سورية والمواقف اللفظية

سورية والمواقف اللفظية

02 ابريل 2016
لم تأخذ المواقف منحنى تصعيدياً ضد الأسد(مايكل سفلتوف/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن المواقف الدولية التي تصدر على شكل إدانة، أو تنديد، أو استنكار، أو شجب، أو استهجان لفعل تقوم به دولة أو جهة ما، تختلف في الحالة السورية عن غيرها في كل دول العالم. فعلى الرغم من أن هذه المواقف بالعموم هي لفظية لا ترقى إلى درجة القيام برد فعل، إلا أنّها مواقف تحذيرية تنبئ بمواقف أكثر تصعيداً قد تصل في النهاية لرد فعل ما لم يتم العدول عن الفعل المدان، إضافة إلى أن هذه المواقف بصيغتها الكلامية هي مواقف متدرّجة من حيث الشدّة تبدأ من التعبير عن عدم الرضا وتنتهي بالتهديد بالقيام برد فعل عملي على الفعل كفرض عقوبة ما أو قطع علاقات وقد تصل لشن حرب.

أما في الحالة السورية، فالمواقف الكلامية التي تتخذها معظم الدول من الأطراف المتنازعة في سورية، لا تخضع لأي من هذه القواعد. فهي إمّا مواقف احتيالية هدفها إخفاء الموقف الحقيقي للدولة المصدرة له، وفي الوقت ذاته الظهور بشكل الحاضر ضمن المواقف الرافضة للأفعال غير المقبولة دولياً، أو لإبعاد الشبهات عن مخطط غير معلن تعد له ولا تريد الإيحاء به من خلال موقف معلن. وأحياناً تأتي هذه المواقف ضد طرف بهدف توريط الطرف الآخر بفعل متقدم استناداً إليه كما حصل مع المعارضة حين قامت بأفعال متقدمة نتيجة التغرير بها من خلال مواقف كلامية لبعض الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

كما أن كل عبارات الشجب، والاستنكار، والتنديد، والاستهجان، والإدانة التي صدرت من قبل الدول الغربية، وخصوصاً الولايات المتحدة، ضد جرائم النظام، لم تأخذ منحى تصعيدياً يصل لرد الفعل العملي على الرغم من تمادي النظام بتكرار جرائمه المدانة لفظياً وبأساليب أكثر فظاعة، حتى بدت تلك الإدانات وكأنها ضوء أخضر له للاستمرار بجرائمه. هكذا، نجد أن مواقف تلك الدول بدأت شديدة اللهجة، ومع ازدياد الجرائم، بدأت تخف حدة الإدانات لدرجة ظهرت فيها تلك الدول وكأنها تتعامل مع نظام لا قدرة لها على مواجهته، وأنها أجبرت على التعامل معه كأمر واقع، فقامت بتخفيف لهجة إدانتها له، من اعتباره فاقداً للشرعية وعليه الرحيل فوراً، إلى القبول به حتى ضمن الحلّ السياسي المقبل.