ثقة المصريين بالشرطة و"الداخلية" منعدمة

ثقة المصريين بالشرطة و"الداخلية" منعدمة

05 مارس 2016
تنوّعت انتهاكات أمناء الشرطة ضد المصريين (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -
عمّقت جريمة قتل المواطن المصري في الدرب الأحمر على أيدي رقيب شرطة، أخيراً جراح القمع الذي تمارسه وزارة الداخلية ضد المواطنين. ودخلت العلاقة بين الطرفَين مرحلة جديدة من انعدام الثقة بعد سنوات من التردّي الذي تطوّر إلى درجة من الاحتقان بسبب الانتهاكات التي كانت ترتكبها قوات الأمن. وكانت هذه الممارسات إحدى دوافع الاحتجاجات في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وألقت التطورات الأخيرة في العلاقة بين أمناء الشرطة من جانب ووزارة الداخلية المصرية من جانب آخر، ظلالها على تعاطي عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين والمواطنين مع الأزمة الكبرى والأهم، وهي ممارسات الأمن ضد المواطنين، وارتكاب جرائم قتل، وسحل، وتحرّش، وسرقات، وتهديدات ضدهم بشكل شبه يومي. ويقول الناشط في حملة "مصريين ضد التعذيب" في الإسكندرية محمد عزت، إنّ "السلوك الانتقامي لدى عناصر الشرطة المصرية تجاه المواطنين بسبب شعورهم أنه وُجّهت لهم إهانة كبيرة خلال ثورة 25 يناير، التي أسقطت دولة الرعب التي كانوا يحتمون بها، وتحوُّل دورهم الأساسي، الذي يسترجعونه حالياً في إعادة المواطن إلى عهد الخوف من الشرطة"، على حدّ تعبيره.

ويشير الناشط ذاته إلى أنّ العلاقة متوترة دائماً بين المواطنين ووزارة الداخلية بسبب الممارسات القمعية لأفراد وضباط الشرطة بعدما تحوّل دورهم الطبيعي من حماية أمن المواطن وخدمته إلى تهديده واضطهاده. أمر بدا واضحاً في تعاملها العنيف مع تظاهرات 25 يناير، ودفاعها عن مصلحة النظام الحاكم.

بدوره، يرى الناشط الحقوقي في حملة "ضد العنف"، محمود فهمي، أنّ "سلوك وتجاوزات رجال الشرطة لم تتغير ولا تزال الانتهاكات مستمرة، ومنها إساءة معاملة المواطنين، وانتهاك حقوق الإنسان، وانتشار التعذيب داخل الأقسام وأماكن الاحتجاز بطريقة منهجية، وهو ما يعد دليلاً على أن تلك السياسات لم تتغير، وأن الثورة لم تؤت ثمارها بعد". ويضيف فهمي أنّ "وزارة الداخلية أصبحت أضعف من أن تستغني أو تصطدم بالمتورطين من ضباط وأمناء الشرطة في هذه الجرائم بعدما أصبحوا عصاها في الشارع ومصدر الهيبة والتخويف الذي تحتاجه لقمع المواطنين وإجبارهم على الخنوع للنظام الحاكم. وهذا ما جعلهم جهة صلبة عصيّة على التطويع، وهو ما يفسر استمرار هذه التجاوزات.

اقرأ أيضاً: أمناء الشرطة المصرية...همزة الوصل بين "أسياد البلد" و"أنصاف المواطنين"

ويرى الخبير الأمني، العميد محمود قطري، أنّه لا حاجة لسنّ أو تشريع أو إجراء تعديلات على القوانين للحدّ من تجاوزات أفراد الشرطة تجاه المواطنين، مشيراً إلى أن القوانين الحالية كفيلة بضبط العلاقة بين الطرفَين بشرط توفّر إرادة سياسية لتفعيلها ومنع التجاوز. ويشير إلى وجود تغييرات وصفها بـ"الشكلية" في تعامل جهاز الشرطة مع المواطنين لكنّها غير كافية لاستعادة الثقة بين الطرفين طالما لا توجد آليات واضحة لمحاسبة ورفض الانتهاكات وتغيير ثقافة العديد من العاملين في الجهاز وتطهير الوزارة من الفاسدين.

ويطالب الخبير الأمني بضرورة تفعيل تطبيق القانون على المواطنين ورجال الشرطة لتحسين العلاقة بين الطرفين إلى جانب تعديل قانون الشرطة لمحاسبة المخطئ، وإعادة المحاكمات العسكرية للأمناء على غرار الضباط للحدّ من التجاوزات.

ويختلف الباحث في الشؤون الأمنية، الدكتور محمد عوض، مع رؤية العميد قطري، مؤكداً أن الأصل في الفساد هو المنظومة. ويطالب بـ"هيكلة كاملة لوزارة الداخلية تبدأ بتشكيل لجنة قضائية من خارجها تعمل على تطهيرها من كل القيادات الفاسدة من الوزير وحتى أصغر ضابط، مع إلغاء وظيفة أمناء الشرطة وتحويلهم إلى موظفين مدنيين في الداخلية لتكون أعمالهم مدنية تحت إشراف الضباط وعدم إسناد أي مهام أمنية إليهم".

بدوره، يقول مساعد وزير الداخلية لأمن الإسكندرية، اللواء نادر جنيدي إن "العناصر الفاسدة على الرغم من قلة عددها تسيء إلى جهاز الشرطة بأكمله، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيالها والتي تصل إلى حد الإحالة إلى مجلس التأديب والفصل من الخدمة. فالخطأ المهني غير المقصود يمكن تداركه، أما الأخطاء المتعمدة أو بإهمال والأخطاء السلوكية تتم مواجهتها بإجراءات رادعة"، على حدّ تعبيره.

اقرأ أيضاً: مصر... تاريخ حافل من تبرئة انتهاكات أمناء الشرطة