السجل الأسود للجنرال الإسرائيلي رحبعام زئيفي: تهجير ومذابح واغتصاب

السجل الأسود للجنرال الإسرائيلي رحبعام زئيفي: تهجير ومذابح واغتصاب

15 ابريل 2016
اشتهر زئيفي بعدائيته للعرب (فرانس برس)
+ الخط -
انشغلت وسائل الإعلام الإسرائيلية، طيلة أيام الأسبوع بالتقرير التلفزيوني للقناة الثانية، حول حياة وممارسات الجنرال الإسرائيلي الفاشي، رحبعام زئيفي (اغتالته خلية فلسطينية للجبهة الشعبية عام 2001، في فندق حياة في القدس، عندما كان وزيرا في الحكومة الإسرائيلية) صاحب مشروع الطرد و"الترانسفير" (أي الترحيل) للفلسطينيين مع التركيز على نهجه المتواصل في اغتصاب المجندات الإسرائيليات عندما كان قائداً للمنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي في أواسط الستينيات من القرن الماضي.

وقد شهدت الحرب الفلسطينية الإسرائيلية، في تلك الفترة، قبيل احتلال العام 1967 وبعده، فترات مدّ وجزر في العمليات الفدائية، وكان منصب الجنرال زئيفي قائداً للمنطقة الوسطى (عينه في المنصب إسحاق رابين عام 1968)، قد وضعه في رأس حربة جيش الاحتلال لمواجهة الخلايا الفدائية وشنّ هجمات على مواقع الفدائيين، والاشتباك مع الخلايا في طريقها إلى الأراضي المحتلة.

وساهم هذا الأمر، في حينه، في بناء صورة للجنرال الفاشي، الذي لم يخف يوماً كراهيته للعرب والفلسطينيين، وتفاخر في جرائم القتل، موضحاً بحسب شهادات أوردها التقرير، أن وظيفته في الحياة تتلخص في "ثلاثة أشياء، القتل، والأكل ومعاشرة النساء"، في وقتٍ كان الاستغلال الجنسي للمجندات الإسرائيليات ظاهرة شائعة عند كبار قادة الجيش، منهم الجنرال موشيه ديان، الذي كان هو الآخر صديقاً لرحبعام زئيفي.


ومع أن التقرير، الذي بثته القناة الثانية، هدف بالأساس إلى إبراز جرائم زئيفي بحق المجندات واستغلال سطوته العسكرية ومكانته الرفيعة في الدولة، إلا أنه أبرز أيضاً جوانب أخرى تتعلق بجرائمه ضد الفلسطينيين وسرعته في القتل حتى بحق الأسرى والمواطنين العزّل لمجرد كونهم عرباً.

وقد استعان التقرير بشهادات مجموعة من الصحافيين الإسرائيلي، الذين كانوا مراسلين عسكريين واعتادوا تلقي تسريبات من زئيفي، بل وحتى مرافقته في عمليات المداهمة. وسرد هؤلاء وهم اليوم من كبار الصحافيين، أمثال "ناحوم برنيع وإيتان هابر (شغل منصب مدير ديوان رابين في الحكومة الثانية، وهو الذي قرأ بلاغ مقتل رابين) ودان حاميتسر، الذي اشتهر لاحقاً في برامج الأحاجي".

وتناول هؤلاء المراسلون نمط حياة زئيفي، وعدم احترامه لقيمة وحياة الإنسان الفلسطيني من جهة، وعدم تورعه عن التهديد بالقتل المباشر لهم في حال انتقدوا ممارساته أو كتبوا ضده.

وفي سياق التقرير، اعترف الوزير الإسرائيلي الأسبق، رافي إيتان، (كان رئيس خلية الموساد التي حاولت اغتيال حسن سلامة في السويد وتبين أن العملاء قتلوا بدلاً منه النادل المغربي أحمد بوشكيه)، بأنّ الجنرال زئيفي أطلق النار على فلسطينيين اثنين أعزلين من بدو النقب، وأردى أحدهما قتيلاً، فيما أصيب الآخر بجراح رغم أنهما كانا أعزلين، لمجرد الاشتباه بأن أهالي تلك المنطقة في النقب (لم يتم الكشف عنها) تعاونوا مع السلطات المصرية ضد إسرائيل وكان ذلك بين عامي 1955-1957، عندما كان زئيفي رئيساً لهيئة قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال.

وشهد أيضاً، قائد لواء جولاني في غور الأردن، العقيد عوزي عيلام، كيف اقترح زئيفي عليه أن يقوما بإطلاق النار على أفراد خلية فدائية فلسطينية، سلموا أنفسهم بعد مطاردة جيش الاحتلال لهم. (وهي حالة تذكر بقيام عضو الكنيست السابق إيهود يتوم، شقيق داني تولى رئيس الموساد الإسرائيلي خلال ولاية بنيامين نتنياهو الأولى بين عامي 1996-1998 بقتل فدائيين فلسطينيين قاما باختطاف حافلة إسرائيلية عام 1983، على الرغم من القبض عليهما وهما على قيد الحياة، ونسب جريمة القتل للجنرال يتسحاق مردخاي في القضية التي عرفت بقضية الباص 300).

غير أن أبشع ما كشف عنه التقرير، وإن كان مرّ مرور الكرام، هو الأوامر التي أصدرها الجنرال زئيفي، لقائد المروحية العسكرية، الصحافي داني حميتسر، مطالباً إياه بعدم إنزال جثمان أحد الفدائيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي، في اشتباك مسلّح، بل إبقائه معلقا ومربوطا بحبل في المروحية العسكرية والقيام بجولة فوق ثلاث قرى فلسطينية في الضفة الغربي، كي يشاهد أهالي هذه القرى مصير الفدائيين، بهدف دب الرعب في قلوبهم، بما يذكر بدوره بأسلوب المذابح التي كانت ترتكبها عصابات الإيتسيل والبلماح (وكان زئيفي خدم في عصابات البلماح، كما رابين وعيزر فايتسمان) والهاغناه قبل النكبة وخلال حربها، كمذبحة دير ياسين، والطنطورة وغيرها لدب الرعب في قلوب السكان وإجبارهم على الرحيل وتسهيل عمليات الطرد.

إلى ذلك، بيّن التقرير ضلوع زئيفي في علاقات مع العالم السفلي وعصابات الإجرام الإسرائيلية، وفي مقدمتها أول مافيا إسرائيلية أطلق عليها اسم "عصابة اليمنيين"، بحيث طلب من أحد رؤسائها، طوبيا أوشري، أن يعمل على إسكات صحافية إسرائيلية، هي سيلفيا كيشت، كانت قد شبّهته في أحد تقاريرها بجنرالات أميركا الجنوبية، وبالفعل قام أوشري بإرسال أحد عناصره لتفجير شقة الصحافية المذكورة.

إلى ذلك، اتّهم إيهود أولمرت، بصورة رسمية، عندما كان سياسياً شاباً، قبل وصوله لرئاسة الحكومة، الجنرال زئيفي بأنه هدده أكثر من مرة. وتبين أن هذا النهج كان ملازماً للجنرال زئيفي، بحسب شهادات عديدة تم بثها خلال البرنامج.

يشار إلى أن الحكومة والكنيست الإسرائيلي، كانا قد أقرا قانوناً رسمياً في العام 2005 لتخليد ذكرى الجنرال زئيفي، علماً بأن هذه الشبهات والمعلومات كانت رائجة في أوساط الحكم في إسرائيل، خصوصاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك كان أريئيل شارون، الذي لا يخلو سجله هو الآخر من جرائم الحرب ضد الفلسطينيين، وفي المقدمة مذابح صبرا وشاتيلا.