ليبيا: شروط صالح وحفتر تعقّد مهمة السراج

ليبيا: شروط صالح وحفتر تعقّد مهمة السراج

04 ابريل 2016
صالح طالب حكومة السراج بالمثول أمام البرلمان(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
تؤكد المعطيات من العاصمة الليبية طرابلس سعي رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، لتذليل الصعوبات السياسية والأمنية الكثيرة أمامه، وحشد أكبر قدر ممكن من التأييد الشعبي والعسكري والحزبي والقبلي. ويبدو أنه يحرز تقدّماً ملموساً في هذا المجال، إذ نجح في عقد تسويات كثيرة مع جهات ليبية التقته لتستوضح منه عن مخططاته ونواياه، وتحدد معه مصيرها الشخصي والمناطقي.
وبينما كان السراج يجتمع مع نواب من برلمان طبرق وبعض قيادات الجيش في طرابلس، وبعد صمت "شرقي" طويل نسبياً، خرج رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح ليوجّه جملة من الرسائل الهامة، ويضع في الوقت نفسه شروطاً أمام حكومة السراج، طرحت تساؤلات حول قدرة السراج على الاستجابة لها، خصوصاً أن بعضها سيعيد الجميع إلى المربع الصدامي الأول. أولى رسائل صالح كانت بخصوص تصريحات المبعوث الأممي مارتن كوبلر التي قال فيها إن الحكومة التوافقية يمكنها العمل من دون موافقة برلمان طبرق. ورفض صالح هذه التصريحات بشكل قاطع، مذكّراً بأنه يجب على رئيس الوزراء أن يعرض البرنامج الخاص بحكومته ويحضر مع كل أعضاء حكومته إلى البرلمان، لتحصل على الثقة وتصبح حكومة شرعية. غير أن الموقف الأهم تمثل في ما اعتبره صالح "عدم جواز عمل الحكومة التوافقية في حماية المليشيات المسلحة"، مؤكداً أنه "مع الوفاق من حيث المبدأ"، ولكنه وضع شرطاً بـ"أن تكون منسجمة مع تطلعات الشعب، الذي يطالب بصيانة المؤسسة العسكرية والحفاظ عليها"، لافتاً إلى أن "بعض أعضاء المجلس الرئاسي لا يعترفون بمجلس النواب، وتصريحاتهم مريبة بخصوص الجيش". وعلى الرغم من أن عقيلة صالح لم يذكر بشكل مباشر قائد الجيش التابع لبرلمان طبرق خليفة حفتر، إلا أنه بدا واضحاً أنه يشير إليه، وهو بذلك وضع جملة من الشروط أمام السراج والمجتمع الدولي، وذكّر الجميع بأنه "مصدر السلطات" و"صاحب القرار النهائي"، وأن على السراج أن يحضر إلى طبرق لنيل الإشارة الخضراء، وأن يوضح موقفه من الجيش وحفتر.

ويمثّل هذا الموقف لصالح، ومن ورائه جزء مهم من شرق ليبيا، عقبة قانونية وسياسية كبيرة، تعيد الجدل الكبير حول عقدة حفتر إلى رأس قائمة الخلافات بين شرق وغرب البلاد، ويقف السراج بينهما باحثاً عن مخرج لهذه الأزمة. لكن السراج في الوقت ذاته لا يقف متفرجاً، إذ كشف نائبه موسى الكوني أن المجلس الرئاسي عقد اجتماعاً مع قيادات الجيش، من دون أن يسميهم. وأضاف في تغريدة له على موقع "تويتر"، إنه من الضروري تفعيل الدور المهم للجيش الليبي لتثبيت أسس الدولة، مشيراً إلى أن "هذا ما شددنا بشأنه في اجتماعنا مع قياداته، وعلى ضرورة عودة رموز الجيش لمهامهم".
في موازاة ذلك، قال عضو المؤتمر الوطني العام عبد القادر حويلي، إن بعض الأحزاب دخلت في وساطة بين المؤتمر والمجلس الرئاسي وكوبلر لتضمين ملاحظات المفتي الصادق الغرياني والمؤتمر الوطني العام في الاتفاق السياسي. وأضاف حويلي في تصريح لموقع إخباري ليبي، أن المؤتمر لن يعترف بالمجلس الرئاسي ما لم يوافق على شروطه والنقاط التي ذكرها المفتي. وأوضح أن الحكومة يجب أن تُمنح الثقة من البرلمان بحسب الاتفاق، وإجراء تعديل دستوري من البرلمان لتضمين الاتفاق السياسي. وكان المؤتمر رفض، في بيان له، العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على رئيس المؤتمر نوري بوسهمين ورئيس حكومة طرابلس خليفة الغويل. وأوضح متحدث باسم الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي أن العقوبات سوف تُراجَع بشكل دوري، مشيراً إلى أن هذه العقوبات يمكن أن تُعدّل لتأخذ في الاعتبار التطورات على الأرض.
أمنياً، شهدت طرابلس عودة الاشتباكات، وأكدت الأخبار المتقاطعة أن مناوشات مفاجئة اندلعت بمختلف أنواع الأسلحة، في وقت مبكر من صباح أمس الأحد، بين مليشيات مسلحة في المدينة، في شارع زناته، شرق منطقة سوق الجمعة وسط العاصمة، بالقرب من مقر قناة "النبأ" التلفزيونية، التي سبق إغلاقها من قبل محتجين، وعلى بعد كيلومترات قليلة من القاعدة البحرية.
وأكدت مصادر إعلامية ليبية أن السكان سمعوا دوي انفجارات وإطلاق أعيرة نارية، فيما تحدث آخرون عن استخدام المليشيات لصواريخ "آر بي جي". وبحسب هذه التقارير الإعلامية، فإن عناصر من "مليشيات الصمود" المحسوبة على مصراتة، والموالية لعبد الحكيم بلحاج، قامت بإعادة فتح مقر القناة المغلق بالقوة. واستأنفت القناة التي اتُهمت "بتأجيج الصراع السياسي والفتنة" بثها المؤقت، بعد إدانات كثيرة من هيئات دولية ومحلية للتضييق على حرية الصحافة. وكان السراج قد دان الاعتداء الذي وقع الأسبوع الماضي، على مقر "النبأ" واعتبره بمثابة اعتداء على حرية الإعلام، ودعا السكان إلى ضبط النفس وعدم الانخراط في أي أعمال عنف.

المساهمون