العيس بيد المعارضة... قطع طريق المليشيات نحو الفوعة وكفريا

العيس بيد المعارضة... قطع طريق المليشيات نحو الفوعة وكفريا

04 ابريل 2016
صدّت المعارضة هجمات عدة للمليشيات في حلب (أحمد حسن/الأناضول)
+ الخط -
لم يحتجْ السوريون إلى تقدّم جديد لفصائل المعارضة جنوب حلب (شمال غرب سورية) ليدركوا أنّ مليشيات مدعومة من إيران تسيطر على أجزاء من بلادهم تحت غطاء مساندة قوات النظام الذي تلقّى ضربات من المعارضة أدت إلى فقدانه زمام المبادرة. فقد نشر ناشطون إعلاميون يرافقون المعارضة في معاركها، صوراً على وسائل التواصل، أوّل من أمس السبت، من داخل بلدة العيس في ريف حلب الجنوبي، والتي استعادت المعارضة المسلحة السيطرة عليها، تظهر أنّ البلدة كانت تحت سيطرة حزب الله، وحركة "النجباء" العراقية، ومليشيا "الزينبيون" الأفغانية. 

حاولت هذه المليشيات خرق الهدنة للتقدم أكثر من مرة على حساب المعارضة، لكن الأخيرة صدّت هجومها وأجبرتها على التراجع خارج البلدة إثر معارك تكبّدت فيها المليشيات خسائر فادحة، مخلّفة شعارات على الجدران تؤكد أن قتالها في سورية هو لغايات طائفية وأن لا دور حقيقياً لقوات النظام في الكثير من المناطق السورية. كما حاولت المليشيات الزحف من جنوب حلب باتجاه بلدتَي كفريا والفوعة في ريف إدلب (شمال سورية) لفكّ الحصار الذي تفرضه فصائل المعارضة عليهما، وحققت بعض التقدم في بدايات التدخل العسكري الروسي في سورية في سبتمبر/أيلول 2015، مستعينة بغطاء جوي من مقاتلات روسية.

لكن تراجع حزب الله وحركة "النجباء" منذ يومين، جعل حلم إيران بالوصول إلى كفريا والفوعة بعيد المنال، إذ بات من الصعوبة تكرار سيناريو نبّل والزهراء شمال حلب، والتي استطاعت المليشيات الأفغانية فك الحصار عنها تحت غطاء ناري روسي في بداية فبراير/شباط الماضي. وهو ما يؤكده القيادي الميداني في "جيش النصر"، المقدّم أسامة الشيخ حامد، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الحرس الثوري الإيراني أراد التوغل أكثر في ريف حلب الجنوبي، وغايته وهدفه الوصول إلى كفريا والفوعة، لكن هذا الهدف فشل، وتم إجهاضه من خلال دحرهم عن منطقة العيس الاستراتيجية". ويوضح أن "المليشيات التابعة لإيران تعرّضت لخسائر فادحة في المعركة". وذكرت مصادر إعلامية أن "تسعة من عناصر حزب الله الذين كانوا يتخذون من العيس مقراً لهم قتلوا في المعارك بينهم القائد الميداني نايف حلاوة، كما تم تدمير آليات عسكرية للمليشيات واغتمام أخرى".

وكان حزب الله ومجموعات عراقية قد سيطرا على قرية العيس في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015. وحاولت طهران إعطاء الأمر أبعاداً طائفية من خلال ظهور قائد فيلق القدس، قاسم سليماني في القرية، وإلقائه خطبة طائفية بين عناصر مليشياته. كما ظهر قائد حركة "النجباء" وهو يعتلي منبر مسجد القرية مع رايات وشعارات طائفية.

وتقع قرية العيس بين مدينتَي حلب وإدلب، حيث تبعد عن الأولى جنوباً بنحو 37 كيلومتراً، وعن الثانية نحو 35 كيلومتراً. وهي ليست بعيدة عن بلدة الحاضر التي لا تزال تحت سيطرة حزب الله و"النجباء"، إذ انسحب عناصرهما من العيس وتلالها إليها. وهُجر أهالي المنطقة قبيل سيطرة المليشيات عليها أواخر العام الماضي. وتوجّه عدد كبير منهم إلى المخيمات على الحدود السورية ـ التركية، فقام عناصر المليشيات بعمليات نهب وسرقة لممتلكات الأهالي في معظم بلدات وقرى ريف حلب الجنوبي.


بدوره، يؤكد القيادي في الفرقة 13 التابعة لـ"الجيش السوري الحر"، الرائد موسى الخالد، أنّ المليشيات حاولت التقدم باتجاه الطريق الدولي الذي يربط حلب بدمشق، فقامت المعارضة بالتصدي لها". ويضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "اللحمة عادت بين مختلف فصائل المعارضة جنوب حلب، وجرت إعادة البوصلة إلى اتجاهها الصحيح"، معتبراً ما جرى في العيس "نصراً لكل السوريين ورداً على انتهاكات قوات النظام والمليشيات لاتفاق وقف إطلاق النار، وخصوصاً في دير العصافير بريف دمشق، والساحل، وريف حلب الجنوبي". ويؤكد الخالد "التزام المعارضة المسلحة بالهدنة"، مشيراً إلى أنّه "عندما يُقدم النظام على قتل الأطفال والمدنيين فواجبنا الرد عليه وبقوة"، موضحاً أن معظم القتلى في معركة العيس من الأفغان المعروفين بـ"الزينبيين". ويلفت إلى مقتل أكثر من 15 عنصراً من حزب الله، وأسر عناصر أفغانية وإيرانية.

في السياق ذاته، يشير مراقبون إلى أنّه لم ينقض عام الثورة الأول 2011، إلّا وكانت رايات المليشيات تظهر في سورية، تحت لافتات الدفاع عن "المراقد الشيعية المقدسة"، خصوصاً في دمشق حيث مرقد "السيدة رقية"، وفي ريف دمشق حيث مقام "السيدة زينب"، ليتضح لاحقاً أن غاية إيران من وراء دعم وإرسال هذه المليشيات تحويل الصراع في سورية إلى طائفي لضمان بقائها في سورية، على حدّ تعبيرهم.

وتعد مليشيا "أبو الفضل العباس" من أول الفصائل التي أعلنت عن وجودها في سورية في بدايات عام 2012، وجعلت من منطقة السيدة زينب مقراً لها لاستقطاب مناصرين لها في العراق ولبنان وسورية. وتؤكد مصادر عدة أنّ عدداً من العراقيين الذين كانوا في سورية انخرطوا في هذه المليشيا، وارتكبوا جرائم بحق المدنيين جنوب دمشق. ولعلّ مجزرة منطقة الذيابية في سبتمبر/ أيلول 2012 دليل كافٍ على أفظع مجازر هذه المليشيا، إذ قتل العشرات من المدنيين بسواطير عناصرها. وتمددت "أبو الفضل العباس" إلى حلب، وبدأت وسائل الإعلام تكتشف حجم انتشارها من خلال توابيت قتلاها التي بدأت تصل إلى مدن عراقية تباعاً، وما كان سراً بات في العلن.

وبعد ذلك، بدأت تظهر عشرات المليشيات في سورية بتمويل إيراني مباشر، إذ تركزت مليشيا "فاطميون" في جنوب سورية. وانضم إلى هذه المليشيا التي قُتل عدد من قادتها وعناصرها في معارك بصر الحرير وبصرى الشام في ريف درعا، آلاف العناصر الأفغان اللاجئين في إيران. وظهرت حركة "النجباء" بداية عام 2013، والتي تبنّت خطاباً طائفياً، وتؤكد أن نشاطها يشمل العراق وسورية لـ"التمهيد لإقامة دولة العدل الإلهي بقيادة صاحب العصر والزمان الإمام المهدي"، وبذلت جهدها لقتال المعارضة السورية في حلب وريفها. كما أنشأ الحرس الثوري الإيراني العديد من المليشيات في سورية ومنها؛ حزب الله السوري الذي يضم شباناً من قرى نبّل، والزهراء، والفوعة، وكفريا، وبعض قرى طرطوس، وعناصر من قرى ريف حمص، ومن أحياء الأمين، وزين العابدين والجورة في دمشق.

ويؤكد المقدم محمد سامر الصالح (منشق عن جيش النظام) أنّ إيران اعتمدت استراتيجية دفع مليشيات للقتال إلى جانب قوات النظام بسبب نقص الكوادر المدرّبة فيها، مشيراً إلى أن هذه المليشيات كان لها انتشار كبير في الجغرافيا السورية، ولكن نشاطها انحصر في الآونة الأخيرة في المناطق المهمة بالنسبة لإيران والنظام، خصوصاً في المدن. كما ينتشرون عندما تأتي الأوامر لتحضير عمل ما، كما حصل أخيراً في مدينة تدمر، وفقاً للصالح.

المساهمون