التحول إلى "دول فاشلة"

التحول إلى "دول فاشلة"

02 مارس 2016
النظام يتعامل مع العراقيين كـ "مكونات" اجتماعية(علي السعدي/فرانس برس)
+ الخط -
طرح أحد الباحثين المتخصصين في الشأن العراقي، أهمية إنشاء "طائفة سنية" في العراق، ليحظى السنة باعتراف الدستور والقوانين في عراق ما بعد بول بريمر، باعتبار النظام السياسي العراقي نشأ على أساس التعامل مع العراقيين كـ "مكونات" اجتماعية لا كمواطنين أفراد، بحسب نصوصه الدستورية، بعد الاحتلال الأميركي. وبما أن الأكراد والشيعة العرب يتعاطون مع أنفسهم في العراق باعتبارهم جماعات سياسية، أي طوائف، - والعبارات للباحث أيضاً - فيجب أن يحذو العراقيون السنة حذوهم، ويتعاطوا مع أنفسهم كطائفة.

العراق حالة نموذجية في هذه الحالة، عربياً، ويجب النظر إلى التجربة العراقية طويلاً، قبل طرح أي حلول مشابهة في سورية، على غرار الخطط الأميركية – الروسية حول تقسيمها، كخيار لتسوية الأوضاع هناك. فبينما كان الوضع اللبناني مختلفاً، من ناحية أن "الدولة المركزية" في لبنان لم تُؤسس يوماً، وأن نظام المحاصصة الطائفي اللبناني، جاء ليكرس واقعاً اجتماعياً، فالأوضاع في العراق وسورية معكوسة، باعتبار التجربة السياسية للبلدين متشابهة، من ناحية نشأة دولة مركزية قوية في كلا البلدين، حكمت ما يقارب النصف قرن، ووجود هوية وطنية، عراقية وسورية، واضحة أيضاً، كُرست من خلال تجربة سياسية طويلة. وفشلت هذه التجارب، بسب الاستبداد، لا الصراعات الطائفية.

هناك مخاطر عدة من تقسيم دول على أساس طائفي، تجدها كلها في لبنان، لا تبدأ من وجود توترات أهلية دائمة، قد تقود لحروب أهلية في أي لحظة، ولا تنتهي عند وصول أشخاص، لا يتمتعون بأي كفاءة، لمناصب مهمة، بسبب انتماءاتهم الطائفية فقط. لكن الأمر الأكثر خطورة، هو التفكير بتقسيمات طائفية، في ظل صراعات إقليمية، جيوسياسية، تستخدم الطائفية كغطاء لها. في سياق كهذا، فإن أي تفكير في تقسيمات طائفية، سيجعل التعايش الأهلي داخل الدولة، مرتبطاً بالأوضاع الإقليمية، وسيعزز التدخلات الخارجية في هذه الدول، من بوابة حماية هذه الطائفة أو تلك، وفي النهاية، سيعني نهاية أي أمل في بناء دول قوية، ومستقلة، فيكون التقسيم الطائفي، في نهاية المطاف، في سورية والعراق في سياقنا، إعلاناً للتحول إلى "دول فاشلة" للأبد.

المساهمون