أميركا وأصدقاؤها المرتابون

أميركا وأصدقاؤها المرتابون

16 مارس 2016
يزور أوباما السعودية في 21 أبريل/نيسان (Getty)
+ الخط -
لا يبدو أننا أمام تصورين متناقضين، أميركي وسعودي، للمنطقة، بقدر ما نحن أما سياسات مختلفة. لم تصبح إيران صديقا لأميركا بعد الاتفاق النووي، بل جاء الاتفاق لأنها عدو، تحاول أميركا احتواءه. كما أن أميركا ليست ضد استقرار المنطقة، لكنها تخاف من التورط فيها، وتريد أن تعيد ترتيبها عن بُعد، ولو باستخدام منافسيها، كروسيا.

ما يحدث هذه الأيام، من برود في العلاقات بين الرياض وواشنطن، مرده تغير سياسات البلدين تجاه الأوضاع في الإقليم، وهو الأمر الذي أدى إلى تباينات كبيرة في العلاقة بين دولتين، الأولى قوة عالمية، شبه منفردة، والثانية، دولة مؤثرة إقليمياً، وقيادية في العالم العربي والإسلامي، أي من المستحيل تجاوزها في منطقة نفوذها. التغير الأساسي في السياستين، أن السعودية، ومنذ تولي الملك سلمان سدة الحكم في 2015، توقفت عن كونها قوة "محافظة" بالمعنى السياسي، وبدأت تستخدم قوتها العسكرية، في محاولة لترتيب الأوضاع في منطقة مضطربة. أصبحت السعودية أكثر فاعلية في الملفات العالقة من حولها.

أما الولايات المتحدة، وعلى العكس من هذا التوجه، فسعت منذ بداية ولاية الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إلى اتخاذ سياسات "محافظة" سياسياً في المنطقة، فلم تندفع خلف رغبة إسرائيل بالقيام بتدخل عسكري ضد إيران، بسبب تطوير الأخيرة برنامجها النووي، كما لم ينفذ أوباما وعوده بمواجهة بشار الأسد، إذا ما قام باستخدام السلاح الكيمياوي ضد شعبه، الأمر الذي برره أوباما بأنه سعى إلى تجنيب الأميركيين "فيتنام أخرى".

ربما كان أوباما واحداً من أكثر الرؤساء الأميركيين ذكاء، وذلك بقيادته سياسات خارجية غير اعتيادية، مع بناء مجد محلي، لكن لهذه السياسات ثمنها، وأهم الأثمان التي على الولايات المتحدة دفعها، تتعلق بإعادة صياغة تحالفاتها في المنطقة، توازياً مع تغير سياساتها؛ فباستثناء الأوروبيين، لا يبدو أن أياً من "حلفاء" أو "أصدقاء" الولايات المتحدة، راضٍ عن سياسات أوباما، خاصة في "الشرق الأوسط". لكن كون واشنطن على أعتاب انتخابات رئاسية، فالعالم ينتظر من أميركا الاستمرار بنفس سياسات أوباما، وتغيير التحالفات، أو تغيير السياسات نفسها، لتوائم "الأصدقاء التاريخيين".