انتخابات الولايات الألمانية اليوم... اليمين المتطرف بديلاً لميركل؟

انتخابات الولايات الألمانية اليوم... اليمين المتطرف بديلاً لميركل؟

13 مارس 2016
تتنافس الأحزاب الألمانية لحلّ أزمة اللاجئين (Getty)
+ الخط -

تشهد ثلاث ولايات ألمانية، اليوم الأحد، انتخابات برلمانية جرت العادة أن تتنافس فيها أحزاب عريقة و"كلاسيكية" في الخارطة السياسية الألمانية، مثل "الاشتراكي الديمقراطي"، و"المسيحي الديمقراطي"، و"الخضر"، و"اليسار". إلّا أنّ لهذه الانتخابات وقعاً خاصاً انطلاقاً من أنّها الأولى بعد تدفق الأعداد الهائلة من اللاجئين إلى البلاد، ما سيشكل اختباراً حقيقياً لسياسة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وحزبها، مع وجود حزب "البديل من أجل ألمانيا" المنافس اليميني المتطرف المعادي للهجرة، والذي استطاع شدّ عصب الشارع الألماني صوبه، وفق ما أظهرت استطلاعات للرأي.

كما تمكّن "البديل" الذي تأسس عام 2013 من مقارعة خصومه في هذه الولايات، مستغلاً حال التذمر التي وصل إليها المجتمع الألماني على خلفية ملف اللجوء. وتسلّح هذا الحزب بمعارضته للإدارة المتّبعة في حلّ الأزمة، عارضاً ما يسميها الثغرات والإخفاقات ليزيد من شعبيته وشعبويته.

وتترقب ولايات راينلند بفالتس (وسط غرب ألمانيا)، وبادن فورتمبيرغ (جنوب غرب)، وسكسونيا انهالت (وسط شرق)، النتائج وسط أجواء يسودها الكثير من الحذر، في وقت يعتبر فيه محللون سياسيون أن هذه الانتخابات قد تشكل منعطفاً للانتخابات البرلمانية العامة المقررة في خريف العام 2017.

وشكلت المواضيع المتصلة بأزمة اللاجئين العناوين العريضة للحملات الانتخابية للمرشحين عن الأحزاب التقليدية. وراح كل منهم يعبّر على طريقته عن مقاربة حزبه لسياسة اللجوء، مستفيداً من بعض التأثيرات الإقليمية والدولية التي ترافق الأزمة، في ظل المشاورات بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن، والجهود التي تبذلها برلين لإنجاز توافق لتسريع الحلّ المنشود للحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا عامة، وألمانيا خصوصاً.

ونتج عن أزمة اللاجئين حالة من الإرباك في ألمانيا التي دخلها العام الماضي أكثر من مليون لاجئ. كما أدّى هذا التدفق إلى انقسام وخلافات بين الائتلاف الحكومي، بدءاً من طريقة التعامل مع اللاجئين وأعدادهم الكبيرة، وفكرة إنشاء "المناطق الساخنة" على الحدود، وسرعة العمل على دمجهم في المجتمع، وصولاً إلى تعديل القوانين التي نتج عنها حزمتَان لغاية الآن. وأفضت هذه النتيجة إلى التضييق على طالبي اللجوء، وإجراءات لمّ الشمل، وإعادة تصنيف الدول الآمنة.

في ظل هذا الواقع، تسعى الأحزاب الحاكمة إلى تقديم برامج انتخابية تتمثّل بالعمل على تطوير نظام التعليم، وحماية البيئة، وتحسين البنية التحتية، وتنويع الاقتصاد لرفع مستوى الرخاء لدى المواطن المقيم من خلال تأمين استقرار اقتصادي اجتماعي. كما تتنافس بعض الأحزاب على البرامج المعدّة للتعامل الإيجابي مع اللاجئين من خلال الخدمات الاجتماعية، ودروس اللغة، وتأمين السكن بالتعاون مع المجالس المحلية، وغيرها من الحاجات الضرورية، مع تأكيدهم على مبدأ التضامن.

اقرأ أيضاً: قمة بروكسل: تحالف يقلق ميركل.. والمفتاح بيد تركيا

في المقابل، يسعى حزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي رسّخ الخطاب اليميني المتشدد، لجذب أكبر عدد من الناخبين بعدما حقق، الأسبوع الماضي، في الانتخابات البلدية بولاية هيسن (غرب)، فوزاً متوقعاً وحلّ ثالثاً. وحصد الحزب نسبة 13.2 في المائة من أصوات الناخبين بعد حزبَي "المسيحي الديمقراطي" بنسبة 28.2 في المائة، و"الاشتراكي الديمقراطي" 28 في المائة من بقية الأصوات، فيما لم يحصل "الخضر" سوى على 11.6 في المائة.

وكانت زعيمة "البديل من أجل ألمانيا"، فراوكه بيتري طالبت، أخيراً، في تصريحات صحافية، بـ"استخدام السلاح، وإطلاق النار ضد اللاجئين على الحدود في حال الضرورة". الأمر الذي لاقى انتقادات حادة من قبل المسؤولين الألمان، لاسيما أنها هي نفسها كانت قد وصفت الائتلاف الحاكم بـ"المشلول". كما طالبت بيتري، في مؤتمر الحزب الذي انعقد الشهر الماضي، بـ"إجراء انتخابات برلمانية مبكرة لحسم الكثير من القضايا في البلاد"، في إشارة إلى أنّ الحزب يطمح للمشاركة في الحكومة مستقبلاً. علماً أن "البديل" لم يبرهن عن طروحات سياسية جديّة، وبرنامجه الوحيد يكمن في التهجم على الحكومة، ونشر الأحكام المسبقة، ومناهضة الإسلام واللاجئين، وأوروبا.

ويعمد الحزب اليميني الذي ينافس بأفكاره النازيين الجدد وحركة "بيغيدا" (اليمينية المناهضة للإسلام والمهاجرين)، في حملته إلى تسليط الضوء على ما يعتبره تقصيراً أو مخالفات للائتلاف الحزبي الحاكم، ومنها؛ فقدان الدولة لقدراتها على مراقبة المهاجرين، وترحيله لعدد قليل فقط من اللاجئين الذين يعتبر الحزب أنّ "ما لا يتجاوز نسبة الـ10 في المائة منهم يمكن إدماجهم في المجتمع الألماني. وبالتالي وجودهم سيزيد من نسبة البطالة والاستفادة من المعونة الاجتماعية وتكبيد خزينة الدولة المزيد من الأعباء"، بحسب وجهة نظر الحزب.

من جهتها، تحاول الأحزاب العريقة التأكيد في حملاتها أنّه "لا مكان للجميع في ألمانيا، ومن لا يستحق البقاء سيرحل". ويتم التركيز على تصريحات رؤساء الاتحادات العمالية والصناعية للتأكيد على أن ألمانيا البلد الصناعي، وصاحب أقوى اقتصاد في أوروبا بحاجة ليد عاملة ومؤهلة. وهذا ما تسعى السلطات الرسمية لتحقيقه عبر إدماج اللاجئين والاستفادة منهم في مجال العمل.

وتبقى الخشية من تحقيق حزب "البديل من أجل ألمانيا" خرقاً خارج التوقعات يسمح له بإزاحة شخصيات وازنة، وهو ما جعل مرشحة الحزب "المسيحي الديمقراطي"، نائبة رئيسته، يوليا كلوكنر، تتمايز جزئياً عن موقف رئيسة الحزب، المستشارة أنجيلا ميركل، عبر السعي لاستقطاب أصوات المحافظين، الذين عمل "البديل" على دغدغة مشاعرهم أملاً بحصد أصواتهم. وهاجمت ميركل، أخيراً، "البديل" متهمة إياه بـ"إثارة التعصب داخل المجتمع الألماني بعيداً عن طرح أي حلول ملائمة للمشاكل القائمة".

وإذا صدقت آخر استطلاعات الرأي التي أظهرت فوز حزب "البديل" اليميني في ولاية سكسونيا أنهالت، بنسبة تصل إلى 19 في المائة من الأصوات، وتفوقه على الحزب "الاشتراكي" الذي سيحصل على 15 في المائة، كما حصول "البديل" على 11 في المائة في بادن فورتمبيرغ، فإن هذا من شأنه أن يزيد من الضغوط على الائتلاف الحاكم وأجندته المتبعة تجاه اللاجئين. ومن الممكن أن يعرقل مشاريع القوانين في مجلس الولايات.

وللانتخابات البرلمانية للولايات وقع على السياسة الاتحادية في البلاد. وينتخب المواطنون المقيمون في الولاية ممثليهم في البرلمان الذين بدورهم ينتخبون رئيس حكومة الولاية الذي بدوره يعيّن الوزراء. ويصبح حكماً أحد أعضاء مجلس الولايات (بوندسرات) المؤلف من 16 عضواً يمثلون بدورهم الولايات الستة عشر في البلاد. ويتمتع رئيس الحكومة بصلاحيات توازي تلك الخاصة بأعضاء البرلمان (البوندستاغ)، وبالتالي بإمكانه رفض القوانين المقدّمة من الحكومة الاتحادية.

اقرأ أيضاً: تقدم للحزب الشعبوي "البديل لألمانيا" في انتخابات محلية