مقتل النظام السوري

مقتل النظام السوري

08 مارس 2016
تبقى التظاهرات هي الأكثر تعبيراً عن الثورة (Getty)
+ الخط -
اتّبع النظام في تصدّيه للثورة السورية استراتيجية قامت على حاملين: الأول هو الاستخدام المفرط للقوة ضد كل من يؤيد الثورة، والثاني هو حرف الثورة عن مسارها من خلال جرّها لردود فعل تجعلها تبتعد رويداً رويداً عن الهدف الذي قامت من أجله كثورة شعبية ضد الظلم والاستبداد.

لقد استطاع النظام أن يحول جزءاً كبيراً من العمل الثوري لردود فعل غير مدروسة على أفعال مقصودة كان يقوم بها بهدف تفريغ الثورة من مضمونها، وحرفها عن مسارها. على الصعيد الميداني، تمكن النظام من خلال المليشيات الطائفية التي استخدمها، ارتكاب مجازر على أساس طائفي، أن يجر الطرف المعارض لبعض ردات الفعل الطائفية بالإضافة إلى مساهمته في مساعدة التنظيمات السلفية الجهادية التي تقوم على الإقصاء الطائفي، على زيادة شعبيتها في مناطق المعارضة، وذلك من أجل تصوير الثورة في سورية على أنها حرب طائفية وتسويق نفسه كحامٍ للأقليات.

على الصعيد الإعلامي، استطاع النظام أن يحول جزءاً من إعلام الثورة إلى رد فعل أيضاً على كذبه الإعلامي سواء لناحية إطلاق أحكام قيمية لمواجهة أحكام القيمة التي يطلقها النظام، أو لناحية الرد على أكاذيب النظام ببعض الروايات التي تحوي مبالغات وأكاذيب حتى. إلا أن التظاهرات كانت الفعل الوحيد الذي شكل الرعب الأكبر للنظام على مدار سنوات الثورة، وكانت الفعل الوحيد الذي يدفع النظام على الدوام للقيام بردود فعل عليه؛ ففي المناطق الخاضعة لسيطرته كان رد الفعل الأولي هو القتل ومن ثم بث تقارير تلفزيونية من المناطق التي تشهد تظاهرات يحاول من خلالها أن يثبت كذباً أن الوضع طبيعي في تلك المناطق. وعندما تبلغ التظاهرات حدا لا يستطيع النظام فعل شيء حياله، كان يعمد لحشد أكبر عدد من مناصريه وبعض الموظفين الذين يتحكم بهم ويُخرجهم في مسيرات تأييد لنهجه، وذلك للإيحاء بأن هناك جمهوراً مؤيداً له ويخرج للشارع للمطالبة السلمية ببقائه. تبقى التظاهرات هي الأكثر تعبيراً عن الثورة والأكثر إحراجاً للنظام لإنها تجبره على رد الفعل الذي غالباً ما يكون غير ذي جدوى.