واشنطن تشعر بإحباط متزايد إزاء تعامل بلجيكا مع الإرهاب

واشنطن تشعر بإحباط متزايد إزاء تعامل بلجيكا مع الإرهاب

24 مارس 2016
مسؤولون بلجيكيون يعترفون بعجزهم عن تتبع كل المتشددين(فرانس برس)
+ الخط -

رفضت بروكسل، بعد هجمات باريس، استقبال مسؤول أميركي كبير في مجال مكافحة الإرهاب، وتعذر المسؤولون البلجيكيون، حينها، بانشغالهم بالتحقيقات، وأنهم ليسوا على استعداد لاستقبال مسؤولين أجانب، ما أثار إحباط واشنطن وقلقها من قدرة بلجيكا على مواجهة الإرهاب، وازدادت مخاوفهم مع هجمات بروكسل الأخيرة.

وبحسب ما ذكر مسؤولون أميركيون مطلعون، فإنه في أعقاب هجمات باريس، التي وقعت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ونفذتها خلية تابعة لـ"الدولة الإسلامية" يعيش أفرادها في بروكسل، أراد مسوؤل أميركي، كان يوجد حينها في أوروبا، أن يزور بروكسل، لمعرفة المزيد عن سير التحقيقات، لكنه عندما حاول ترتيب اجتماعات وجد صدا من نظرائه البلجيكيين.

وأضاف المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، أن الجانب البلجيكي أشار إلى أن الوقت غير مناسب للحديث مع مسؤولين أجانب، لأنهم مشغولون للغاية بالتحقيقات.

وامتنع المسؤولون في بلجيكا عن التعليق على ما حدث. وتسبب هذا الموقف في شعور الطرف الأميركي بالإحباط، للطريقة التي تتناول بها بروكسل معالجة خطر التطرف المتفاقم.

اقرأ أيضا: رئيس لجنة الاستخبارات: اعتداءات بروكسل كانت تستهدف أيضا الأميركيين

وعاد القلق من أن تكون المهمة أكبر من قدرات المسؤولين عن الأمن والاستخبارات في هذه الدولة الأوروبية الصغيرة، ومن ثغرات في التنسيق مع الحلفاء في أعقاب الهجمات التي وقعت يوم الثلاثاء، وأسفرت عن مقتل 31 شخصا على الأقل، وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" مسؤوليته عنها.

ويقول عدد من المسؤولين الأميركيين إن التعاون الأمني يعوقه عدم انتظام تبادل الاستخبارات من جانب بروكسل، وتباين شديد في استعداد وكالات مختلفة للعمل مع الدول الأجنبية حتى من الحلفاء المقربين.

وقال مصدر حكومي أميركي إنه عندما يحاول محققون أميركيون الاتصال بوكالات بلجيكية، طلبا للمعلومات، فإنهم يواجهون صعوبات في كثير من الأحيان في معرفة الوكالة المعنية أو القسم المختص.

وقد قررت بلجيكا زيادة حادة في الميزانيات الأمنية في أعقاب هجمات باريس، رغم الضغوط المتواصلة عليها للحد من مستويات الدين وفقا لقواعد منطقة اليورو. ووعدت الحكومة بتعيين 2500 شرطي اتحادي إضافي لتعويض العجز البالغ نحو الخمس في قوة الشرطة الإجمالية البالغة 12500 فرد.

كما تقول بلجيكا إنها أحبطت هجوما كبيرا في يناير/ كانون الثاني 2015، وإنها حريصة على التعاون مع الجانبين الأوروبي والأميركي.

اقرأ أيضا: الإعلام الغربي يعترف: لماذا نميّز بين ضحايا التفجيرات؟

وقال جي رابايل، رئيس لجنة الإشراف على أجهزة الأمن والمخابرات في بلجيكا، لهيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية في بلجيكا: "من الواضح أن هذه الهجمات تظهر أن زيادة التنسيق مع الولايات المتحدة مرغوبة"، مضيفا: "لكن عليك أن تتذكر أن القوى الكبرى تتوخى الحذر الشديد فيما يتعلق باستخباراتها".

ويقر المسؤولون الأميركيون بالجهود البلجيكية الأخيرة لزيادة التمويل وتعيين المزيد من رجال الأمن، لكنهم يقولون إن أجهزة الأمن البلجيكية تواجه خطرا أكبر منها في بلد كان مصدرا لأكبر عدد من المقاتلين الأجانب الذين توجهوا إلى سورية من أي دولة أوروبية، وذلك مقارنة بعدد السكان.

وقال النائب الديمقراطي آدم شيف، عضو لجنة المخابرات بمجلس النواب الأميركي، لـ"رويترز": "تفصلهم مسافة كبيرة عن الكرة، وهم يدفعون ثمنا فظيعا".

وسئل المتحدث باسم وزارة الخارجية، مارك تونر، الأربعاء، عما إذا كانت بلجيكا تتكاسل في التصدي لخطر التشدد، فرد قائلا: "لا أريد القول إن بلجيكا فوجئت أو أخذت على حين غرة".

ويقول بعض المسؤولين الأميركيين عن مكافحة الإرهاب إن "جانبا كبيرا من الفجوة التي تفصل بين واشنطن وبلجيكا، وبعض الدول الأوروبية الأخرى، ثقافي. فالتزام الأوروبيين الأكبر بالخصوصية الشخصية يحول أحيانا دون تبادل معلومات، مثل بيانات السفر، أو يؤخر تبادلها".

وبعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، غيرت الحكومة الأميركية، بشكل جذري، شكل وكالات مكافحة الإرهاب، فأسقطت الحواجز بين سلطات إنفاذ القانون والمخابرات، وأنشأت مؤسسات جديدة لتنسيق التعاون.

أما بلجيكا فشعبها مقسم بين الناطقين بالفرنسية والناطقين بالهولندية، مع تعدد مستويات الحكم.

وقد شكا القادة الأمنيون في بلجيكا مرارا من عجزهم عن متابعة ما يصل إلى نحو 900 متشدد بين مواطنيها، وهو ما يمثل أعلى معدل في أوروبا مقارنة بعدد السكان.

ولا تكشف بلجيكا عن عدد أفراد أجهزة الأمن والمخابرات العسكرية، لكن خبراء أمنيين يقولون إن موارد هذه الأجهزة تبدو أقل من مثيلاتها في أوروبا.

وقال بروس ريدل، المسؤول السابق بوكالة المخابرات المركزية الأميركية، والمستشار بالبيت الأبيض سابقا الذي يعمل الآن بمؤسسة "بروكينغز": "أضف إلى ذلك مشكلة اللغتين، ونقص الناطقين بالعربية، وضعف التنسيق بين أجهزة الحكم الوطنية والمحلية، فستجد فارقا كبيرا بين التهديد والاستجابة".

اقرأ أيضا - ما بعد بروكسل: أوروبا مصدومة بخلايا مستيقظة وأجهزة نائمة

المساهمون