مسلسل استكمال الانقلاب على الثورة المصرية... والتضييق على مرسي

مسلسل استكمال الانقلاب على الثورة المصرية... والتضييق على مرسي

11 فبراير 2016
ضيّق المجلس العسكري على مرسي منذ انتخابه(محمود خالد/فرانس برس)
+ الخط -


مضت الشهور الأولى من عام 2012 في مصر، بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، فيما المجلس العسكري يحاول التملّص من تعهداته، بينما كان مجلس الشعب يصدر تشريعات لضبط وتيرة الانتخابات الرئاسية والتأكد من عدم التلاعب بها، كإلزام رؤساء اللجان الفرعية بفرز الأوراق داخل اللجان. وبعد انطلاق الانتخابات الرئاسية وفي ظل تصاعد فرص فوز الرئيس المعزول محمد مرسي، وصل قطار الثورة المضادة إلى محطة جديدة بإصدار الإعلان الدستوري المكمّل في 17 يونيو/حزيران 2012.

تكامل هذا الإعلان الدستوري مع حكم حل مجلس الشعب الصادر قبل أيام، فنصّب المجلس العسكري نفسه من خلاله سلطة تشريعية لها كامل الحق في إصدار القوانين والاعتراض عليها في ظل وجود الرئيس المنتخب الذي سيعلن اسمه بعد أيام قليلة، وذلك خروجاً عن جميع الأعراف والنظم الدستورية العالمية.

كما منح المجلس العسكري نفسه حصانة قانونية باستمرار أعضائه في مواقعهم، خشية الإطاحة بهم فور مجيء الرئيس المنتخب، ونصبوا أنفسهم ومعهم المحكمة الدستورية الموالية لهم سياسياً كسلطة يمكنها الاعتراض على مشروع الدستور الذي ستنتجه الجمعية التأسيسية التي شُكّلت مرتين في ظرف 4 أشهر.

وقد ظهر المجلس العسكري في هذه المحطة راغباً بقوة في الاستمرار بالحكم وتكبيل سلطات رئيس الجمهورية والتضييق عليه فور انتخابه، علماً بأن المؤشرات الحقيقية في دوائر السلطة كانت تكشف بوضوح عن فوز مرسي وخسارة منافسه أحمد شفيق ممثل نظام مبارك، والذي حاول المجلس العسكري تقديم خدمات عديدة له خلال العملية الانتخابية مثل تمديد التصويت في بعض اللجان وإثارة القلاقل في دوائر ذات أغلبية مسيحية.

اقرأ أيضاً: في ذكرى 25 يناير: رجال مبارك ومؤسساته يتصدرون المشهد

وعلى الرغم من كل الظروف المعاكسة، صعد مرسي إلى سدة الحكم بالدولة، ووصل ممثّل "الإخوان المسلمون"، أبرز خصم سياسي للنظام العسكري منذ 60 عاماً، إلى مقعد الحكم في الدولة، وهو ما لم تتحمّله دوائر هذا النظام، وخصوصاً المجلس العسكري الذي كان يطمح في أن تسير الفترة الانتقالية على نحو مغاير، وأن تنتهي بالقضاء على الثورة.

بعد أيام من تولي مرسي الرئاسة، اصطدم بمحطة جديدة للثورة المضادة، فقد كان يرغب في إعادة الأمور إلى نصابها وتولي مجلس الشعب المنتخب سلطة التشريع بدلاً من المجلس العسكري الذي منح نفسه سلطة ليست من حقه بواسطة إعلان أصدره بنفسه، فأصدر مرسي قراره بعودة مجلس الشعب مؤقتاً للانعقاد والبدء في تنفيذ مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا بحل المجلس من خلال تعديل قانون الانتخاب. إلا أن المحكمة الدستورية عبّرت عن موقف مضاد لـ"الإخوان"، وألغت قرار مرسي بعد 24 ساعة من صدوره، في سابقة هي الأولى من نوعها، وذلك على الرغم من اتفاق الفقهاء على خطأ حكمها بحل مجلس الشعب، لعدم اقتصاره على بطلان انتخاب الثلث الفردي فقط.

ثم جاءت محطة أخرى للثورة المضادة، بدت كأنها هزيمة لقوى الثورة المضادة، إلا أن الأحداث التي حملتها الشهور التالية أثبتت العكس. هي محطة الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في 12 أغسطس/آب 2012 للإطاحة بأبرز اثنين في المجلس العسكري كانا يُظهران للجميع طموحهما للسلطة، وهما المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان، والأخير كان يفكر في خوض الانتخابات الرئاسية إلا أنه تخوّف من إمكانية سقوطه بعدما علم أن الترشح يقتضي الاستقالة من الجيش، فآثر البقاء في منصبه العسكري كرئيس لأركان حرب القوات المسلحة.

وتبرز في هذا السياق عدة وقائع، أولها أن طنطاوي وعنان لم يكونا على وفاق، بل إنهما كانا على خلاف دائم منذ عهد حسني مبارك، الذي كان يتردد في الكواليس أنه اختار عنان لهذا المنصب بضغوط أميركية نتيجة صداقات الأخير بشخصيات بارزة في واشنطن، كما أن الرجلين كانا يتبادلان "الضرب من تحت الحزام" خلال الفترة الانتقالية، وكان لكل منهما وسائل إعلام تشن حملات على الآخر.

أما الأمر الثاني فهو أن عنان كان يطمح لخلافة طنطاوي في وزارة الدفاع، وأنه قدّم نفسه على هذا الأساس لمرسي محاولاً التقرّب منه، وهو ما علم به طنطاوي قبل هذا التاريخ بأيام. فيما الأمر الثالث هو أن طنطاوي وعنان لم يكونا يعرفان هوية الشخص الذي اختاره مرسي لوزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة، وأن اختيار عبدالفتاح السيسي لاقى ترحيباً من طنطاوي، فهو أحد أعضاء المجلس العسكري المقربين منه وكان هو من اختار السيسي مديراً للاستخبارات الحربية، بينما أثار هذا الاختيار غضب عنان لوجود خلافات قديمة بينه وبين السيسي.

التنسيق الذي بدأ بين السيسي وطنطاوي منذ ذلك اليوم، هو ما حوّله من انتصار على الثورة المضادة إلى حلقة جديدة من سلسلة نفذها الرجلان لترسيخ نفوذ تلك الثورة المضادة.

اقرأ أيضاً: شباب الثورة المصرية... مُطَارَدون أو خلف القضبان

المساهمون