأت بالانتشار بصورة غير مسبوقة. فبعد أن قام محمد الغامدي، في 14 يوليو/تموز 2015، باغتيال والده، وتفجير نفسه في نقطة أمنية، انتقاماً من تبليغ والده عن نشاطاته المشبوهة، تكرر الأمر لاحقاً، وتم بعد يومين من حادثة الغامدي، اغتيال العقيد راشد الصفيان، من قبل ابن أخته، في 16 يوليو/تموز. وفي العام نفسه، في سبتمبر/أيلول، قام سعد العنزي، بمساعدة أخيه عبدالعزيز، بقتل ابن عمهما، مدوس العنزي، الجندي في القوات المسلحة السعودية، وقاما بتصوير العملية، ونشرها عبر الإنترنت.

 كما قام أبناء عم الوكيل رقيب في قوات الطوارئ، بدر حمدي الرشيدي، باغتياله، و"مبايعة" تنظيم "داعش" في فبراير/شباط 2016، وقاموا بتوثيق العملية وتصويرها ونشرها عبر الإنترنت. وقامت قوات الأمن السعودية بملاحقتهم وقتلهم لاحقاً، في 11 مارس/آذار الماضي.

وقد تداول السعوديون، يوم أمس، احتمالية تورط أحد أقارب العقيد كتاب الحمادي، الذي أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن مقتله، إثر تعرضه لإطلاق نار من مجهول، في مركز العرجا، بمحافظة الدوادمي، غرب الرياض.

وأعلن تنظيم "داعش" تبنيه للعملية. في الوقت الذي تبنى عملية أخرى، قبل يومين، في الدلم بمحافظة الخرج، بعد أن أعلن المتحدث باسم الداخلية، عن استهداف دورية أمنية تابعة لشرطة الدلم بمحافظة الخرج، جنوب العاصمة السعودية الرياض، بعبوة ناسفة، أثناء توقفها بالقرب من مركز الشرطة، يوم السبت الماضي، مما أدى إلى مقتل مدني، وتعرض ثلاث دوريات لأضرار مختلفة.

تتقاسم هذه العمليات، الملامح الثلاثة الرئيسية، إذ تشترك كلها في أنها تمت ضمن "استراتيجية الذئاب المنفردة" من قبل أفراد ليسوا بالضرورة عناصر في التنظيم. وأنها تمت في مناطق نائية نسبياً، بعيداً عن العاصمة السعودية الرياض، أو المدن الرئيسية الكبرى، كالدمام أو جدة أو بريدة أو أبها. كما أنها، وباستثناء استهداف دورية الشرطة بعبوة ناسفة، استغلت الصلات العائلية، للقيام بعمليات اغتيال لرجال أمن، غدراً.

وكل هذه العمليات، تم القبض على مرتكبيها، أو تصفيتهم، بعد مدة قصيرة نسبياً من قيامهم بجرائمهم، وغالباً ما تم هذا في مناطق نائية، بعيدة عن المدن.

ولم تمر أي من عمليات الاغتيال تلك من دون أن يُقبض على مرتكبيها. والأمر يتعلق بعدة عوامل، فبالإضافة إلى إيلاء السلطات السعودية، أولوية قصوى، لمواجهة تنظيم "داعش" في المملكة، قام بعض مرتكبي هذه العمليات بكشف هوياتهم للسلطات الأمنية مباشرة، من خلال توثيقهم جرائمهم بالفيديو، ونشرهم للمقاطع، بغرض إعلان الولاء للتنظيم، وتأكيدهم على وصف من يقومون بقتلهم بـ"المرتدين" على حد قولهم، بسبب عملهم في الأجهزة الأمنية للدولة. أما العمليات التي لم يتم تسجيلها بشكل مباشر، فغالباً ما تتضح معالمها سريعاً، بسبب صلة القرابة التي تجمع ما بين المجرم والضحية.

المساهمون