الذراع العسكرية للجربا في الشرق...غطاء عربي دولي لـ"سورية الديمقراطية"؟

الذراع العسكرية للجربا في الشرق...غطاء عربي دولي لـ"سورية الديمقراطية"؟

20 ابريل 2016
تتكاثر "الجيوش" و"القوات" بالشرق السوري (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
بات لتيار "الغد السوري"، بزعامة الشيخ القبلي أحمد الجربا، الذي يُشكّل تقاطعاً روسياً إماراتياً مصرياً، ذراع عسكرية تحت اسم "قوات النخبة السورية" في المنطقة الشرقية، التي أضحت ساحة للعديد من "الجيوش" و"القوات"، التي تشكّلت على خلفية "محاربة الإرهاب". وهو ما أثار خشية كثيرين من توغّل جديد للمحور الروسي الإماراتي المصري، الذي يترجمه تيار "الغد السوري" في هذه المنطقة، بالتزامن مع اتساع دائرة الأحاديث عن تقسيم سورية بشعارات الفيدرالية.

في هذا السياق، ذكرت "قوات النخبة السورية"، في بيان مصوّر، أن "تشكيلها يهدف إلى استعادة قرارنا الوطني، بعد ما تم تشتيت الجيش السوري الحر بفعل رهانات خاطئة أو تدخلات خارجية، إضافة إلى دخول أجندة الإرهاب الدولي الذي حول الشعب السوري إلى أسير سجنين: نظام وعصابات مجرمة من جهة، وجماعات أكثر إجراماً من جهة أخرى"، وفق البيان.

وأضافت في البيان، الذي تلاه أحد قادتها أمام جمهرة من المقاتلين، أن "الإرهاب الذي استباح أرضنا، وصادر ثورتنا، هو الأساس في المقتلة السورية، وهو الذي سوّغ كثيراً من مجازر النظام، وجرّ علينا كثيراً من ويلات العدوان الخارجي الذي تذرّع بالإرهاب"، وفق البيان.

ودعا البيان إلى "مواجهة الخطر الذي يُهدّد كياننا، ووجودنا ووحدة شعبنا"، محذّراً من "تهديد النسيج العربي الكردي، الذي ميّز البعد الحضاري لتاريخ سورية". وأضاف أن "قوات النخبة السورية هي تجمّع ثوري ضمن مشروع سياسي وطني، تجسّد في تيار الغد السوري، الذي أُطلق من القاهرة المصرية، بهدف حماية سورية وصيانة تعدديتها وتكريس الحرية، التي خرج الشعب السوري مطالباً بها".
 
ولم تكتفِ "القوات" بذلك، بل عدّدت "إنجازاتها" العسكرية، وأعلنت عن "تحرير" قرى بادية أبو خشب، ومالحة الذرو، ورجعان، وأم مدفع في ريفي الحسكة ودير الزور، شمال شرق سورية، التي كان يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). لكن مصادر محلية، كشفت أن "هذه القرى سبق أن أعلنت قوات سورية الديمقراطية، في وقت سابق، عن استعادتها من التنظيم".

وسبق للجربا، رئيس "الائتلاف الوطني السوري" الأسبق، وأحد مشايخ قبيلة شمّر العربية في الحسكة السورية، أن أطلق في 11 مارس/آذار الماضي، من العاصمة المصرية القاهرة، مع عدد من الشخصيات السورية المعارضة تيار "الغد السوري"، ليُضاف إلى سلسلة التيارات السياسية التي ظهرت خلال سنوات الثورة السورية.

وقد أثار تدشين التيار الجديد، بحضور عدد من الشخصيات المعارضة السورية، ومندوب عن السفارة الروسية، جدلاً في الأوساط السورية المعارضة، ولا سيما أن التيار جاء في إطار تحالف إماراتي مصري، وبرعاية من القيادي الفلسطيني الأمني المطرود من حركة "فتح"، محمد دحلان.

كما أثار إطلاق التيار العديد من المخاوف والتساؤلات، خصوصاً أنه جاء في مرحلة يشهد فيها الملف السوري العديد من التطورات المفصلية لجهة مفاوضات السلام في جنيف بين المعارضة والنظام، وظهور دعوات لتقسيم سورية من قبل أطراف دولية، وقوى كردية، أبرزها حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الذي بات يسيطر على مساحات كبيرة من شمال سورية عن طريق "وحدات حماية الشعب" ذراعه العسكري.

في هذا الإطار، ذكرت مصادر إعلامية أن "الإعلان عن تشكيل قوات النخبة السورية، خطوة أولى باتجاه تنسيق الجهود بين تيار الغد السوري، ومجلس سورية الديمقراطية، الذي يضمّ فصائل كردية وعربية وتركمانية، وتتبع له قوات بنفس الاسم، تُشكّل الوحدات الكردية ثقلها الأساسي. وتتلقّى الوحدات دعماً من واشنطن وموسكو، ومتهمة بالتنسيق مع قوات النظام، والقيام بعمليات تهجير واسعة للعرب والتركمان في شمال سورية".

إلا أن عضو الأمانة العامة في التيار زكريا السقال، نفى نية "الغد السوري" الانضمام إلى "مجلس سورية الديمقراطية"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "لدى تياره العديد من الملاحظات الجوهرية على النهج السياسي لسورية الديمقراطية، تحديداً لجهة تبنّيه الفيدرالية خياراً لمستقبل سورية". ولفت إلى أنه "نحن في تيار الغد السوري ندعو إلى اللامركزية الإدارية، مع الحفاظ على الحقوق الثقافية للأقليات".

وأكد السقال أن "قوات النخبة السورية ليست تابعة لتيار الغد السوري بشكل مباشر"، موضحاً أن "التيار يكتفي بدعمها على أرضية بناء جيش وطني في سورية". وأشار إلى أن "تيار الغد السوري لا يريد تكريس ظاهرة أن يكون لكل تيار سياسي مليشيا تتبعه". وكشف السقال عن "مسعى الغد السوري لعقد علاقة تناغم بين المسارين العسكري والسياسي في سورية، ضمن برنامج وطني".

لكن مصدراً في المكتب السياسي في "مجلس سورية الديمقراطية" لم ينكر وجود تقارب مع تيار "الغد السوري"، وقال في حديث مع "العربي الجديد": "هم ليسوا بعيدين عنا فكرياً". لكنه أكد أنه "لا توجد مفاوضات لانضمام التيار إلى المجلس في الوقت الراهن".

وتعرّض "مجلس سورية الديمقراطية"، المعروف اختصاراً بـ"مسد"، لهزة كبيرة ربما تودي به، إثر انسحاب تيار "قمح" الذي يرأسه المعارض هيثم مناع، الذي كان رئيساً مشتركاً للمجلس، اعتراضاً على تبنّي حليفه رئيس "الاتحاد الديمقراطي"، صالح مسلم، لخيار الفيدرالية في شمال سورية، مشترطاً سحب إعلان الفيدرالية للعودة.

مع العلم أن المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية من سورية، أضحت تعجّ بالعديد من القوات والجيوش، التي "تكاثرت كالفطر" على حد تعبير مصدر في المعارضة السورية، بدعمٍ مباشر أو غير مباشر، من الولايات المتحدة وروسيا، تحت غطاء "محاربة الإرهاب" والوقوف أمام "داعش"، الذي يسيطر على مساحات جغرافية واسعة في شرق سورية.