"لائحة الأمل": استراتيجية إصلاحيي إيران في السباق الانتخابي

"لائحة الأمل": استراتيجية إصلاحيي إيران في السباق الانتخابي

24 فبراير 2016
يومان يفصلان عن الانتخابات الإيرانية (بهروز مهري/فرانس برس)
+ الخط -

كلما اقتربت الانتخابات الإيرانية من يوم الصمت (وقف الحملات الانتخابية)، ازدادت حماسة المرشحين الإيرانيين الذين يتنافسون يوم الجمعة المقبلة في الانتخابات التشريعية بدورتها العاشرة، وفي انتخابات أعضاء مجلس خبراء القيادة، وهو المؤسسة التي تشرف على عمل المرشد الأعلى ولها الحق في عزله وتعيين خلف له.

اقرأ أيضاً3 أيام للانتخابات التشريعية الإيرانية... لوائح مركّبة وشعارات اقتصادية

ومع اشتداد التنافس بين المرشحين المنتمين للتيارات السياسية المختلفة، قرر التياران الرئيسيان في البلاد، وهما المحافظ والإصلاحي، تقديم لائحة واحدة تمثل كلا منهما على حدة، لخوض السباق التشريعي.

وفي الوقت الذي استطاع فيه التيار المحافظ أن يلم شمل جميع المنتمين لجبهاته المتعددة، في قائمة واحدة أطلق عليها اسم لائحة "ائتلاف المحافظين"، أو "الجبهة المتحدة للمحافظين"، قرر الإصلاحيون القيام بالخطوة نفسها، لكن مع إضافة أسماء معتدلة لقائمتهم. وهذا بسبب قلة عدد مرشحيهم الذين نالوا الأهلية من قبل لجنة صيانة الدستور، فسُميت القائمة بداية باسم "ائتلاف الإصلاحيين"، ثم أطلق عليها البعض اسم "قائمة الأمل". وهي نفس قائمة "رفاق الاعتدال"، التي قدمها التيار بالتوافق مع تيار المعتدلين على شكل لائحتين منفصلتين؛ إحداهما لانتخابات الخبراء والثانية لانتخابات البرلمان.

في المقابل، قدّم المعتدلون قوائم عديدة للانتخابات التشريعية تكررت ذات أسماء الإصلاحيين فيها، وهو ما قد يزيد حظوظ الطرفين معاً، ومنها "جبهة التدبر والتنمية"، "ائتلاف حزب الاعتدال والتنمية"، وحتى جبهة "صوت الشعب"، التي قال عنها رئيسها علي مطهري إنها منفصلة عن المحافظين والإصلاحيين، لكنها ضمت تقريباً نفس الأسماء المكررة في القوائم المشتركة.

ومن أبرز أسماء "رفاق الاعتدال" المرشحين لانتخابات الخبراء، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام أكبر هاشمي رفسنجاني، والرئيس الحالي حسن روحاني، فضلاً عن وزير الاستخبارات الحالي محمود علوي. وخلال الأيام الأخيرة، تعرضت هذه القائمة لانتقادات واسعة، رغم حظوظها الكبيرة في الحصول على أصوات المقترعين خلال انتخابات الخبراء. والسبب هو تقارير بثتها قناة "بي بي سي" البريطانية الناطقة بالفارسية، حضت فيها المواطنين الإيرانيين على عدم التصويت لبعض الأسماء، المحسوبة على المحافظين المتشددين، فيما شجعت الاقتراع لصالح مرشحين آخرين منهم رفسنجاني.

وهو ما اعتبرته مواقع إيرانية عديدة تدخلاً سافراً بالشأن الإيراني، فدعت إلى عدم الاستماع لهذه المطالب التي تحرض على الفتنة، بحسب وصفها، وهو ما زاد من انتقادات بعض المتشددين لهذه اللائحة، ومنهم من طالب رفسنجاني باتخاذ موقف من بريطانيا التي تشجعه حالياً، وهي عدو تاريخي لإيران، كما قالوا.

بموازاة ذلك، قال المسؤول عن الدعاية الانتخابية للإصلاحيين علي صوفي، إن القائمة التي قدمها التيار الإصلاحي للمشاركة في انتخابات البرلمان ستسمى "لائحة الأمل"، اعتباراً من يوم الإثنين، حتى يوم الخميس، وهو اليوم المحدد لإنهاء الدعايات الانتخابية، مضيفاً أن القائمة نفسها سميت بأسماء متعددة منها "قائمة الخطوة الثانية" في إشارة إلى عودة الإصلاحيين للمرة الثانية للمشهد السياسي الإيراني.

ومنذ احتجاجات عام 2009، التي أعقبت الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس المحافظ السابق محمود أحمدي نجاد على منافسه الإصلاحي ميرحسين موسوي، تفرقت رموز الإصلاح، وغاب المنتمون إليه عن الساحة السياسية. لكنهم عادوا لأول مرة إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل أكثر من عامين، بتقديم مرشح إصلاحي وهو محمد رضا عارف، الذي انسحب لصالح الرئيس حسن روحاني، في خطوة هدفت لعودة تدريجية للإصلاحيين. وها هم الآن يقومون بخطوتهم الثانية، إذ تقدموا بلائحة مختلطة باسماء معتدلة، مقابل وضع أسمائهم في لوائح الاعتدال، وهو ما قد يعطيهم فرصة كبيرة لدخول البرلمان الجديد.

ورأى صوفي بحسب المواقع الإيرانية، أن تأخر الإصلاحيين في طرح أسماء لوائحهم يعود لانتظار التيار للنتائج النهائية التي أعلنت عنها صيانة الدستور أخيراً، وهذا بعد دراستها لطعون بعض المرشحين مرّتين.

ويتموضع اسم المرشح الرئاسي الإصلاحي السابق محمد رضا عارف على رأس هذه اللائحة، ويتواجد فيها كل من الإصلاحي الياس حضرتي، ومصطفى كواكبيان، فضلاً عن آخرين باتوا محسوبين أكثر على المعتدلين مثل النائبين الحاليين علي مطهري وكاظم جلالي.

لكن اللافت في هذه القائمة، هو خروج الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي ودعمه لقائمة الأمل بشكل صريح وعلني، فردد اسمها مراراً في رسالة مسجلة نشرت عبر مواقع التواصل وعبر المواقع الإلكترونية المحسوبة على الطيف الإصلاحي؛ وبحسب قرار قضائي، فقد مُنع تصوير خاتمي، أو إصدار أي تصريحات رسمية على لسانه. لكن أخيراً، استُعرضت كلمة له حين كان نائباً في البرلمان الإيراني، كجزء من برنامج خاص عن مجلس الشورى الإسلامي بثته قناة "خبر" الإيرانية، وقُرئ الأمر حينها على أنه إنهاء للقرار القضائي بحق خاتمي.

 وجاء في رسالة خاتمي الأخيرة أن على الجميع دعم "لائحة الأمل"، داعياً المواطنين الإيرانيين للمشاركة بكثافة في عملية الاقتراع الانتخابي يوم الجمعة، مضيفاً أنه رغم كل ما يحصل، إلا أن الوجوه القادرة على تلبية رغبات الشعب الإيراني ماتزال حاضرة. ورأى أن هذه المشاركة تقف بوجه ما وصفه بالمؤامرات التي يخطط لها أعداء إيران، كما تساعد الرئيس روحاني وحكومته على تحقيق وعودهما، ومنها ما يتعلق بنتائج الاتفاق النووي، التي تستطيع تحسين معيشة الإيرانيين.

وأشاد خاتمي باتحاد الإصلاحيين والمعتدلين خلال انتخابات الرئاسة الأخيرة، وخلال سباق الاستحقاقين الانتخابيين الراهنين، مقترحاً على كل المتنافسين أن يتوحدوا تحت راية "لائحة الأمل" وحدها.

ورأى المتخصص في الشؤون السياسية الإيرانية عماد آبشناس في حديث لـ"العربي الجديد"، أن القائمة التي قدمها الإصلاحيون لا تمثل في الحقيقة، التيار الإصلاحي التقليدي، ولكنها تتشكل من معتدلين من التيارين المحافظ والإصلاحي، لذا فهي في حقيقتها قائمة معتدلة، وليست إصلاحية تقليدية، بحسب رأيه.

ورغم اتباع هذه الاستراتيجية التي لا غنى عنها في ظل الوضع الراهن لأبناء هذا التيار، اعتبر آبشناس أن المشكلة والتحدي الحقيقي، يكمنان في إقناع وجر المقترعين من مؤيدي الإصلاحيين وحتى المعتدلين لصناديق الاقتراع، وهذا هو سبب تكثيف التصريحات الداعية لمشاركة المواطنين، وصدورها عن أبرز الشخصيات الإيرانية.   

في المقابل، لا يعاني التيار المحافظ من هذه المشكلة، فجمهوره حاضر دائماً في الانتخابات ولا يساوم إطلاقاً على شعاراته. وهو جمهور لا يقبل حتى التفكير بالتصويت لتيارات أخرى. وبحسب آبشناس، فإنه بحال ضمان مشاركة مقترعين كثر، فسترتفع حظوظ المعتدلين والإصلاحيين كثيراً، وبغير هذه الحالة سيبقى الأمر كما هو عليه، أي سيبقى البرلمان على شكله القائم، محافظا بامتياز.

اقرأ أيضاً: إيران: قبول طعن 38 مرشحاً جديداً للانتخابات التشريعية