داود أوغلو في إيران.. خلافات لا تفسد ودّ المصالح

داود أوغلو في إيران.. خلافات لا تفسد ودّ المصالح

06 مارس 2016
اتفاقات إيرانية تركية خلال زيارة أوغلو لطهران (الأناضول)
+ الخط -
رغم الخلافات السياسية العميقة بين كل من طهران وأنقرة، حول ملفات المنطقة، سواء في سورية أو العراق أو اليمن، لم تكن زيارة رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، إلى طهران، أمس السبت، بروتوكولية، بل بدت وكأنها نقطة تحول في العلاقات بين الجانبين.

وحملت الزيارة في طياتها رؤية متكاملة لإعادة دفع العلاقات، تمثلت في تصريحات داود أوغلو المتكررة، والتي شدد خلالها على "ضرورة تغيير العقلية التي تدار بها العلاقات بين الطرفين"، مضيفا أنه "قد يكون لدينا خلافات في وجهات النظر، لكننا لا نستطيع تغيير الجغرافية والتاريخ". 

تقوم "العقلية القديمة"، التي أراد داود أوغلو تغييرها، على عنصرين رئيسين: الأول هو تجنب التصعيد المباشر واعتماد أسلوب الحرب بالوكالة، سواء في العراق أو في سورية. أما على المستوى الاقتصادي، فقد تجسدت في اعتماد العلاقات الاقتصادية بشكل أساسي على التبادل البسيط للسلع التجارية، الأمر الذي لا يبدو أنه ناجح بما يكفي لتمتين العلاقات ومنع الصدام، حيث إن حجم التبادل التجاري، ورغم الطموحات الكبيرة برفعه إلى 30 مليار دولار، لازال يعتمد بشكل أساسي على احتياجات الاقتصاد التركي من الطاقة الإيرانية، كما أنه انخفض من 22 مليار دولار عام 2012، عندما استفادت تركيا من كونها أحد طرق كسر العقوبات الدولية المفروضة على طهران، إلى 10 مليارات دولار في عام 2015.

ورغم التوتر الإقليمي، هناك الكثير من الأسباب التي تدفع البلدين إلى العمل على تغيير أو تطوير العلاقات بينهما.

اقرأ أيضا: إيران تسعى لزيادة التجارة مع تركيا لـ30 مليار دولار

فعلى المستوى الاقتصادي، لا يمكن استمرار العلاقات بطريقة التبادل البسيط للسلع التجارية، ففي ظل انخفاض أسعار النفط، وبعد انتصار البراغماتيين، بقيادة الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في الانتخابات التشريعية التي أقيمت الشهر الماضي، تبدو القيادة الإيرانية الجديدة في أمس الحاجة إلى رفع نسبة النمو الاقتصادي، لتثبيت مشروعها في مواجهة الحرس الثوري، الأمر الذي يتطلب جذب الاستثمارات الخارجية.

ويبحث قطاع الأعمال التركي، كنظيره الغربي، عن حصته في اقتصاد إيران ما بعد رفع العقوبات، وهو الذي يرى بأنه حان الوقت لتقوم طهران برد الجميل الذي قدمته لها تركيا، أثناء فرض العقوبات عليها، الأمر الذي أشار له كل من داود أوغلو وإسحاق جيهانغيري، نائب الرئيس الإيراني، خلال حضورهما للقاء الذي نظمه مجلس رجال الأعمال التركي الإيراني.

وبينما شكر جيهانغيري تركيا على مساندتها لطهران في الأيام العصيبة التي مرت بها، مرحّبا بالاستثمارات التركية، أشار أوغلو، خلال كلمته، إلى عدة نقاط رئيسية في تحول العلاقات الاقتصادية، قائلا: "فيما يخص المواصلات، تبقى تركيا بوابة إيران على أوروبا، كما أن إيران هي بوابة تركيا على آسيا. ومن الناحية التجارية فإن البلدين يتمتعان بسوق كبيرة. إن إيران منتج كبير للطاقة، وتركيا هي مستهلك كبير للطاقة، وكذلك دولة ترانزيت لعبورها"، مضيفا: "ليس علينا فقط التركيز على رفع حجم التبادل التجاري، إذ إننا نمنح أهمية كبيرة لزيادة وتعميق الاستثمارات المتبادلة".

على المستوى السياسي، يبدو أن سياسة "كسر العظم" التي اتبعها الطرفان في سورية، تحولت إلى كارثة عليهما، وبعد أن كانت تكلفة الحرب السورية على البلدين باهظة للغاية، دخلت روسيا، وتم استبعاد جميع اللاعبين الإقليميين، وأكثر من ذلك بدا تكرار السيناريو العراقي في سورية، وإنشاء إقليم كردي يعزز طموحات أكراد البلدين، كابوسا لابد من إعادة تقييمه والتعاون على منع حدوثه.

اقرأ أيضا: روحاني وداود أوغلو يؤكدان على مكافحة الإرهاب

وبحسب تقييم داود أوغلو، فقد نجح الطرفان في التوصل إلى اتفاق على خمسة بنود فيما يخص الأزمة السورية، أهمها التأكيد على عدم السماح للقوى الخارجية بتحديد مصير المنطقة، بعيدا عن اللاعبين الإقليميين.

وفي الوقت الذي تتوالى التقارير التي تؤكد الانزعاج الإيراني من محاولة موسكو تهميش دورها في حل القضية السورية، كان داود أوغلو أكثر صراحة بالحديث عن انزعاجه من أداء حليفه الأميركي، وكذلك من أداء الروس، حيث قال: "لدينا خلافات مع إيران حول الملف السوري، وتحدثنا في الأمر، ليس لتقييم الأخطاء التي قام بها كل طرف، ولكن للاتفاق على ما يجب فعله في المرحلة المقبلة"، مضيفا: "إن العنصر الأهم هو أن تظهر الدول الإقليمية إرادة كبيرة في حل مشاكل المنطقة من قبلها، وعدم السماح للقوى الخارجية بالتدخل. ففي الفترة الأخيرة بدت بعض القوى الخارجية تتفاهم وتضع الخطط حول المنطقة من وراء الأبواب المغلقة".

وتابع رئيس الوزراء التركي: "نحن حريصون على التعاون مع إيران والمملكة العربية السعودية، وعلى استمرار المشاورات فيما بيننا، لعدم السماح للقوى الخارجية بالتفرد بما يخص حل المشكلة في الجارة سورية".

وأكد البند الثاني من الاتفاق التركي الإيراني على وحدة الأراضي السورية، الأمر الذي أكده أوغلو وهو يوضح: "لازال الإعلام العالمي يتحدث عن مشروع لتقسيم سورية، ولكننا متفقون على حماية وحدة الأراضي السورية".

وشدد البند الثالث، الذي كان مفاجئا، على الحفاظ على وقف إطلاق النار في سورية، بحيث أوضح أوغلو أن الجانبين سيعملان على الضغط على الأطراف التي يستطيعون التأثير عليها لاستمرار وقف إطلاق النار، ليكون البند الرابع هو الاتفاق على أن "الإدارة السورية الجديدة يجب أن تكون ممثلة للجميع، وأن لا تقتصر على سيطرة إثنية معينة".

كما أكد داود أوغلو على أنه اتفق مع الإيرانيين على التعاون في مكافحة الإرهاب دون شروط أو قيود، سواء فيما يخص تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أو حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني)، بحيث ذكر: "لقد تحدثنا مع أصدقائنا الإيرانيين في هذا الأمر بصراحة، وستتعاون وحداتنا الأمنية ووزارتا الخارجيتين حول هذا الشأن".

اقرأ أيضا: داود أوغلو: السلام بالمنطقة سيتحقق عبر تعاون إيران وتركيا