قمّة إقليمية لإنقاذ ليبيا من الحرب...ومفاوضات قبلية مع القذاذفة

قمّة إقليمية لإنقاذ ليبيا من الحرب...ومفاوضات قبلية مع القذاذفة

19 فبراير 2016
السبسي اتصل بالسيسي ودعاه لحضور قمة الجزائر(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد الساحة الليبية مساعيَ متسارعة في مسارٍ موازٍ، لا بل معاكس للاتجاه الدولي العام الذي لا يزال يدور في فلك الضغط لتشكيل حكومة سريعاً، تنال اعتراف المجتمع الدولي وتكون بوابة لتدخل عسكري محتمل في ليبيا تحت عنوان محاربة تنظيم "داعش"، في انتظار تمكّن رئيس الحكومة المعيّن، فائز السراج، من نيل ثقة برلمان طبرق. المساعي الموازية والبديلة تنقسم إلى ثلاثة محاور: الأول تتزعمه تونس التي تعمل، مع بقية دول الجوار، على عقد قمة على مستوى رؤساء الدول، في الجزائر، تحت عنوان الحفاظ على وحدة ليبيا، والثاني عنوانه قبلي سياسي تدور فصوله بين قبيلة القذافي وقبائل محسوبة جغرافياً وسياسياً على المؤتمر الوطني العام وقوات "فجر ليبيا"، بعنوان مصالحة قبلية تمهّد لمصالحة سياسية وطنية، والثالث تدور مجرياته في العاصمة القطرية الدوحة، بين طرفي الانقسام داخل ما يسمى "معسكر طرابلس"، تحديداً بين الطرفين المؤيد والرافض للمشاركة في العملية السياسية التي يضغط الغرب، ممثلاً بمؤتمرات روما، في سبيل تكليلها بحكومة وحدة وطنية.

وعلمت "العربي الجديد" أن لقاءً على مستوى الزعماء قد تحتضنه الجزائر، بشأن الملف الليبي قريباً، وقد يجمع عدداً من زعماء دول جوار ليبيا. وفي هذا السياق، تكشف مصادر عليمة بأن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي اتصل بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لإقناعه بضرورة حضور القمة الجاري العمل على تحضيرها، تحت عنوان "العمل على دعم الوحدة الليبية ومواجهة محاولات تقسيمها". وبحسب مصادر "العربي الجديد"، ستحتضن الجزائر هذا الاجتماع إذا ما تم على مستوى الزعماء، وإلا فسيتحول إلى تونس على مستوى وزراء الخارجية.
في غضون ذلك، علمت "العربي الجديد" أن مفاوضات تجري حالياً في ليبيا، بعيداً عن الأضواء، ذات طابع قبلي سياسي، بين القبائل المناصرة للعقيد الراحل معمر القذافي من جهة، وقبائل أخرى جزء منها محسوب على قوات "فجر ليبيا" والمؤتمر الوطني العام من جهة ثانية، تحت عنوان إبرام مصالحة قبلية عامة تمهّد لمصالحة سياسية وطنية. وبحسب المعلومات، فإن سيّد قذاف الدم، شقيق أحمد قذاف الدم، يمثل القذاذفة في هذه المفاوضات التي تتمحور حول كيفية التوصل إلى مصالحة واقعية تراعي خصوصية النظام القبلي في ليبيا الذي يعتبر "المصالحة على الدم" شرطاً أساسياً لتصفية أي خلاف. وتطالب القبائل المناصرة للقذافي بتسليم جثته وجثة ابنه المعتصم، يعلن بعدها الابن محمد، عن مسامحته في دم والده "من أجل ليبيا"، وتنطلق بعدها مفاوضات المصالحة العامة، وإسقاط "حقوق الدم" من كافة الأطراف. ولا تبدو هذه المساعي بعيدة عن الموقف الذي تعبّر عنه أوساط غربية وعربية بشكل دوري، حيال ضرورة أن تشمل المصالحة الليبية العامة أنصار القذافي، وهو ما تُرجم أخيراً بأن تم تعيين 3 وزراء محسوبين على القذافي في التشكيلة الوزارية لفائز السراج، والتي تنتظر نيل ثقة برلمان طبرق، على الأقل لضمان عدم معارضة معسكر القذافي لـ"العملية السياسية" المتعثرة في هذا البلد.

اقرأ أيضاً: تونس تتوحد رفضاً للتدخل العسكري بليبيا: استعدادات لوجستية وسياسية

أما في الدوحة، فقد كشف رئيس حزب العدالة والبناء الليبي، محمد صوان، عن انتهاء جولة الحوار التي رعتها قطر، أمس الخميس، بين الطرفين السياسيين في العاصمة طرابلس، أي الوفد المؤيد لعملية الحوار السياسي الليبي، ووفد الرافضين للمشاركة في ذلك المسار المدعوم غربياً. لكن المؤشرات الأولية تفيد بعدم التوصل إلى اتفاق نهائي بين الطرفين، لكن صوان أعرب عن ثقته بـ"قدرة الدوحة على تحقيق اختراق يضيّق شقة الخلاف بين الطرفين، في الجولات المقبلة من الحوار".

وقال صوان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، قبل مغادرته الدوحة أمس، إن الجانب القطري، الذي أدار حواراً منفصلاً بين الطرفين، على مدى أيام، نقل وجهة نظر المؤيدين لمخرجات الحوار السياسي واتفاق الصخيرات والمشاركة في حكومة السراج، إلى الجانب الآخر. وبحسب صوان، نقل المفاوض القطري أيضاً "مخاوف الطرف الآخر من الاتفاق والمتمثلة بعدم وجود ضمانات تسمح بتحقيق التقاسم الحقيقي للسلطة التشريعية، بين المؤتمر العام في طرابلس ومجلس النواب المنحل في طبرق، وإبعاد الشخصيات الجدلية، مثل خليفة حفتر، عن دائرة صنع القرار، والمسؤوليات السياسية في ليبيا". ويكشف صوان أن الدوحة تؤدي هذا الدور "بطلب من الأمم المتحدة"، مشيراً إلى أن الطرف الرافض للمشاركة في "مسار الصخيرات" ردّ "بطرح مشروع جديد للحوار الليبي، وهو ما نرى أن المجتمع الدولي، الذي يدعم اتفاق الصخيرات بقوة، لن يقبل به". ويلفت صوان إلى أن الطرفين اتفقا على جولة جديدة من الحوار بوساطة قطرية، لم يجر تحديد موعد لها". وضمت الجولة الأولى من حوار الدوحة، من الطرف المؤيد لاتفاق الصخيرات، كلاً من النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني العام ورئيس وفد الحوار الممثل له صالح المخزوم، وعضو المؤتمر الوطني، عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني محمد العماري، إضافة لعضو المؤتمر الوطني نزار كعوان، ورئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان. في المقابل، ضم الطرف الآخر المحسوب على الرئيس السابق للمؤتمر الوطني العام نوري أبو سهمين، كلاً من النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العام عوض عبد الصادق، وعضو ورئيس ديوان المؤتمر عبد الفتاح اللبيب، بالإضافة إلى عضو المؤتمر الوطني عبد الوهاب قايد، وعضو المؤتمر الوطني عن مدينة إجدابيا عبد السلام الأجهر.
وحول توقعاته لأجندة اللقاءات المقبلة، قال صوان إن "الدوحة أكدت تصميمها على استمرار مساعيها للتوصل إلى اتفاق بين طرفي طرابلس، يمهّد للمرحلة المقبلة، بجمع المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب المنحل على طاولة حوار، ما يعزز المسعى الدولي لتطبيق اتفاق الصخيرات، الذي نرى فيه مخرجاً للأزمة الليبية"، على حد تعبيره.

اقرأ أيضاً: السيسي يستعجل إنهاء صراعات الأجهزة المصرية حول ليبيا وسيناء