تحرُّك أطباء مصر: أبعد من أزمة المطرية

تحرُّك أطباء مصر: أبعد من أزمة المطرية

13 فبراير 2016
التحرك لقي دعم أحزاب ونقابات ونواب (العربي الجديد)
+ الخط -

للمرة الثانية في غضون أشهر، شهد قلب العاصمة المصرية القاهرة، الجمعة الماضية، تجمعاً حاشداً، لكن هذه المرة للجمعية العمومية لنقابة الأطباء المصرية، ما شكّل عملية كسر لحاجز الخوف الذي حاول النظام الحالي بثه.

اقرأ أيضاً: #ادعم_نقابة_الأطباء: "انتصار صغير" في طريق "الثورة مستمرة"

ودعا مجلس نقابة الأطباء إلى عقد جمعية عمومية غير عادية، لبحث سبل التصعيد تجاه أزمة اعتداء أفراد من الشرطة على أطباء بمستشفى المطرية التعليمي.

ولقيت الدعوة استجابة واسعة، بحيث تواجد أكثر من 10 آلاف شخص داخل مقرّ النقابة، سواء من الأطباء أو الداعمين لموقفهم الرافض لعدم محاكمة ومحاسبة أفراد الشرطة المتسببين بـ"واقعة المطرية". فيما أعلنت أحزاب وحركات ونقابات مستقلة وشخصيات عامة تضامنها مع مطالب الأطباء بشكل كامل، كذلك فعل عدد من أعضاء مجلس النواب.

حراك الأطباء، وإن كان فئوياً خاصاً بواقعة محددة، إلا أنّ قرارات الجمعية العمومية، تطرّقت إلى ما هو أبعد من أزمة أطباء المطرية، إذ أبدت رفضها لمشروع قانون التأمين الصحي، ورفض خصخصة مستشفيات القطاع العام.

وبحسب مراقبين، فإن أبرز ملمح في عمومية الأطباء، هو التضامن الواسع من قبل الأحزاب والجماعات السياسية والشخصيات العامة، في إطار التكتلات التي تظهر لمواجهة التضييق على الحريات بشكل عام.   

وكان موظفو الضرائب قد احتشدوا أمام نقابة الصحافيين، في أغسطس/آب من العام الماضي، للاحتجاج على قانون الخدمة المدنية، ولم تتعرض لهم قوات الأمن، ونجحوا بهذا الضغط في إسقاط مشروع القانون في مجلس النواب.

ولم تتدخل قوات الأمن في فض تجمع جموع الأطباء، والذين أغلقوا شارع القصر العيني تماماً، بسبب زيادة عددهم وعدم احتمال قاعات النقابة لهذا العدد الكبير، بناء على توجيهات عليا صدرت إلى وزارة الداخلية.

وقالت مصادر أمنية إن التوجيهات في وزارة الداخلية واضحة وصريحة في ما يخص التعامل مع التظاهرات والفعاليات التي تنظمها فئة أو قطاع كبير من الدولة، وتتضمن عدم استخدام العنف.

وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أنه محظور على الأمن استخدام العنف في فض أي تظاهرات أو فعاليات أثناء انعقادها.

وتابعت أنّ أي فعالية يمكن إلغاؤها وعدم إتمامها، ولكن طالما حدث تجمع للمشاركين في تلك التظاهرات، لا يمكن التدخل لفضها، إلا إذا وقعت أعمال شغب كثيرة.

وأكدت أن التظاهرات السياسية فقط هي التي يتم التعامل معها بقوة لفضها، خوفاً من تصاعد مثل تلك الفعاليات التي تؤثر سلباً على النظام الحالي.

ولفتت إلى أن وزارة الداخلية تدرك جيداً أن الدخول في صدام مع الأطباء خلال جمعيتهم العمومية، سيؤدي لتفاقم الأزمة بشكل كبير، وبالمثل كان الوضع بالنسبة للتظاهرة أمام نقابة الصحافيين قبل أشهر لرفض قانون الخدمة المدنية.

وفي السياق، قال الخبير السياسي، محمد عز، إن أي حراك في الشارع، وإن كان فئوياً، فهو خطوة في سبيل إسقاط الخوف في نفوس الشباب والشعب المصري، وهو ما بثه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظامه منذ توليه الحكم.

وأضاف عز لـ"العربي الجديد"، أن حراك الأطباء وقبلها التظاهرات الفئوية لرفض الخدمة المدنية، يمكن البناء عليهما في سبيل الوقوف ضد سياسات النظام الحالي، وتحديداً يد البطش المتمثلة في وزارة الداخلية.

وأشار إلى أن هذا الحراك يؤشر إلى تزايد حالة الغضب في أوساط مؤيدي السيسي، وبالتالي يفقد الرجل معها كثيراً من شعبيته التي اكتسبها تحت دعوى إنقاذ مصر من الحرب الأهلية والإرهاب.

وشدد على أن الحركات والأحزاب استغلت عدم قدرة الأمن على التعرض لعمومية الأطباء رغم إغلاقها شارع قصر العيني، للظهور بقوة والتظاهر، نظراً لأن أي فعالية لهم سيكون مصيرها الفض.

بدوره، رأى عضو حركة الاشتراكيين الثوريين، محمد الشافعي، أن حراك الأطباء، يمكن البناء عليه في مختلف النقابات المهنية الأخرى، وتصعيد أزماتها مع الدولة والداخلية من خلال جمعيات عمومية طارئة.

وأضاف الشافعي لـ"العربي الجديد"، أن الأهم خلال الفترة الحالية هو انطلاق الفعاليات الفئوية والعمالية، والتي تكون عادة في مقدّمة الاحتجاجات ضد أي حاكم.

وأشار إلى أن الأزمات التي تشهدها مصر والاتجاه إلى إلغاء الدعم والخصخصة وغلاء الأسعار، ستؤدي في النهاية إلى إسقاط النظام الحالي، ولكن الأمر يحتاج وقتاً.

ورأى أن نظام السيسي يحاول كبت الحريات والتضييق على المعارضة، وبالتالي فإن الحركات الشبابية تنتظر المزيد من الحراك الفئوي والعمالي، ثم توسيع دائرة الغضب والاحتجاج تمهيداً لإسقاط النظام الحالي.

وخلص الشافعي إلى أن ممارسات وانتهاكات الداخلية والأجهزة الأمنية تساهم بشكل كبير في تزايد الحراك والغضب الشعبي ضدّ السيسي، وهو يدرك ذلك تماماً، ولكنه يريد كبت الحريات وإسكات أي صوت معارض، ولم يتعلم من تجارب سابقة.

المساهمون