بصمات "الموساد" في اغتيالٍ عمر النايف بأراضٍ حليفة لإسرائيل

بصمات "الموساد" في اغتيالٍ عمر النايف بأراضٍ حليفة لإسرائيل

27 فبراير 2016
أصابع الاتهام وُجهت للموساد بالوقوف وراء العملية (العربي الجديد)
+ الخط -


لم يكن لجوء الأسير الفلسطيني السابق، عمر النايف، القيادي السابق في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، إلى سفارة بلاده في بلغاريا، كافياً لحمايته من الملاحقة الإسرائيلية، فسقط شهيداً أمس الجمعة داخل حرم السفارة، في الدولة الأوروبية الشرقية التي ترتبط بعلاقات استراتيجية مع الاحتلال. وبعد ساعات من اغتيال النايف، ظهرت بعض التفاصيل التي توحي بأيادٍ واضحة لجهاز "الموساد"، فضلاً عن علامات استفهام بالجملة حيال غياب الحماية الأمنية عن السفارة وعن الأسير الملاحق منذ فترة طويلة من استخبارات دولة الاحتلال، بالإضافة إلى توجيه اتهامات لسفارة السلطة الفلسطينية بتحمل مسؤولية في جريمة الاغتيال.

وأعلن السفير الفلسطيني في صوفيا أحمد المذبوح، خلال مؤتمر صحافي، أنه تم العثور صباح أمس على النايف ممدداً على الأرض في الحديقة الخلفية للسفارة. وكان عمر قد لجأ إلى السفارة الفلسطينية بعد مطالبة إسرائيل بإبعاده لقضاء ما تبقّى من الحكم المؤبّد الذي صدر بحقه في ثمانينيات القرن الماضي. واعتبر المذبوح، والذي يتهم من عائلة النايف بأنه كان يضايقه باستمرار بدفعه إلى مغادرة مقر السفارة، أن النايف هو "شهيد وبطل قومي، قدّم واجبه لقضيته وشعبه"، لافتاً إلى أن "إسرائيل لم تتوقّف عن ملاحقته في بلغاريا أيضاً حيث عاش لسنوات طويلة"، مشيراً إلى أن الاحتلال "سيواصل ملاحقة كافة المناضلين الفلسطينيين الذين يقومون بواجبهم الوطني تجاه قضيتهم وشعبهم كما فعل مع النايف".

كما أفادت السفارة الفلسطينية في بيان أرسلته لوسائل الإعلام البلغارية بأنّ طاقم السفارة عثر في الحديقة الخلفية للسفارة على النايف وكان على قيد الحياة، وعلى الرغم من طلب الإسعاف بصورة عاجلة إلا أنّ طاقم الإسعاف قد تأخر لما يزيد على الساعة، وحين حضر إلى مقرّ السفارة كان النايف قد فارق الحياة.

اقرأ أيضاً: مسيرة فلسطينية للتنديد باغتيال الأسير عمر النايف

وقرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس تشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات مقتل النايف وطالبها بالتوجه فوراً إلى بلغاريا، لكشف ملابسات ما حدث. ودانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عملية اغتيال النايف، متهمة الموساد الإسرائيلي بالوقوف وراء هذه العملية، مؤكدة أنها "مصممة على ملاحقة كل من تواطأ ووقف وراء هذه العملية".

وترتبط بلغاريا مع إسرائيل بمعاهدات واتفاقيات أمنية لتبادل المعلومات، الأمر الذي أكّد عليه رئيس الوزراء البلغاري، بويكو بوريسوف، في زيارته تل أبيب، يومي 24 و25 فبراير/شباط الحالي. وأكّد الطرفان على تطوير سبل التعاون الأمني والتنسيق المشترك لمكافحة الإرهاب على كل الأصعدة. وتعليقاً على قضية اغتيال النايف، قال بوريسوف أمس، إن "بلغاريا دولة قانون ولا يمكن اتخاذ أيّ قرارات خارج الأطر الرسمية". ولفت إلى أن الادعاء البلغاري كان قد أصدر مذكرة لتقديم النايف للمحاكم البلغارية للنظر بشأن تسفيره إلى إسرائيل.

وتوطّدت العلاقة بين تل أبيب وصوفيا بعد العملية التي شهدها مطار "سرافوفو" في بورغاس قبل سنوات واتُهم حزب الله بتنفيذها. تبع ذلك توقيع اتفاقيات أمنية ورفع مستوى التعاون الاقتصادي والثقافي والسياسي. ويوجد تنسيق سياسي على الصعيد الدولي بين إسرائيل وبلغاريا بهدف اتخاذ مواقف مماثلة في الأمم المتحدة والمحافل الدولية، وتشير البيانات إلى أنّ حجم الاستثمارات الإسرائيلية في بلغاريا كبير للغاية وتبلغ المباشرة منها قرابة 280 مليون يورو حتى عام 2012 وتشمل العديد من المجالات الحيوية. وأمام هذا الواقع، من غير المتوقع أن يؤدّي اغتيال النايف إلى توتير العلاقات بين إسرائيل وبلغاريا.

أما ردود الفعل الشعبية الفلسطينية في بلغاريا فبدت متضاربة، فبعضهم اتّهم السفارة الفلسطينية بالتقصير، بل وذهب لأبعد من ذلك باتهام السفارة بالخيانة والتورّط في عملية الاغتيال، وآخرون وجّهوا أصابع الاتهام لجهاز "الموساد". وأياً كانت الجهة التي قامت بعملية الاغتيال، فقد كانت الأجواء مهيّأة لتنفيذها وسط انعدام الحدّ الأمني الأدنى المطلوب لحماية مقرّ السفارة، إذ لا تحظى السفارة بحماية خاصّة عند مدخلها، ولا توجد أجهزة إنذار وما شابه، ويمكن دخولها أو اقتحامها بسهولة.

اقرأ أيضاً: اغتيال النايف بالسفارة الفلسطينية في بلغاريا.. والموساد المتهم الأول