أطنان من الألغام ومتفجرات ومخلفات الحروب في العالم العربي

أطنان من الألغام ومتفجرات ومخلفات الحروب في العالم العربي

05 ابريل 2016
كيف يمكن العودة لحياة طبيعية بعد انتهاء الحروب؟ (Getty)
+ الخط -

"كيف يمكن العودة إلى حياة طبيعية بعد انتهاء الحروب؟"، سؤال طرحه الممثل الشهير دانييل كريغ، والذي اشتهر بدوره في سلسلة أفلام جيمس بوند، بصفته ممثل الأمم المتحدة في حملتها للتوعية والقضاء على الألغام ومخلفات الأسلحة والقنابل المتفجرة للحروب. وجاءت كلمة كريغ خلال مؤتمر صحافي عقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، بمناسبة اليوم العالمي من أجل القضاء على الألغام (ومخلفات الأسلحة والقنابل المتفجرة للحروب) والذي أقرته الأمم المتحدة عام 2005 ويصادف في 4 من أبريل/نيسان لكل عام. 

ويجد المدنيون أنفسهم في دول عربية عدة، من بينها سورية والعراق ولبنان وفلسطين وليبيا واليمن والسودان والصومال، بعد انتهاء تلك الحروب أمام حرب أخرى تتفجر فيها الألغام ومخلفات الأسلحة والقذائف وغيرها في وجوههم في كل مكان من بينها، طرقهم وحقولهم وحتى بيوتهم ومدارسهم.

هذا ما أكدته رئيسة المنظمة المسؤولة عن التخلص من الألغام التابعة للأمم المتحدة، آنياس ماركاريو، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في نيويورك. وتحدثت ماركاريو عن مجهودات الأمم المتحدة في هذا السياق وأشارت إلى أنها تشمل أموراً عديدة ومن بينها: "البحث عن الألغام الأرضية ومخلفات المواد المتفجرة في مناطق الحروب والنزاعات، كما تنسيق الإجراءات المتعلقة بإزالة تلك الألغام وتطهير المناطق المتضررة بما في ذلك تدريب السكان المحليين على إزالتها والتعامل معها". 

وبحسب تقارير الأمم المتحدة فإن "أكثر من مليوني سوري تلقوا معلومات تثقيفية حول مخاطر الألغام في المدارس والمجتمعات المحلية، كما وفرت خدمات إعادة التأهيل لأكثر من 5400 شخص، إضافة إلى تدمير 14 طنا من الذخائر غير المتفجرة منذ شهر 14 أغسطس/آب الأخير". 

وفي جنوب السودان قامت الأمم المتحدة حتى نهاية العام الماضي بتنظيف وتمشيط "ما يقارب من 23 مليون متر مربع من الأراضي، كما مسحت ونظفت أكثر من 3.403 كيلومترات من الطرقات ناهيك عن تثقيف أكثر من 684 ألف شخص حول الموضوع في جنوب السودان". 

وفي غزّة ومنذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع المحتل، قامت الأمم المتحدة بتنظيف وتمشيط أكثر من 246 موقعا بما فيها المدارس. كما تفيد تقارير الأمم المتحدة بأنها قدمت دورات تدريبية ومعلومات للتوعية حول مخلفات الذخائر والقنابل لأكثر من 10 آلاف شخص في القطاع، بمن فيهم عاملون لدى الأمم المتحدة ومهندسون وعمال بناء معرضون للمخاطر أكثر من غيرهم. كما قامت المنظمات التابعة للأمم المتحدة بتدمير 2300 مادة/ هدف بما فيها قنابل للطائرات.

وفي ليبيا دمرت المنظمات المختصة أكثر من 384 ألف طن من المخلفات المتفجرة للحرب كما تم تدمير 54 طنا من الأسلحة. وفي جنوب لبنان تمكنت المنظمات المختصة من تنظيف وتمشيط 4.8 آلاف كيلومتر مربع من الأراضي اللبنانية كما تدمير أكثر من 35 ألف لغم ومخلفات متفجرة في جنوب لبنان حتى اليوم. 

وتؤكد آنياس ماركاريو أنه وفي العراق إذا قرر المدنيون العودة إلى بيوتهم في المناطق المحررة من "داعش" فإن "هناك احتمالا كبيرا أن يجدوا بيوتهم وأبوابها وشبابيكها ومواقد التدفئة وغيرها مزروعة بالمفخخات والمتفجرات". وفي هذا السياق تحاول الأمم المتحدة تدريب المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء والمزارعون والشباب والرجال، على خفض مخاطر تعرضهم لتلك المخلفات وإزالتها. 

ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد" حول مسؤولية الدول، بعد انتهاء الحروب، عن تنظيف وتطهير الأراضي التي قامت بقذفها بكميات هائلة من المتتفجرات بما فيها القنابل العنقودية،  قالت ماركاريو، "في هذه الحالات ننظر إلى المسألة القانونية وأي الدول وقعت على أي الاتفاقيات الدولية ونحاول تذكيرهم بواجبهم القانوني، إن قاموا هم بعمليات تطهير الأراضي من الألغام والمخلفات المتفجرة أو أن يوكلوا هذه المهمة لمؤسسة ما أو تقديم الدعم المادي لنا لكي نقوم نحن بذلك".

وعما تحتاج له الأمم المتحدة في هذا السياق ماديا لكي تتمكن من تحقيق أهدافها؟ أضافت ماركاريو، "نحن نحتاج لمساعدات على مستويات مختلفة ونحاول أن ندرب الدول والمدنيين للتعامل مع المشكلة والتخلص منها بأنفسهم. والموارد المادية للمساعدات الإنسانية في هذا السياق لهي أمر ضروري وأساسي. ولذلك أريد أن تقوم الدول المجتمعة الشهر المقبل في قمة المساعدات الإنسانية الأولى، بالتعامل مع التخلص من الألغام والمخلفات المتفجرة كجزء من المساعدات الإنسانية وإلا فلن نتمكن من القضاء على هذه المشكلة الوخيمة ولن نتمكن من الحصول على 30 أو 40 مليون دولار التي نحتاجها للتخلص من هذه الألغام والمتفجرات في سورية يوما ما أو في العراق وغيرها من الدول" وأكدت ماركاريو كذلك "قد تبدو هذه الأرقام عالية وكبيرة ولكن علينا مقارنتها بتكاليف القنابل التي يتم قذفها أو بتكاليف الطائرات التي يتم استخدامها لقذف تلك القنابل، فإن هذه التكاليف صغيرة مقارنة بالأموال المخصصة لتلك الأسلحة المستخدمة. هناك ما يكفي من المال لكي تقوم الدول بتنظيف الخراب الذي سببته تلك القنابل والأسلحة".

وتقوم الأمم المتحدة بفعاليات عديدة خلال الأسبوع الجاري لنشر التوعية حول الموضوع بما فيها سباق للدراجات في بيروت وفعاليات رياضية في دارفور وغيرها. وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يؤكد على ضرورة اعتبار جهود القضاء على مخلفات الأسلحة والألغام كجزء من المساعدات الإنسانية للقضاء على الأزمات.




المساهمون