فابيوس يغادر حكومة هولاند: مسار دبلوماسي بين النجاح والتذبذب

فابيوس يغادر حكومة هولاند: مسار دبلوماسي بين النجاح والتذبذب

10 فبراير 2016
لوران فابيوس يغادر سفينة الحكومة الفرنسية (فرانس برس)
+ الخط -
كما كان متوقعاً منذ بضعة أسابيع، أعلن الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، اليوم الأربعاء، تعيين وزير الخارجية لوران فابيوس رئيساً للمجلس الدستوري، خلفاً للرئيس المنتهية ولايته جون لوي دوبريه.

ويعتبر المجلس الدستوري أعلى هيئة سياسية وقضائية في فرنسا، مكلفة بتطبيق الدستور وتشريع القرارات الحكومية تجاه احترامها لمبادئه، ويتكون من 9 أعضاء تدوم ولايتهم 9 سنوات كاملة، غير قابلة للتجديد، ويتم تعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية.

وكان فابيوس (69) أعلن مغادرته الحكومة بشكل رسمي، في وقت سابق من صباح اليوم الأربعاء، في لقاء مع مجموعة من ممثلي وسائل الإعلام الفرنسية.

واعتبر فابيوس أنه بعد ثلاث سنوات ونصف على رأس الخارجية والتنمية الدولية، يغادر "مع الإحساس بأنه قام بواجبه على أحسن وجه". وأكد أن ولايته على رأس الخارجية توّجت "بالمساهمة في إنجاز معاهدتين دوليتين كبيرتين"، وذلك في إشارة إلى الاتفاق النووي الإيراني والقمة الدولية للمناخ.

وشهدت ولاية فابيوس في الخارجية، منذ تعيينه عام 2012، تحديات كبيرة. ولعل إنجازه الأبرز تمثل في التنظيم الناجح للقمة الدولية حول المناخ التي احتضنتها باريس الشهر الماضي، رغم الأجواء القاتمة والتهديدات الخطيرة التي أسفرت عنها اعتداءات الجمعة السوداء في نوفمبر الماضي.

اقرأ أيضاً: التعديل الدستوري الفرنسي: مرور سهل للطوارئ وحسم الجنسية اليوم

ورغم أنه سيغادر الخارجية، فقد أعلن أنه سيحتفظ بمكتب صغير فيها ليواصل مهامه كرئيس للقمة الدولية للمناخ. وأوضح في هذا الصدد "أنها مهمة شخصية وتطوعية، ولن يكون لها تأثير على واجباتي المستقبلية، لأنني انتُخبت من طرف 195 بلداً خلال القمة، ولن أمثل فرنسا في هذا المنصب".

في المقابل، شهد أداؤه في الأزمة السورية، حسب المراقبين، تذبذباً ملحوظاً. فبعد أن كان من أشد دعاة مبدأ "لا بشار ولا داعش" لسنوات عدة، اضطر فابيوس، تحت ضغط الأميركيين والروس، وأمام تداعيات اعتداءات باريس، إلى اعتبار الحرب ضد "داعش" أولوية قصوى، وتحول مبدأ رحيل الرئيس السوري بشار الأسد من شرط للمرحلة الانتقالية إلى هدف لها.

كما أن أداء فابيوس، خلال المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، جر عليه العديد من التساؤلات. فبعد أن كان يمثل الجناح المتشدد الذي يطالب بسقف عال من الضمانات "التركيعية" من طرف طهران، قبل التوقيع على الاتفاق، اضطر في نهاية المطاف، إلى القبول به، بعد أن وضعت الولايات المتحدة الأميركية كل ثقلها لإنجاحه، رغم التحفظات الفرنسية.

اقرأ أيضاً: الجيش الفرنسي... استنزاف وإنهاك في جبهات متعددة

إلى ذلك، ظل أداء الخارجية الفرنسية في القارة الأفريقية غائباً، لأن الرئيس هولاند منح وزير الدفاع القوي، جان ايف لودريان، كل الصلاحيات في هذه المنطقة، إذ إن كل القنوات الدبلوماسية في القارة السمراء تمر عبر مكتب وزير الدفاع الذي يشرف على الحرب "ضد الإرهاب" في منطقة الساحل، ويرتب العلاقات بين باريس وعواصم الدول الأفريقية المعنية بهذه الحرب، من دون المرور عبر بوابة وزارة الخارجية.

وكان من اللافت، أن فابيوس، في الأيام الأخيرة، رغم أنه على دراية بمغادرته الوشيكة للخارجية، أطلق تصريحات مفاجئة ومثيرة للجدل. آخرها نفيه من روما، في 2 فبراير/شباط الجاري، على هامش اجتماع لوزراء خارجية دول التحالف الغربي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، عن عدم نية فرنسا المشاركة في أي تدخل عسكري غربي ضد تنظيم "داعش" في ليبيا، رغم أن كل المؤشرات تدل على عكس ذلك.

كما أن إعلانه، نهاية الشهر الماضي، عن مبادرة فرنسية قديمة لإحياء مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتهديده بالاعتراف بفلسطين في حال عرقلت إسرائيل هذه المبادرة، خلق الكثير من الارتباك على المستوى الحكومي.         

وتعرض فابيوس للكثير من التساؤلات بخصوص حالته الصحية، عندما تعرض لوعكة صحية مفاجئة خلال زيارته براغ، في أغسطس/آب الماضي، وتحدثت بعض المصادر حينها عن احتمال إصابته بمرض "باركينسون"، لكن وزير الخارجية المستقيل، نفى ذلك، واعتبر أن فقدانه المفاجئ للوعي أثناء تلك الزيارة كان سببه "نوبة إنفلونزا حادة".

وبعد مغادرة فابيوس الخارجية الفرنسية، تروّج تكهنات متضاربة عن أسماء مرشحة لتقلد منصب رأس الدبلوماسية الفرنسية، ومن أبرزها سيغولين روايال، وزيرة البيئة في التشكيلة الحكومية الحالية.

كما أن هناك من يتحدث عن وزيرة العدل السابقة ورئيسة لجنة الخارجية في مجلس النواب، إليزابيت غيغو، التي تبدو حظوظها وافرة، نظراً لتجربتها الراسخة في العمل الحكومي، واطلاعها على الملفات الرئيسية للدبلوماسية الفرنسية، فضلاً عن علاقتها الوطيدة بالسلك الدبلوماسي وكبار الموظفين في وزارة الخارجية.

المساهمون