جرائم حرب النظام السوري وروسيا تحت أنظار الدول

جرائم حرب النظام السوري وروسيا تحت أنظار الدول

04 مارس 2016
أمنستي: القوات السورية والروسية تهاجم عمداً المرافق الصحية(محمد كركس/الأناضول)
+ الخط -


يبدو أن التحرك الدولي يتزايد للإضاءة على جرائم النظام السوري وحلفائه ضد المدنيين في سورية، إذ لم تمضِ سوى ساعات قليلة على الشهادة التي أدلى بها القائد العام لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، الجنرال فيليب بريدلاف، واتهم فيها "روسيا ورئيس النظام السوري بشار الأسد باستخدام التهجير كسلاح ضد أوروبا، واستخدام البراميل المتفجرة كأداة عسكرية، لإخراج الناس من بيوتهم وجعلهم ينزحون"، حتى اتهم تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية "أمنستي" كلاً من النظام السوري وروسيا بتعمّد قصف المستشفيات وانتهاج ذلك استراتيجية حربية لهما في سورية. وبالتزامن مع ذلك، اتهمت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، النظام السوري وروسيا "بارتكاب جرائم وانتهاكات قواعد القانون الدولي من خلال قيادة حملات قصف متعمدة على أهداف مدنية، بما في ذلك المخابز والمستشفيات والأسواق والمدارس".

وأعلنت منظمة "أمنستي" في تقرير لها أن قوات النظام السوري وروسيا، تستهدف وبشكل متعمد ومنهجي المستشفيات وغيرها من المرافق الطبية على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، لتمهيد الطريق أمام القوات البرية للمضي قدماً في شمال حلب. وقالت "أمنستي" إن الهجمات المتعمّدة على المدنيين الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، وعلى المرافق المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى، هي انتهاك للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى مستوى جرائم الحرب. وأشار التقرير إلى أن استهداف المستشفيات والمرافق الطبية كان يتواصل حتى في الأوقات التي كانت تجري فيها اتفاقات هشة لـوقف إطلاق النار. ووصف تقرير منظمة العفو القصف بأنه انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي الذي يحمي المنشآت الطبية في أوقات الحروب.

وقالت مديرة الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية، تيرانا حسن: "القوات السورية والروسية تهاجم عمداً المرافق الصحية، في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي. ولكن الأمر الشنيع حقاً هو أنه يبدو أن إبادة تلك المستشفيات أصبحت جزءاً من استراتيجيتها العسكرية". وأضافت حسن: "تأتي أحدث سلسلة من الهجمات على المرافق الصحية كجزء من استراتيجية دمرت عشرات المرافق الطبية وقتلت المئات من الأطباء والممرضات منذ بداية النزاع".

اقرأ أيضاً: سلاح ابتزاز أوروبا بورقة اللاجئين... من صنع بوتين والأسد

وتحدث باحثو منظمة العفو الدولية إلى عاملين في المجال الطبي في بلدتي عندان وحريتان، شمال غرب حلب، وقد أكدا أن استراتيجية النظام السوري تعمد إلى تفريغ مدينة كاملة أو قرية من السكان عن طريق استهداف المستشفيات والبنية التحتية لتسهيل الغزو البري. وقال طبيب من عندان: "المستشفيات والمياه والكهرباء هي دائماً أول ما يتعرض للهجوم، وعندما يحدث ذلك يفقد الناس كل مقوّمات البقاء على قيد الحياة، ولا يكون أمامهم إلا الفرار، ولا يبقى في المكان سوى كبار السن الذين هم في حاجة ماسّة إلى العلاج الطبي". وأجمع من قابلهم فريق "أمنستي" على أنه لم تكن هناك مركبات عسكرية أو نقاط التفتيش والمقاتلين أو الخطوط الأمامية بالقرب من المستشفيات التي هوجمت، والتي تقوم حصرياً بمهام إنسانية.

وبالتزامن مع شهادة بريدلاف، وتقرير منظمة "أمنستي"، صوّتت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي بالإجماع على قرار يتهم الرئيس السوري بشار الأسد وحليفيه، روسيا وإيران، بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين السوريين. وأكدت اللجنة أن "الغالبية العظمى من المدنيين الذين لقوا حتفهم في الصراع السوري قد قُتلوا من قبل الحكومة السورية وحلفائها، وتحديداً روسيا وإيران، ووكلاء إيران الإرهابيين، بما في ذلك حزب الله". وقالت اللجنة إن "الحكومة السورية ضالعة في عمليات تعذيب واغتصاب على نطاق واسع، كما أنها استخدمت التجويع كسلاح في الحرب وذبح المدنيين، إلى جانب استخدام الأسلحة الكيميائية والذخائر العنقودية وقنابل البراميل". كما اتهم القرار روسيا "بارتكاب جرائم وانتهاكات قواعد القانون الدولي من خلال قيادة حملات قصف متعمدة على أهداف مدنية، بما في ذلك المخابز والمستشفيات والأسواق والمدارس". ودعا قرار اللجنة الرئيس الأميركي باراك أوباما لتكليف السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة بدعم إنشاء محكمة دولية لجرائم الحرب لمحاكمة أي شخص مذنب بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سورية.

يشار إلى أن اللجنة يرأسها عضو الكونغرس الجمهوري إيد رويس، الذي قال إن تشكيل محكمة دولية خاصة بشأن سورية من شأنه أن يبعث رسالة قوية إلى الشعب السوري بأنه لا يقف وحيداً في مواجهة هذا النظام. ومن المتوقع أن يحال مشروع القرار الأميركي إلى جلسة مقبلة لكامل أعضاء مجلس النواب الأميركي لإقراره قبل إحالته إلى مجلس الشيوخ. ويحتاج مشروع القرار ليتحول إلى قانون أن يتوافق عليه مجلسا الكونغرس ويصادق عليه الرئيس الأميركي.

وفي السياق نفسه، تعمل خمس دول من الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي على صياغة مشروع قرار يدعو لوقف الهجمات على المستشفيات في سورية واليمن وسائر المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة. وأفاد دبلوماسيون لوكالة "فرانس برس" بأن مصر وإسبانيا ونيوزيلندا والأوروغواي واليابان، تقوم بصياغة مشروع قرار يجدد التأكيد على أن هذه الهجمات تنتهك القانون الدولي وعلى أن مرتكبيها يجب أن يحاسبوا. وبحسب دبلوماسيين، فإن مشروع القرار قد يُطرح أمام مجلس الأمن اعتباراً من الأسبوع المقبل.

اقرأ أيضاً: النواب الأميركي يطالب بمحكمة دولية مختصة بـ"جرائم الحرب" بسورية