كيري في المنامة غداً تمهيداً للقمة الأميركية الخليجية

كيري في المنامة غداً تمهيداً للقمة الأميركية الخليجية

06 ابريل 2016
يرى الخليجيون تخاذلاً أميركياً بدعم أجندتهم في سورية (Getty)
+ الخط -


يعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، يوم غدٍ الخميس، اجتماعاً موسعاً مع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في العاصمة البحرينية، المنامة، في الوقت الذي اجتمع فيه وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بنظيره الأميركي، أمس الأول في العاصمة الأميركية واشنطن، قبل زيارة كيري إلى المنطقة. وأكد وزير الخارجية القطري، بعد الاجتماع، أهمية العلاقة بين دولة قطر والولايات المتحدة الأميركية، وأشار إلى أن الطرفين ناقشا "خطر ظاهرة الإرهاب النامي، من خلال منظورٍ شامل لمكافحة الممارسات الإرهابية ومعالجة الأسباب الجذرية اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً". كما شدد على أن دولة قطر "تعتبر الولايات المتحدة الأميركية حليفاً استراتيجياً في عملية إحلال الأمن والسلام في المنطقة".

وفي هذا السياق، يمهد اجتماع المنامة بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ونظيرهم الأميركي، بحسب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، عبد اللطيف الزياني، للقمة الخليجية الأميركية التي ستحتضنها العاصمة السعودية الرياض، في 21 أبريل/نيسان الحالي، بين قادة دول مجلس التعاون، والرئيس الأميركي باراك أوباما، في الوقت الذي تمر فيه العلاقات الخليجية-الأميركية بمرحلة فتور، على عكس التصريحات الدبلوماسية التي يتبادلها الطرفان.

وكان الزياني قد أوضح، قبل أيام، أن اجتماع المنامة يهدف إلى مناقشة "التحضيرات للقمة الخليجية الأميركية التي ستُعقد في الرياض، في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين، وتطورات الأوضاع في المنطقة والجهود التي تُبذل لتسوية الصراعات الدائرة في سورية واليمن والعراق وليبيا ومكافحة الإرهاب". وسيناقش الاجتماع أيضاً، بحسب الزياني، نتائج قمة كامب ديفيد في مايو/أيار 2015، التي جمعت أوباما بقادة دول مجلس التعاون الخليجي، في غياب الملك السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، وذلك لمناقشة تداعيات الاتفاق النووي الإيراني على المنطقة، وأثره على العلاقات الأميركية - الخليجية.

وكان الاجتماع ذروة الفتور في العلاقات الأميركية - الخليجية، على عكس ما كان متوقعاً في حينه، إذ أكد الرئيس الأميركي للقادة الخليجيين، التزام بلاده بأمن الخليج، ومواجهة أية تهديدات إيرانية، في الوقت الذي أعلن فيه عن نقطتين، تم التعاطي معهما بسلبية من الطرف الخليجي. تتعلق الأولى بتأكيد أوباما أن واشنطن لن تفعل شيئاً لمواجهة تمدّد إيران في المنطقة، وأن المليشيات المدعومة من إيران والمنتشرة في العراق وسورية ولبنان واليمن، هي مسؤولية الخليجيين وحدهم. والنقطة الأخرى، تشديده على أن الخطر المحدق بدول الخليج، داخلي ويتعلق بالإصلاحات السياسية، مقللاً من الخطر الخارجي الإيراني، مقابل الأوضاع الداخلية لدول الخليج.

وباستثناء سلطنة عُمان، التي استقبلت محادثات الاتفاق النووي السرية في بدايتها، ورحّبت بالاتفاق لاحقاً، بدا أن العلاقات الخليجية - الأميركية قد دخلت في مرحلة فتور غير مسبوقة، على الرغم من التأكيدات المتبادلة بين فترة وأخرى، على "عمق العلاقات التاريخية بين الطرفين".

وجاءت ذروة الارتياب بين الطرفين بعد كلام الرئيس الأميركي في مقالة، في "ذا أتلانتك"، عن "عقيدة أوباما" السياسية، والتي تضمنت حوارات مع الرئيس، انتقد من خلالها السعودية، محمّلاً إياها مسؤولية "نشر التطرف في العالم الإسلامي"، كما اعتبرها "راكباً مجانياً على سياسات واشنطن الخارجية" على حد تعبيره، الأمر الذي قوبل بانتقادات إعلامية واسعة للرئيس الأميركي، كان أبرزها من رئيس الاستخبارات السعودية في الفترة ما بين 1977 و2001، والسفير الأسبق في واشنطن، الأمير تركي الفيصل، الذي عدّد المجالات التي تتعاون فيها السعودية مع أميركا، مؤكداً أن السعودية "ليست عالة على أحد".

لكن ردة الفعل "الرسمية" السعودية كانت مختلفة، إذ أوضح وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، تعليقاً على ما ورد في "ذا أتلانتك"، أن الموقف الأميركي تجاه السعودية "لا يأتي مما يكتب في المجلات"، مؤكداً على العلاقات الاستراتيجية بين الطرفين، الأمر الذي أكده أيضاً ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع محمد بن سلمان لاحقاً، في مقابلة مع شبكة "بلومبيرغ" الأميركية، إذ شدد على أن "الولايات المتحدة الأميركية تعتبر السعودية حليفاً لها"، وأن السعودية "تعتبر أميركا حليفاً لها أيضاً"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة هي شُرطي العالم، وليس المنطقة وحسب".

وساهمت عدة عوامل في فتور العلاقات الخليجية الأميركية خلال حكم أوباما، تتعلق بطريقة معالجة واشنطن لقضايا المنطقة الإشكالية، خصوصاً ما يرتبط بنفوذ إيران المتزايد في الإقليم، وما يعتبره الخليجيون تخاذلاً أميركياً في مساندة أجندتهم في سورية، المتعلقة بدعم المعارضة المسلحة ومواجهة رئيس النظام السوري بشار الأسد، بالإضافة إلى دعم واشنطن للحكومة العراقية، والتي تتهمها دول خليجية بالطائفية، والوقوع تحت هيمنة طهران. المواقف الأميركية التي يرى مراقبون أنها تأتي وفق رؤية أوسع لإدارة أوباما، تهدف إلى تقليل الحضور الأميركي في المنطقة، والاقتصار على ملفات محاربة الإرهاب، لا سيما تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الأمر الذي جعل السعوديين يضغطون على الولايات المتحدة، لإرسال قوات برية إلى سورية، لمحاربة التنظيم، ضمن التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014، والذي اقتصرت عملياته على الضربات الجوية، وعمليات خاصة محدودة على الأراضي العراقية. لكن ما زالت واشنطن مترددة في إعطاء السعودية الغطاء السياسي والعسكري الكافي، للبدء بعمليات برية، تساهم الرياض وأنقرة فيها بشكل رئيسي.

ويعتقد مراقبون أن زيارة أوباما إلى المنطقة، لعقد قمة خليجية أميركية خلال أسبوعين، تأتي من أجل إذابة الجليد بين الطرفين، في ظل اعتقاد سائد في المنطقة بأن الرئيس الأميركي، ومع اقتراب موعد نهاية ولايته الرئاسية الثانية، لن يقوم بتغيير ذي معنى في سياساته تجاه الإقليم، خصوصاً مع اعتزاز أوباما، في مقالة "ذا أتلانتك"، بعدم التدخّل في سورية، بعد استخدام الأسد للسلاح الكيماوي، على الرغم من كل المجازر التي ارتكبت هناك، وأدت إلى تشريد ملايين السوريين، ومقتل مئات الآلاف.